سرخط خبرها
خانه / نصوص و مقالات / المقالات السیاسیة / سر خلود الامام الحسين عليه السلام وثورة عاشوراء

سر خلود الامام الحسين عليه السلام وثورة عاشوراء

سر خلود الامام الحسين عليه السلام وثورة عاشوراء

الخلود هو الدوام والبَقاء والاستمرار ، وعادة الخلود يطلق على عالم الاخرة  ولكن مجازا يطلق على الاشياء التي تبقى لفترة طويلة في  عالم الدنيا دون ان تنسى وتمحى من الذاكرة وهكذا هي ثورة الامام الحسين عليه السلام فهي رغم عدم انتصار الثورة في ساحة المعركة وعدم استلام الامام الحسين عليه السلام زمام الحكم والسلطة والدولة لكن لهذه الثورة انتصار من نوع خاص وهو خلودها  في التاريخ وبقائها في النفوس حتى صارت منارا لكل الثائرين في الحياة على مدة التاريخ .

نعم حدثت ثورات كثيرة في التاريخ ومرت شخصيات كثيرة ولكن لم يكتب لها الخلود والبقاء مثل ما بقيت لثورة الحسين وللامام الحسين عليه السلام ، فما سر خلود ثورة الامام الحسين وخلود  في الدعور والعصور ….يمكن القول هناك عناصر مهمة اسهمت في خلود الثورة ومنها ……

1- القيادة الالهية المتمثلة بالامام الحسين عليه السلام.

 “إن الحسين(ع) مصباح الهدى وسفينة النجاة” كما ورد عن رسول الله ’ وهو الانسان الكامل والمعصوم والمنصب من قبل الله تعالى واحد الائمة الذين اذهب الله عنهم الرجس باية التطهير كما في قوله تعالى ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ([1]). فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ‌ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي خَمْسَةٍ فَقَرَأَهَا وَ سَمَّاهُمْ‌ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فِي رَسُولِ اللَّهِ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ) ([2]).

 ومن الذين قال النبي صلى الله عليه واله فيهم اني تارك فيكم الثقلين كما عن زيد بن أرقم قال: (ثم قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي…) ([3]).

2-  الاهداف الالهية التي تحملها حركة الامام الحسين  .

يمكن معرفة الاهداف الالهية من خلال وصية الامام الحسين عليه السلام لاخيه محمد بن الحنفية .  كتب  عليه السلام: ( بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، هذا ما أوصى‌ بِهِ الحُسَينُ بنُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ لأَِخيهِ مُحَمَّدِ ابنِ الحَنَفِيَّةِ المَعروفِ وَلَدِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام : إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ يَشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ ، جاءَ بِالحَقِّ مِن عِندِهِ ، وأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ ، وَالنّارَ حَقٌّ . وأنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيبَ فيها ، وأنَّ اللَّهَ يَبعَثُ مَن فِي القُبورِ ، >وأنّي لَم أخرُج أشِراً([4]). لا بَطِراً([5]). ، ولا مُفسِداً ولا ظالِماً ، وإنَّما خَرَجتُ لِطَلَبِ النَّجاحِ وَالصَّلاحِ في اُمَّةِ جَدّي مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، اُريدُ أن آمُرَ بِالمَعروفِ وأنهى‌ عَنِ المُنكَرِ ، وأسيرَ بِسيرَةِ جَدّي مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، وسيرَةِ أبي عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ … فَمَن قَبِلَني بِقَبولِ الحَقِّ فَاللَّهُ أولى‌ بِالحَقِّ ، ومَن رَدَّ عَلَيَّ هذا أصبِرُ حَتّى‌ يَقضِيَ اللَّهُ بَيني وبَينَ القَومِ بِالحَقِّ ، ويَحكُمَ بَيني وبَينَهُم بِالحَقِّ ، وهُوَ خَيرُ الحاكِمينَ ، هذِهِ وَصِيَّتي إلَيكَ يا أخي ، وما تَوفيقي إلّا بِاللَّهِ ، عَلَيهِ<([6]).

3- الاهداف الانسانية .

الاهداف الانسانية في ثورة الحسين عليه السلام فهي ثورة ضد الظلم والفساد والانحراف الذي يمارسه الحاكم الفاسد المستبد والجاهل وهو عليه السلام الاحق بان يغير في واقع المجتمع الانساني ولذلك قال عليه السلام (  وعلى الاسلام السلام إذ قد بليت الامة براع مثل يزيد  ([7]).

وقال عليه السلام :  أنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا ختم ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله([8]) .

4- ان حركة الامام الحسين كانت من اجل احياء الدين

 ومن اسرار خلود ثورة الامام الحسين عليه السلام ان حركته كانت من اجل ايحاء الدين وإماتة البدعة, وتفظيع أعمال المناوئين، وتفهيم الأمة أنهم (ع) أحق بالخلافة من غيرهم ومن اجل تحرير الانسان من العبودية ومن اجل وضع منهاج للثورة ضد طغاة الامة الذين يستولون على الامة ….

 لذلك قال الامام الحسين عليه السلام : (من لحق بنا استشهد ومن لم يلحق لم يدرك الفتح) ([9]).

وهنا المراد بالفتح (انا فتحنا لك فتحا مبينا ) وهو عزة الاسلام وبقائه في المجتمع الاسلامي وازالة ما يمكن ان يطيح بالدين والقيم والشريعة ،وهذا معنى كلمة الإمام زين العابدين (ع) لإبراهيم بن طلحة بن عبيد الله لما قال له حين رجوعه إلى المدينة: من الغالب ؟ فقال السجاد (ع): إذا دخل وقت الصلاة فأذن وأقم تعرف الغالب) ([10]). وهذا هو مفهوم النصر فليس النصر محصورا بالانتصار العسكري في ميدان المواجهة  بل النصر هو بقاء القيم والدين باي طريقة حصلت وهنا انتصر الدم على السيف .

 5- الحسين عليه السلام اعطى كل شيء لله تعالى  

الخلود في التاريخ لا يعطى مجانا لكل احد من الناس ، فالذين يخلدون في التاريخ والحياة هم العظماء لانهم عرفوا الله تعالى وعرفوا ان العطاء لله الخالص وحده هو الباقي ، هم عندما اعطوا لله تعالى كل شيء لم يطلبوا الخلود او يطلبوا عوضا عن عطائهم انما كان عطائهم لله خالصا ، فسر بقاء ثورة عاشوراء وبقاء الحسين عليه السلام هو العطاء التام والكامل مع الاخلاص لوجه الله تعالى، ولكن الله تعالى وضمن قوانينه ان من يعطي لله تعالى فان عطاء الله له غير محدود.

 لذلك ايها الانسان تعلم من الحسين عليه السلام ان تعطي لله تعالى وحده  ، فالآخر مهما اعطيته قد لا يعطيك مثل ما اعطيته وقد يرجع عليك بالاذى ، ولكن العطاء لله تعالى وحده هو الذي يرجع عليك بعطاء اعظم واكبر في الدنيا والاخرة

6– ارادة الله تعالى بقاء الثورة  

بالاضافة الى ما تقدم من اسرار خلود ثورة الامام الحسين عليه السلام فاني اعتقد ان هناك ارادة الهية ومشيئة ربانية ان تبقى ثورة الامام الحسين عليه السلام حية في الامة الاسلامية وتبقى هذه الثورة حجة على المجتمع الاسلامي من اجل اخذ الدروس والعبر منها كما ان الله حافظ على القرآن الكريم من التزوير والتحريف حافظ على ثورة الامام الحسين عليه السلام من الزوال والاضمحلال ، وكما ان حركة الحسين كانت ضمن مشيئة الهية (شاء الله ان يراني قتيلا، وشاء الله ان يراهن  سبايا) كذلك مشيئة الله تعالى ان تبقى هذه الثورة خالدة عبر العصور ، ولاجل ذلك راينا كم من الظالمين ارادوا محو ذكر الحسين عليه السلام ولكن الله محاهم وهذا سر كلمة السيدة الحوراء زينب عليها السلام في مجلس يزيد عندما قالت  :  فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم يناد المناد ألا لعنة الله على الظالمين، فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة([11])

 7- مأساة الحسين يوم عاشوراء تستدعي بقائها وخلودها   

يقول أحد الخطباء : كنّا نقيم مجالس العزاء على الحسين عليه السلام في بلد أجنبي في صالة نستأجرها كلّ عام ، فسألني أحد الأشخاص المسيحيين قائلاً : انّكم تأتون إلى هذه الصالة ، وتستأجرونها سنويّاً لتبكوا ، في حين انّ الآخرين يستأجرونها لإقامة مجالس الأعراس والأفراح ، فلماذا تفعلون ذلك ؟. فقلت له : لأنّنا في عزاء ، فقال: عزاء من ؟ فقلت : عزاء سيّدنا وإمامنا وقائدنا. فقال لي : متى أصيب وكيف ؟ فقلت : قبل ألف وأربعمائة عام. فتعجّب من ذلك ، وأصابته الدهشة لأنّنا مازلنا نبكي على رجل مات قبل مئات السنين. فقلت له : إنّ مقتله لم يكن عادياً ، فلقد قتل مظلوماً وبشكل مأساوي بعد أن دعاه الناس ، ووعدوه بالنصرة ، فإذا بهم يخذلونه ، ويسلّمونه للأعداء ، ويحيطون به في صحراء قاحلة حيث لا ماء ولا طعام ، وحتى طفله الرضيع لم يسقوه شربة من الماء بل رموه بدلاً من ذلك بسهم قاتل !

يقول الخطيب : وبعد ان شرحت للرجل المسيحي سبب بكائنا على الإمام الحسين عليه السلام إذا به يجهش بالبكاء ، وتتقاطر دموعه ، ويظهر تعاطفه معنا ، ثمّ طلب منّا ان نسمح له بأن يشاركنا في العزاء على أبي عبد الله عليه السلام.

__________________________________________________

([1]) سورة الاحزاب : الاية 33 .

([2]) شواهد التنزيل لقواعد التفضيل المؤلف : الحاكم الحسكاني    الجزء : 2  صفحة : 40

([3]) صحيح مسلم ،  ج7  ، ص123  ،  دار الفكر بيروت .

([4])الفتوح لابن اعثم المؤلف : ابن أَعْثَم    الجزء : 5  صفحة : 21

([5])الأشِرُ : الفَرِحُ البَطِر ، كأنّه يريد كفران النعمة وعدم شكرها (مجمع البحرين : ج 1 ص 50 «أشر») .

([6]) البَطَرُ : الطُغيان عند النعمة وطول الغنى (لسان العرب : ج 4 ص 69 «بطر») .

([7])معالم المدرستين المؤلف : العسكري، السيد مرتضى    الجزء : 3  صفحة : 302

([8])أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 576

([9])كامل الزيارات – جعفر بن محمد بن قولويه – الصفحة ١٥٧

([10])الأمالي – الشيخ الطوسي – الصفحة ٦٧٧

([11])بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٤٥ – الصفحة ١٣٥

 218 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

هل المسلمون والعرب يعادون اليهود ام ان اليهود يعادون العرب والمسلمين

على كل مؤمن ومسلم ان يدافع عن دينه وقيمه ومبادئه و عزته وكرامته امام اطماع وفساد وعداوة وكراهية اليهود والصهاينة وعليهم ان يتركوا هذه الشبهات والاشكالات التي يثيرها الاعداء والتي هم السبب في وجودها ثم هولاء حتى لو تركتهم فهم لا يتركونك بل هم ماضون في تحقيق اهدافهم واطماعهم وعلى المؤمنين والمسلمين ان يتحدوا ويتعاونوا من اجل الوقوف امام الصهاينة ويتركوا خلافاتهم فان الخلافات هي التي يستفيد منها الاعداء ....     

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *