سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة ال عمران / سورة ال عمران الاية من (35ـ37).

سورة ال عمران الاية من (35ـ37).

  المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (18)

قال تعالى : > إِذْ قَالَتِ امْرَأَة عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كالأنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ< سورة ال عمران الاية  (35ـ37).

 نتعرض في هذه الآيات  الى مطالب عدة .

المطلب الاول : من هي امرأة عمران

امرأة عمران كما في الروايات اسمها “حنة” وهي والدة مريم وجدة عيسى عليهما السلام ، والقرآن الكريم عندما يذكر هذه المرأة يذكرها باعتزاز وتقدير واحترام ، وهذا يدل على ان هذه المرأة كانت من النساء العارفات الصالحات العابدات في زمانها ، والدليل على ذلك انها ارادت ولدا صالحا يكون خادما في بيت من بيوت الله تعالى، وليس ملكا او وزيرا او تاجرا او طبيبا او مهندسا وما اشبه هذه الامور الفانية التي قد يتعلق بها الانسان او يراها من الامور المهمة في هذه الحياة الدنيا ، وقد علم الله تعالى صدقها واخلاصها فرزقها الولد الصالح ، ولكن بعد بنت صالحة طاهرة ، ولأجل نقول لا يشترط ان يكون الولد الصالح يأتي بشكل مباشر للداعي ، فقد يكون في ولد الولد او ابعد من ذلك كما في الحديث المروي عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: >إذا قلنا في رجل قولا، فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء<  ([1]).

المطلب الثاني : قبول نذر امرأة عمران

هذه المرأة الصالحة العارفة العابدة قيل انه توفى زوجها ([2]). وكانت حاملا وفي شريعتهم كانت المرأة يجوز لها ان تنذر ان يكون حملها خادما في الكنيسة ، وكانت حنة ترجو ان يكون حملها ذكرا ، فنذرت لله تعالى ان يكون ما في بطنها محررا ، أي خالصا لعبادة الله تعالى لا يشتغل بأي شغل من اشغال الدنيا، ثم بعد ان عقدت نذرها بقلبها المخلص الى الله تعالى توجهت الى الله تعالى تدعوه بإخلاص بان يقبل نذرها فقالت > فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ <. والله تعالى السامع لدعائها والعليم بنيتها .

المطلب الثالث : الانثى لا تصلح لخدمة الكنيسة .

كانت حنة ام مريم تعتقد او ترجو ان يكون حملها ذكرا من اجل ان يقوم بخدمة الكنيسة ، ولكن عندما وضعت حملها ورأته انثى بدأ عليها الاذى والانزعاج والحزن والغم> فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنثَى< فالمرأة لا تستطيع ان تقوم بالخدمة في الكنيسة كما هو الرجل لما يطرأ عليها من حالات النساء او من عدم القدرة على مخالطة الرجال ، ولاجل ذلك قالت > وَلَيْسَ الذَّكَرُ كالأنثَى<. ثم ان الله تعالى قال في جواب ام مريم ان الله تعالى اعلم بما وضعت> وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ < وهذه من الحقائق البديهية وهي علم الله منذ انعقاد النطفة ومراحل تكوين الجنين وليس خافيا على الله ذلك المولود الذي سوف يولد وهي انثى وليس ذكرا .

المطلب الرابع :  طلب ” حنة “حماية مريم من الشيطان .

لم تيأس  >حنة< بعد وضع ابنتها مريم من ان تكون مريم امرأة صالحة عابدة مطيعة لله تعالى حتى بعد ان عرفت ان ما وضعته من حمل كان انثى وليس ذكرا ، ولاجل ذلك سمت ابنتها مريم وهي في لغتهم تعني العابدة  . ولذلك طلبت من الله تعالى ان يحميها وذريتها ونسلها من تسويلات الشيطان الذي يجري من ابن ادم مجرى الدم من العروق لذلك قالت : وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .  وفي الحديث عن ابي هريرة أن النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” قال: (ما من مولود إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستدل صارخا من مس الشيطان إياه ، إلا مريم وابنها. وقيل: إنها استعاذت من إغواء الشيطان الرجيم إياها  ([3]).

المطلب الخامس : الله يهيأ الاجواء الطيبة لمريم

  بعد ان دعت ام مريم بان يبعد الله الشيطان عن مريم وذريتها ، نرى ان الله تعالى قد استجاب دعاء “حنة ” في مريم عليها السلام فقال تعالى ” فتقبلها ربها بقبول حسن ” ، ولأجل ذلك هيأ الله تعالى كل مقدمات الكمال والتربية لهذه الوليدة ، وهذه المقدمات هو النبات الحسن ماديا من حيث الطعام والشراب ، ومعنويا كالعفة والصلاح والعبادة والطاعة كما قال تعالى ” وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ” والمقدمة الاخرى التي تبلغ بها الكمال المعنوي هي التربية وقد تكفل بهذه التربية احد انبياء الله تعالى وهو زكريا عليه السلام “وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ” .

المطلب السادس : الله يظهر عظمة مريم في بيت زكريا

بعد ان عاشت هذه الوليدة الطاهرة العابدة العارفة الكاملة والتي كانت تقوم الليل وتصوم النهار والتي فاقت الاحبار في عبادتها وهي في سن مبكر عند بيت زكريا عليه السلام اخذ الله تعالى يظهر كرامة وجلالة وعظمة ومكانة ومنزلة مريم عليها السلام بما يعطيها ويرزقها من فضله بغير حساب بحيث تعجب زكريا من هذا الرزق الواصل الى مريم عليها السلام”فقد وجد زكريا عندها فاكهة في غير حينها، فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، غضا طريا “ ([4]). ولاجل ذلك قال تعالى” كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ” ، وهناك من المفسرين من قال ان الرزق هو العلم والصحائف([5]) .

المطلب السادس : اثر الدعاء الصادق

 اذا كان الاب صادقا في دعائه ، وكذلك الام كانت صادقة في دعائها وتضرعها الى الله تعالى في حفظ اولادهم من شر الشيطان ، فقد يحيطهم لطف الله تعالى ويهيأ لهم ما يقودهم الى الكمال والسعادة والنجاة في هذه الحياة والفوز في الاخرة ، ولأجل ذلك علينا ان نبتهل الى الله تعالى وندعوه ونتوسل اليه من اجل ان يأخذ بأيدينا وايدي اولادنا مما نخافه ونخشاه في حاضرنا ومستقبلنا فالله تعالى الحقيقة الوحيدة في هذا الكون التي يمكن للانسان ان يطمئن لها ويعتمد عليها في ازالة كل المخاوف التي تعترضه في هذه الحياة .” الحَمْدُ للهِ الَّذِي يُؤْمِنُ الخائِفِينَ، وَيُنَجِّي الصَّالِحِينَ”([6]) .

______________________________________

([1])الكافي – الشيخ الكليني – ج ١ – الصفحة ٥٣٥

([2])التحرير والتنوير (ابن عاشور) ، الجزء : 3 ، الصفحة : 232

([3])مجمع البيان في تفسير القرآن – ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 2  صفحة : 282

([4])مجمع البيان في تفسير القرآن – ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 2  صفحة : 282

([5])تفسير ابن كثير – ابن كثير – ج ١ – الصفحة ٣٦٨

([6])إقبال الأعمال – السيد ابن طاووس – ج ١ – الصفحة ١٤٠

 11,640 total views,  17 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

قال تعالى : لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ……………..

ينهى الله تعالى عن ولاية الكافرين ، فلا يجوز للمؤمنين أن يتخذوا غير المؤمنين حلفاء وأنصارا ، بل يجب أن يأخذوا بعين الاعتبار ما هو في مصلحة الإسلام والمسلمين والحفاظ على هذه المصالح ،

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *