سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة ال عمران / قال تعالى:(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)سورة آل عمران ،الاية (9)

قال تعالى:(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)سورة آل عمران ،الاية (9)

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (6)

قال تعالى:(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)سورة آل عمران ،الاية (9)

 نتعرض في هذه الاية  الى مطالب عدة

المطلب الاول : عالم الاخرة لا ريب فيه

الراسخون في العلم قد تحقق عندهم عالم الاخرة وعالم ما بعد هذه الحياة الدنيا ، فهم قد تيقنوا  ان الغاية امامهم كما قال امير المؤمنين × :>فَإِنَّ الْغَايَةَ أَمَامَكُمْ وإِنَّ وَرَاءَكُمُ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ – تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ <([1]) . فهم لولا الاجل الذي كتب الله لهم لم تستقر ارواحهم في ابدانهم طرفة عين ،ولذلك قد عملوا بكل ما يستطيعون من اجل ذلك العالم لانه العالم الثابت والدائم والمستقر والذي لا ريب فيه والذي سوف توفى فيه كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون .

قال القرطبي :>أي باعثهم ومحييهم بعد تفرقهم ، وفي هذا إقرار بالبعث ليوم القيامة . قال الزجاج : هذا هو التأويل الذي علمه الراسخون وأقروا به ، وخالف الذين اتبعوا ما تشابه عليهم من أمر البعث حتى أنكروه <([2]) .

المطلب الثاني : حرص الناس على الدنيا مع علمهم بالاخرة

هناك فرق بين العلم بالمعلوم والايمان بالمعلوم ، فقد يكون لدى الانسان العلم بالمعلوم ولكن قد يغفل عن المعلوم وذلك لان هذه المعلوم لم يترسخ في القلب حتى يتمظهر بواقعه وسلوكه في حركة الحياة، وانما المعلوم باقي في الذهن فقط ؟ وانما يكون لهذا المعلوم ثمار وفائدة  اذا نزل المعلوم من الذهن الى القلب عندها سوف يكون لهذا المعلوم واقع في سلوك الانسان في حركة الحياة .

 وعلى هذا فالغفلة قد تجامع المعلوم في الذهن ولا اشكال في ذلك لان الذهن حافظ للصور والمعلومات وليس محركا للصور ؟ومن هنا تجد اكثر الناس وان كانوا يعلمون بعالم الاخرة ولكنهم يغفلون عنها ويسعون الى الدنيا ،بخلاف الانسان الذي امن بعالم الاخرة في قلبه فان صورة الاخرة نزلت من الذهن الى القلب وعندما تنزل الصورة من الذهن الى القلب لا يمكن زوالها بل يصعب زوالها لانها اصبحت كجزء من واقع الانسان ،واذا صارت جزء من واقع الانسان فانه يتحرك ضمن واقع هذه الصورة ،وهذا معنى الايمان الذي وصفه الامام علي بْنُ أَبِي طَالِبٍ× حيث ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ’ >الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ‌ بِالْأَرْكَانِ‌<([3])  

  وهذا في حياتنا موجود ، فالانسان مرة يجعل الصورة فقط في ذهنه ومرة يجعل الصورة في قلبه ،فان وضع الشيء في قلبه فانه لا ينسى هذه الصورة ابدا ، بخلاف ما اذا وضعها في ذهنه فانه قد يلتفت اليها وقد لا يلتفت اليها ،بل حتى اذا التفت اليها فانه لا يعتني بها ،وهذا معنى الفغلة

ولذلك اذا اراد الانسان ان لا يغفل عن عالم الاخرة ويسعى من اجل عالم الاخرة عليه ان يحول المعلوم الذهني الى واقع في قلبه لكي تكون حركته موافقة لحركة الانبياء والاولياء في الارض .

 لذلك ورد في الحديث عن النبي الاكرم ’ انه قال ان البهائم لو تعلم ما تعلمون من الاخرة لما اكلتم سمينا وذلك لان الانسان مع علمه بعالم الاخرة ولكنه بقى يعلم بالاخرة بما هي معلومة ولم ينزل هذه المعلوم الى قلبه حتى يتعامل معها بما تستحق منه في سلوكه في الحياة . قال ’ :> لَوْ نَظَرْتُمْ إِلَى الْأَجَلِ وَ مَسِيرِهِ لَأَبْغَضْتُمُ الْأَمَلَ وَ غُرُورَهُ إِنَّ لِكُلِّ سَاعٍ غَايَةً وَ غَايَةُ كُلِّ سَاعٍ الْمَوْتُ لَوْ تَعْلَمُ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْلَمُونَ مَا أَكَلْتُمْ سَمِيناً<([4]) .

المطلب الثالث : الفرق بين الوعد والوعيد 

الوعد الالهي ناجز وهو قيام الله تعالى بمحاسبة الناس واقامة القسط والعدل واعطاء كل ذي حق حقه في عالم الاخرة ولا يمكن خلفه باي حال من الاحوال لان الله تعالى هو الخالق والمالك وهو الصادق .ووعد الله ناجز بان يدخل الذين امنوا وعملوا الصالحات في رضوانه وجنته كما قال:>إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ ،خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ<([5]) .

قال البلاغي :> إِنَّ اللَّه لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ ، وعدل من الضمير الى الظاهر لأنّ لفظ الجلالة فيه اشارة الى الإلهية وكمالها وقدسها فكأنه احتجاج على عدم الخلف للميعاد بمعنى أن الإله يجلّ عن ذلك فلنا اليقين والثقة التامة بما وعد من المعاد والجزاء.<([6]) .

ولكن قد وقع الاشكال بين الاعلام هل ان الله تعالى عندما اوعد الفاسقين بالنار واليم العذاب هل سوف ينجز ذلك ام يمكن العفو عن بعض الناس الذين ارتكبوا السيئات في عالم الدنيا .

قد يقال بان خلف الوعيد لا مانع منه في نفسه لانه تفضل وكرم منه تعالى بل هو ممدوح وانما القبيح هو خلف الوعد .كما قال الشاعر :

إذا وعد السراء أنجز وعده     وإن وعد الضراء فالعفو مانعه

وقال اخر :

وإنّي إذا أوعدتـه أو وعدتـه * لمخلف إيعادي و منجز موعدي

وعن رسولُ اللّه ِ ’ : > مَن وَعَدَهُ اللّه ُ عَلى عَمَلٍ ثَوابا فَهُوَ مُنجِزٌ لَهُ، و مَن أوعَدَهُ عَلى عَمَلٍ عِقابا فهُوَ بِالخِيار.<([7]) .

وقال الشيخ الصدوق  :>اعتقادنا في الوعد والوعيد أن من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ، ومن أوعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار ، فإن عذبه فبعدله ، وإن عفا عنه فبفضله ، وما الله بظلام للعبيد <([8]) .

___________________________________________

([1])  نهج البلاغة ،  خطب الإمام علي ( ع ) ( تحقيق صالح ) ، ص62  .

([2]) تفسير القرطبي ، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ، ج4 ، ص21 .

([3])  عيون أخبار الرضا(ع) ،الشيخ الصدوق ،ج 1  ،ص 228

([4]) سلوة الحزين ، القطب الراوندي ،ج 1،ص 236 .

([5]) سورة لقمان ، الاية 8 ،9 .

([6])  آلاء الرحمن في تفسير القرآن ، محمد جواد البلاغي النجفي ، ج1 ، ص259 .

([7])    ميزان الحكمه المؤلف : محمد محمدی ری شهری    الجزء : 7  صفحة : 487

([8])  الاعتقادات في دين الإمامية ، الشيخ الصدوق ، ص67 .

 

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَـواتِ وَمَا فِي الأرضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ

المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (17)  قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا ...

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *