سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة ال عمران / قال تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ……

قال تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ……

  في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (13)

قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَ أَيَّامًا مَّعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ، فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}. سورة آل عمران ،الآية (23 ، 25 ).

نتعرض في هذه الآيات  الى مطالب عدة

المطلب الاول : كتب السماء واحدة

لا تختلف كتب السماء النازلة على الأنبياء والمرسلين عليهم السلام كالتوراة والإنجيل وصحف إبراهيم والزبور مع القرآن الكريم وخاتم الكتب السماوية ، إلا من حيث العمومية والاجمال والتفاصيل ، ولكن الذين في قلوبهم مرض ويتبعون الاهواء النفسية يختارون ما يلائم انفسهم  المريضة مما يعجبهم من كتب الله تعالى ويطرحون ما لا يلائمها ،ولاجل ذلك فهم يعرضون عن الحقائق اذا دعوا اليها .

 وهذا ما نراه في الوقائع التاريخية ، فان النبي ’ لما دعا جماعة من اليهود الى حكم التوراة ابوا حكم التوراة وهو كتابهم الذي يجب ان يعملوا به وليس القران الكريم الذي هو كتاب المسلمين  .

 عن ابن عباس قال: دخل رسول الله ’بيت المِدْرَاس على جماعة من يهود، فدعاهم إلى الله تعالى، فقال له نعيم بن عمرو،والحارث ابن زيد: على أيّ دين أنت يا محمد؟ فقال:”على ملة إبراهيم ودينه. فقالا فإنّ إبراهيم كان يهوديًّا! فقال لهما رسول الله ’: فهلمُّوا إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم! فأبيا عليه، فأنزل الله عز وجل:”ألم تَر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يُدْعونَ إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يَتولى فريق منهم وهم معرضون” إلى قوله:”ما كانوا يفترون”.([1]).

 وجاء في تفسير مجمع البيان عن ابن عباس أن رجلا وامرأة من أهل خيبر زنيا، وكانا ذوي شرف فيهم، وكان في كتابهم الرجم، فكرهوا رجمهما لشرفهما، ورجوا أن يكون عند رسول الله رخصة في أمرهما، فرفعوا أمرهما إلى رسول الله، فحكم عليهما بالرجم، فقال له النعمان بن أوفى، وبحري بن عمرو: جرت عليهما يا محمد، ليس عليهما الرجم فقال لهم رسول الله: بيني وبينكم التوراة. قالوا: قد أنصفتنا. قال: فمن أعلمكم بالتوراة؟ قالوا: رجل أعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا. فأرسلوا إليه فقدم المدينة، وكان جبرائيل قد وصفه لرسول الله، فقال له رسول الله: أنت ابن صوريا؟ قال: نعم. قال: أنت أعلم اليهود؟ قال: كذلك يزعمون. قال: فدعا رسول الله بشئ من التوراة فيها الرجم مكتوب، فقال له: إقرأ. فلما أتى على آية الرجم، وضع كفه عليها وقرأ ما بعدها. فقال ابن سلام: يا رسول الله! قد جاوزها. وقام إلى ابن صوريا، ورفع كفه عنها، ثم قرأ على رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” وعلى اليهود، بأن المحصن والمحصنة إذا زنيا، وقامت عليهما البينة رجما، وإن كانت المرأة حبلى، انتظر بها حتى تضع ما في بطنها. فأمر رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” باليهوديين فرجما. فغضب اليهود لذلك. فأنزل الله تعالى هذه الآية([2]).

 المطلب الثاني : الانتماء الى الدين لا يعصم الانسان   

في كل الاديان والمذاهب وعبر التاريخ والى اليوم تجد هناك جماعة او فرقة تشيع ظاهرة لانصارها واتباعها والذين ينتمون اليها فكرة ليست دينية او قرآنية وليست صادرة من قبل نبي او وصي او هي موجودة في كتاب الله تعالى، وهو انه يكفي الانتماء لنا الفوز بالجنة ورضوان الله تعالى وحتى لو ارتكب الانسان كل الاعمال السيئة والخبيثة والمعاصي والفجور.

وفي الحقيقة هذه الفكرة ليست الصحيحة فالانتماء إلى الدين الالهي هي الخطوة الاولى الصحيحة نحو الله تعالى ، وليست هي الخطوة التي تدخل الانسان الى الجنة بغير حساب ، فالانسان بعد دخوله الى الدين عليه ان يعمل بما في الدين من مبادئ وقيم واحكام في سلوكه وحياته ويقتدي بمنهج الانبياء والاولياء ، نعم الدين يحمي الانسان بحسب الظاهر دمه وعرضه وماله ولا يعصم الانسان عن الخطأ في الفكر والسلوك ولا يدخل الانسان الجنة بغير حساب ، هناك روايات كثيرة عن اهل البيت عليهم تبين هذه الحقيقة ولكن اليك رواية واحدة .

عن طاووس : طاووس الفقيه: رأيته يطوف من العشاء إلى سحر ويتعبد، فلما لم ير أحدا رمق السماء بطرفه، وقال: إلهي غارت نجوم سماواتك، وهجعت عيون أنامك، وأبوابك مفتحات للسائلين، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمد صلى الله عليه وآله في عرصات القيامة، ثم بكى وقال: وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاك، ولا بنكالك جاهل، ولا لعقوبتك متعرض، ولكن سولت لي نفسي وأعانني على ذلك سترك المرخى به علي، فالآن من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من أعتصم إن قطعت حبلك عني؟ فواسوأتاه غدا من الوقوف بين يديك، إذا قيل للمخفين جوزوا، وللمثقلين حطوا، أمع المخفين أجوز؟ أم مع المثقلين أحط؟ ويلي كلما طال عمري كثرت خطاياي ولم أتب، أما آن لي أن أستحي من ربي؟! ثم بكى وأنشأ يقول:

أتحرقني بالنار يا غاية المنى * فأين رجائي ثم أين محبتي

 أتيت بأعمال قباح زرية وما * في الورى خلق جنى كجنايتي

ثم بكى وقال: سبحانك تعصى كأنك لا ترى، وتحلم كأنك لم تعص تتودد إلى خلقك بحسن الصنيع كأن بك الحاجة إليهم، وأنت يا سيدي الغني عنهم ثم خر إلى الأرض ساجدا؟ قال: فدنوت منه وشلت برأسه ووضعته على ركبتي وبكيت حتى جرت دموعي على خده، فاستوى جالسا وقال: من الذي أشغلني عن ذكر ربي؟ فقلت: أنا طاوس يا ابن رسول الله ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن عاصون جانون، أبوك الحسين بن علي وأمك فاطمة الزهراء، وجدك رسول الله صلى الله عليه وآله!؟ قال: فالتفت إلي وقال: هيهات هيهات يا طاوس دع عني حديث أبي وأمي وجدي خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن، ولو كان عبدا حبشيا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان ولدا قرشيا أما سمعت قوله تعالى ” فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ” والله لا ينفعك غدا إلا تقدمة تقدمها من عمل صالح([3]).

المطلب الثالث :الفرقة الناجية

قد يسري الغرور بعض الاديان والفرق والمذاهب وكل جماعة وفرقة تدعي انها الفرقة الناجية يوم القيامة ، وانهم لا يصيبهم الله تعالى الا اياما معدوات بذنوبهم  .

وقد سرى هذا الحال مع الامة الاسلامية كما في الحديث الذي يروى عن العامة والخاصة : إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا واحده …..([4]).

 ولأجل ذلك ذهبوا في تفسير الفرقة الناجية الى تفسيرات متعددة . فقالوا هم السواد الاعظم من اهل الاسلام او العلماء المجتهدون او خصوص اصحاب النبي ’ والشيعة كذلك لها رأي في الفرقة الناجية وهناك الكثير من الروايات تحدثت عن الفرقة الناجية  .

عن زيد بن وهب قال بينا نحن حول حذيفة إذ قال كيف أنتم وقد خرج أهل بيت نبيكم صلى الله عليه وسلم فرقتين يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف فقلنا يا أبا عبد الله وإن ذلك لكائن فقال بعض أصحابه يا أبا عبد الله فكيف نصنع إن أدركنا ذلك الزمان قال انظروا الفرقة التي تدعو إلى أمر علي فالزموها فإنها على الهدى([5]).

 وكذلك عن جابر بن يزيد عن محمد بن علي قال سألت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) عن علي فقالت سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول إن عليا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة([6]).

والحصيلة التي يمكن ان تكون نتيجة للفرقة الناجية هو الاخذ بمنهج الاسلام والقران الكريم ومنهج النبي صلى الله عليه واله و امير المؤمنين عليه السلام والائمة الاطهار عليهم السلام في الفكر والسلوك . فلا يكفي الانتماء الى امير المؤمنين عليه السلام بدون الاقتداء بامير المؤمنين عليه السلام .

ومما يؤيد ما ذهبنا اليه بعض الروايات التي وردت عن اهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام .

قال رجل للحسن بن علي عليهما السلام: إني من شيعتكم فقال الحسن بن علي عليه السلام: يا عبد الله إن كنت لنا في أوامرنا وزواجرنا مطيعا فقد صدقت، وإن كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها لا تقل لنا: أنا من شيعتكم، ولكن قل: أنا من مواليكم ومحبيكم ومعادي أعدائكم، وأنت في خير وإلى خير([7]).

وقال رجل للحسين بن علي عليهما السلام: يا ابن رسول الله أنا من شيعتكم، قال: اتق الله ولا تدعين شيئا يقول الله لك كذبت وفجرت في دعواك، إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش وغل ودغل، ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم([8]) .

 المطلب الرابع : في عالم الاخرة تسقط الادعاءات الباطلة

عالم الاخرة عالم كشف الاسرار والحقائق والمستور وهناك تسقط الدعاوى والمزاعم الباطلة التي يدعيها المبطلون والمنافقون والكافرون والظالمون والفاسقون .

لذلك يقول تعالى :” فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ” ، وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه واله ،والِاسْتِفْهامُ جاء هُنا  بمعنى التَّعْجِيبِ من قولهم  ، أي فكيف يكون حالهم وماذا سوف يعملون ويصنعون اذا حشرناهم يوم القيامة وذهبت ادعاءاتهم التي ادعوها في عالم الدنيا ثم كان جزائهم بما اقترفوه من اعمالهم . لذلك في عالم الاخرة ما ينجي الانسان الا صدقه وامانته وعقيدته الصحيحة وعمله الصالح وليس الادعاء الكاذب ______________________________________

([1])الواحدي ،   اسباب النزول ، ج 1  ، ص 99 .

([2])  الطبرسي ، تفسير مجمع البيان ،  ج ٢  ، ص ٢٦٥  .

([3])  ابن شهر آشوب ، مناقب آل أبي طالب ، ج ٣  ، ص ٢٩١ .

([4])  المتقي الهندي ، كنز العمال  ، ج ١ ، ص ٢١٠ .

([5])الهيثمي،  مجمع الزوائد ،  ج ٧  ، ص ٢٣٦

([6])ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ،  ج ٤٢ ، ص ٣٣٣  .

([7]) العلامة المجلسي ، بحار الأنوار ،  ج ٦٥ ، ص ١٥٦ .

([8])العلامة المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٦٥  ، ص ١٥٦  .

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَـواتِ وَمَا فِي الأرضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ

المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (17)  قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا ...

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *