قال تعالى: ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ، قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ )سورة آل عمران ،الاية 12 ،13.

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (8)

قال تعالى: ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ، قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ )سورة آل عمران ،الاية 12 ،13.

 نتعرض في هذه الاية  الى مطالب عدة

المطلب الاول : السنة الالهية في خذلان الباطل     

من السنن الالهية في الارض ان الباطل ومهما تمدد في الارض وكثر انصاره وامواله ولكن يأتي اليوم الذي يزول ويذهب الى مزبلة التاريخ ، لذلك على الكافرين واتباعهم ان يراجعوا انفسهم من اجل ان يستفيدوا من هذه الحياة للحياة الاخرى ولا تأخذهم العزة بالإثم .

وفي سبب النزول كما عن ابن عباس قال، لما أصاب رسولُ الله ’ قريشًا يوم بدْر فقدم المدينة، جمع يهودَ في سوق بني قَينُقاع. فقال: يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشًا! فقالوا: يا محمد، لا تغرّنك نفسك أنك قتلتَ نفرًا من قريش كانوا أغمارًا لا يعرفون القتال،إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تأت مثلنا!! فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم:”قلْ للذين كفروا ستغلبون ….. ^([1]).

المطلب الثاني : الاخبار بالغيب

الاية الكريمة > ستغلبون …< تخبر عن قضية مستقبلية  لم تتحقق بعد وبعد ذلك تحققت ، والقران الكريم فيه الكثير من الاخبار الغيبية التي تحققت وقد يكون من الايات لم تتحقق  بعد الا في ظرفها وزمانها ، والاية نظير قَوْلُهُ تَعالى: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ في أدْنى الأرْضِ وهم مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾^([2]) ، ونَظِيرُهُ في حَقِّ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿وأُنَبِّئُكم بِما تَأْكُلُونَ وما تَدَّخِرُونَ في بُيُوتِكُمْ﴾^([3]). وتعتبر هذه الايات من الاعجاز في القران الكريم .

المطلب الثالث : المدد الالهي لنصرة المؤمنين

الله تعالى بيد ملكوت السموات والارض قادر على كل شيء قدير لا عجز في ساحته المقدسة فهو يمد بعطائه من يشاء ولكن بشرط ان تتوفر المقدمات لذلك، ففي هذه الاية المباركة :> قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ < بين الله تعالى ان العدو رأى المسلمين اضعاف عددهم ولذلك هابهم وراعهم وكان النصر حليف المؤمنين لانهم صبروا وتوكلوا على الله تعالى وفوضوا امرهم الى الله تعالى وكان هذا مددا الهيا واعجازا ظاهرا . لذلك قال تعالى >وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ <

المطلب الرابع : العبرة يستفيد منها العقلاء  

العقلاء هم من يستفيد من العبرة والعظة والموقف والاشياء التي يشاهدونها في طريقهم ،ولذلك فهم يراجعون انفسهم من اجل التقويم والاستقامة في الحياة لئلا يعيشوا الغفلة والنسيان لذلك قال تعالى > إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ <.

عن علي (عليه السلام): من كانت له فكرة فله في كل شئ عبرة([4]).

وعن الإمام الكاظم (عليه السلام) – في كتابه إلى هارون الرشيد، لما طلب منه الموعظة -: ما من شئ تراه عينيك إلا وفيه موعظة^([5]).

__________________________________________

([1])تفسير ابن كثير (ابن كثير) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 358

([2])  [الروم: ٢] الآيَةَ

([3])[آل عمران: ٤٩] .

([4])ميزان الحكمة المؤلف : المحمدي الري شهري، الشيخ محمد    الجزء : 4  صفحة : 3576

([5])ميزان الحكمة المؤلف : المحمدي الري شهري، الشيخ محمد    الجزء : 4  صفحة : 3576