مفهوم المقدس .

هناك جدال حول المقدس ،فمن هو المقدس ؟

يمكن القول ان مفهوم المقدس الذي يجب له التقديس على شكلين .

• المقدس الاول هو الله تعالى : وهو الذي لا يمكن الاختلاف فيه كونه مقدسا والذي ثبت وجوده بالبراهين العقلية والفلسفية وغيرها ، فهو الخالق المالك الرازق ومصدر الوجود والعطاء والفيض والخير والبركة والنتيجة فالقدسية نابعة من صميم ذاته تعالى لانه مصدر الطهر والنزاهة والخير والبركة .

• المقدس الثاني هو المعصوم : وهو الانسان الكامل المنزه عن الذنوب والمعاصي فكل من ثبتت عصمته بالدليل يصبح مقدسا لان المقدس يعني الواسطة في الفيض والتزكية والطهارة والبركة والرحمة والعطاء وكلما كان الانسان اكثر ذوبانا في الله اصبح اكثر قدسية والقدسية ضمن قانون الحركة الجوهرية تصبح تكوينية وليست تعطى وتمنح له كانما هي جائزة .

• ومن المقدس الثاني : يمكن ان ناخذ قاعدة ، اذا ثبت لانسان في المجتمع الطهارة والنزاهة والعصمة من الذنوب فهذا يمكن ان يكون مقدسا .لانه يصبح محلا لرحمة الله وبركته كما ثبت لاصحاب الائمة عليهم السلام وقد اشاروا لبعضهم .

• ثم لقدسية المقدس اثار وتوابع تابعة للمقدس تثبت القدسية لها بالتبع والعرض وليست بالذات والاصالة فالكعبة مقدسة ولكن بالتبع وليس بالاصالة والمسجد والقران والاحاديث القدسية وهكذا .

• والمعصوم كذلك له مقدسات مكانه عصاه ملابسه وكل الاشياء التي استخدمها في حياته لان هذه الاشياء حلت فيها البركة والرحمة ولذلك ننظر لها بنحو القدسية ولكن تبقى هي مقدسة بالتبع والعرض وليست بالذات .

• والدليل على ذلك وان هذه الاشياء التابعة للانبياء لها اثر وجودي ما قام به يوسف عليه السلام عندما اعطى قميصه لاخوته فقال : اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ^([1]). فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ^([2]).

• ولاننا قلنا ان الاصالة بالتقديس لله وللمعصوم والباقي بالتبع والعرض ورد في الحديث ما يدل على ذلك وان حرمة الانسان المؤمن اعظم من حرمة الكعبة كما عن ابن عباس ، عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: “مَرْحَباً بِكِ مِنْ بَيْتٍ مَا أَعْظَمَكِ وَ مَا أَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مِنْكِ وَاحِدَةً، وَ حَرَّمَ مِنَ الْمُؤْمِنِ ثَلَاثاً: دَمَهُ.وَ مَالَهُ.وَ أَنْ يُظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ”^([3]).. (طبعا المؤمن الحقيقي وليس المؤمن الشكلي) .

• ومما قلنا من موضوع التقديس فهو موجود بنحو من الانحاء في المجتمعات اليوم الغربية وغيرها فهم يقدسون اشياء الملوك والعظماء والفنانين ومقتنياتهم .

• وفي الاخير اقول : ان وجود المقدس في الحياة ضرورة فطرية لان المقدس يمثل خليفة الله في الارض وهو الرمز والقدوة الذي تطمئن له النفوس في الحياة .

• نعم الخشية من توسعة هذا المفهوم وقد يصل الى بعض المدنسين فيختلط المقدس بالمدنس وقد لا يقدس حتى المقدس .

• ________________________________________

([1]) سورة يوسف : الاية 93 .

([2])سورة يوسف : الاية 96 .

([3])تنبيه الخواطر و نزهة النواظر (مجموعة ورام): 1 / 52 ، لورّام بن أبي فراس، مسعود بن عيسى، المتوفى سنة: 605 هجرية، الطبعة الأولى، قم/ايران سنة 1410 هجرية

 1,475 total views,  1 views today