في رحاب تفسير آيات القران المجيد (32)
قال تعالى (وإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ ورَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ واذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ،ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُه لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ ) سورة البقرة الاية 63 ،64 .
في الايتين عدة مطالب نتعرض لها
الاول : ما هو الميثاق
الميثاق الذي اخذ على بني اسرائيل هو العهد بان يعملوا باحكام الشريعة التي جاء بها موسى عليه السلام ،ولكن هؤلاء نقضوا العهد والميثاق ،ولذلك لما نقضوه رفع الله الجبل فوقهم فتابوا ورجعوا ،ولكن هؤلاء طبيعتهم التمرد وهذا هو حال الانسان مع وجود الايات ولكنه سريع التمرد والنسيان والتغافل وعدم العمل بالاحكام لالهية .
قال الطبري :الميثاق الذي أخبر جل ثناؤه أنه أخذ منهم في قوله : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا ) ([1]). الآيات التي ذكر معها . وكان سبب أخذ الميثاق عليهم ([2]).
الثاني : غاية العمل بالاحكام الالهية التقوى
لو راجعنا كل الاحكام الالهية نرى ان غاية الاحكام الالهية من الصوم والصلاة والمعروف والحج والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والخمس والزكاة وصول الانسان الى التقوى وخير الزاد التقوى .
قال تعالى( ََوانَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ([3]).
وقال تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ([4]).
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ([5]).
الثالث: طبيعة الانسان الاعراض عن العمل باحكام الشريعة
الانسان بشكل عام الا ما رحم ربي طبيعة معقدة ، فعدم التربية الاسرية وكذلك عدم اهتمام الانسان بنفسه وترويضها وتربيتها بشكل صحيح يؤدي الى رفض العمل بالاحكام الالهية ،فحتى يمكن لهذا الانسان ان يسلم للاحكام الالهية عليه ان يفهم الاحكام ويتيقن انها في فائدته ثم يروض نفسه عليها تدريجا ، والخطاب وان كان لبني اسرائيل ولكنه يجري على هذه الامة كما قال النبي صلى الله عليه واله : يكون في هذه الأمة كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل و [ حذو ] القذة بالقذة ) ([6]).
الرابع: رحمة الله وفضله مستمرة على الناس رغم المعاصي
على الرغم من المعاصي والبعد عن الله تبارك وتعالى ولكن تبقى رحمة الله وفضله على الناس جميعا فهو يرحمهم برحمته الواسعة التي وسعت كل شيء ولا يؤاخذهم سريعا على ما يفعلون ويرتكبون من الذنوب والمعاصي ليلا ونهارا سرا وجهرا ؟ والا فلو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ومعاصيهم ما ترك على الارض ديارا ، ولذلك الله يعطي للإنسان فرص كثيرة للرجوع والعودة والتوبه لعل وعسى يرعوي هذا الانسان ويعود اليه ويعمل باحكامه التي وجدت من اجله ،كما قال : ( تعالى وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ([7]).
___________________________________________
([2])تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر (الطبري، أبو جعفر) ، ج 2 ، ص 156 .
([3]) سورة الانعام : الاية 153 .
([4]) سورة البقرة : الاية : 179 .
([5]) سورة البقرة : الاية : 183 .
([6]) من لا يحضره الفقيه : الشيخ الصدوق : ج1 ، ص203 .
([7]) سورة فاطر : الاية 45 .
528 total views, 1 views today