سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة ال عمران / سورة ال عمران : الاية (31ـ32).

سورة ال عمران : الاية (31ـ32).

المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (18)

قال تعالى : > قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رحيم* قُلْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ< (31ـ32).

نتعرض في هذه الآية  الى مطالب عدة

المطلب الاول : الحب الحقيقي    

الحب هو شعور داخلي فطري متأصل في أصول الروح البشرية وله القدرة على النمو ، إذا جاءت الظروف متناسبة ، والحب هو الانجذاب الى المثل والقيم العليا ، وافضل من  يمثل هذه المثل والقيم العليا هو الخالق المالك بصفاته العليا واسمائه الحسنى >اللهم اني اسالك بجمالك باجمله وكل جمالك جميل ، اللهم اني اسالك بكمالك باكمله وكل كمالك كامل <([1]). وكذلك المحبة هي الانجذاب نحو المخلوق الكامل الذي هو مظهر للجمال الالهي وخليفة الله تعالى في الحياة .

والحب الحقيقي الذي يجب ان يكرس الانسان حياته من اجله هو حب الله تعالى وبقية الاشياء متفرعة عن حب الله تعالى كحب الاباء والابناء والزوجة وهكذا. وحب الله تعني طاعته الطاعة التامة والكاملة .

وقد عرف اهل التصوف والعرفان المحبة والحب هو : >الميل الدائم بالقلب الهائم <([2]).وقيل   الحب هو ذوبان في المحبوب، حقيقته أن تهب كلّك لمن أحببت، فلا يبقى منك شيء،وَقَالَ سهل: الحب معانقة الطاعة ومباينة المخالفة، وَقَالَ الشبلي: سميت المحبة محبة لأنها تمحو من القلب مَا سِوَى المحبوب([3]).

المطلب الثاني : الحب يستلزم الاتباع  

بعد ان عرفنا الحب وهو طاعة المحب والذوبان فيه وعدم مخالفته، ومن مصاديق محبة الله تعالى الصادقة هو في اتباع وطاعة النبي الاكرم صلى الله عليه واله ، ولاجل ذلك قال النبي صلى الله عليه واله لهؤلاء الذين يدعون محبة الله تعالى ان محبة الله تستلزم اتباعه والدخول في دين الاسلام وترك كل مظاهر الشرك والكفر والعصيان والفسوق، وهو ما مروي عن محمد بن جعفر بن الزبير : ” ان الايتان نزلت في وفد نجران من النصارى لما قالوا: إنا نعظم المسيح حبا لله “ ([4]).

ولاجل  ذلك يمكن القول ان المحبة الحقيقية لله تعالى وفي كل العصور والازمان تستوجب وتستلزم طاعة واتباع انبيائه واوليائه ومن امر الله بطاعتهم واتباعهم والا فهي محبة كاذبة ادعائية لا واقعة لها كما نرى في واقعنا فهناك من يدعي الحب لله ولكن يعصيه .

عن الصادق عليه ‌السلام قال : ما أحب الله من عصاه ثم تمثل بقوله :

تعصي الإله وأنت تظهر حبه ****هذا لعمري في الفعال بديع

لو كان حبك صادقاً لأطعته ****إن المحب لمن يحب مطيع([5]).

وعن الصادق عليه ‌السلام في حديث قال : ومن سره أن يعلم أن الله يحبه فليعمل بطاعة الله وليتبعنا : ألم يسمع قول الله عز وجل لنبيه : قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ : ويغفر لكم ذنوبكم([6]).

قال ابن خلكان: وكان السري ينشد كثيرا هذه الابيات :

ولما ادعيت الحب قالت كذبتني * فما لي أرى الأعضاء منك كواسيا

 فلا حب حتى يلصق الجلد بالحشى * وتذهل حتى لا تجيب المناديا([7]).

المطلب الثالث : نتائج اتباع النبي الاكرم صلى الله عليه واله

ثم رتب الله تعالى على اتباع النبي صلى الله عليه واله محبة الله لهم وغفرانه ذنوبهم فقال تعالى : >يحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رحيم< . فالنبي صلى الله عليه واله واسطة الفيض بين الله تعالى وعباده ، فنتائج اتباع النبي صلى الله عليه واله هو القرب من الله والرضا واعطائهم الاجر والثواب وازالة الذنوب والتوفيق في شؤون حياتهم ، وهذا غاية ما يطلبه المؤمن العاقل من الله تبارك وتعالى .

ومن آثار محبة الله تعالى للعبد ما روي عن حماد بن بشير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي وما تقرب إلي عبد بشئ أحب إلي مما افترضت عليه وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته، وما ترددت عن شئ أنا فاعله كترددي عن موت المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ([8]).

   وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله : (إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إن الله يجب فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ- قَالَ- ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ ([9]).

 المطلب الرابع : طاعة الله ورسوله مقياس الحب لله    

 ثم وجه الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله بان يقول لهؤلاء الذين يريدون ان ينتقلوا من الكفر الى الايمان ومن الهدى الى الضلال ومن الظلام الى النور ان يطيعوا الله تعالى الذي خلقهم ورزقهم وافاض عليهم الحياة ومن يملك الموت والحياة والجنة والنار في كل الاوامر والنواهي ، وان يطيعوا الرسول صلى الله عليه واله الذي لا ينطق عن الهوى والذي هو الواسطة بين الارض والسماء والذي يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ومن اطاع الرسول فقد اطاع الله تعالى .وان تولوا وارتدوا وابتعدوا عنك  فلا تهتم لحالهم ولا تلتفت اليهم ودعهم في ضلالهم وكفرهم ولكن بعد ان تقيم الحجة عليهم، ﴿فَإنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الكافِرِينَ﴾ الذين يعيشون في ظرف الضلالة والمتاهة الذين طمسوا الفطرة التي فطر الناس عليها فلا يقربهم الله تعالى لجوار قدسه وفيض رحمته ولا يرضى عنهم يوم يرضى عن المؤمنين .

  _______________________________

([1]) إقبال الأعمال – السيد ابن طاووس – ج ١ – ص ٩٦

([2])نظرات في التصوف والكرامات – محمد جواد مغنية – الصفحة ٢٥

([3])الأمالي – الشيخ الصدوق – ص  ٥٧٨ .

([4])  مجمع البيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطبرسي ، ج 2 ، ص 277

([5]) القشيري، عبد الكريم، الرسالة القشيرية  ، ج2، ص 488 .

([6])الشيخ الكليني – ج ٨ – الصفحة ١٤ – الكافي

([7])البداية والنهاية – ابن كثير – ج ١١ –  ص ١٩ .

([8])الكافي – الشيخ الكليني – ج ٢ – الصفحة ٣٥٢

([9])تفسير القرطبي – القرطبي – ج ٤ – الصفحة ٦١

 212 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

قال تعالى : لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ……………..

ينهى الله تعالى عن ولاية الكافرين ، فلا يجوز للمؤمنين أن يتخذوا غير المؤمنين حلفاء وأنصارا ، بل يجب أن يأخذوا بعين الاعتبار ما هو في مصلحة الإسلام والمسلمين والحفاظ على هذه المصالح ،

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *