سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة ال عمران / سورة ال عمران الاية 33 و34 .

سورة ال عمران الاية 33 و34 .

المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (18)

قال تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ” سورة ال عمران الاية 33 و34 .

 نتعرض في هاتين الآيتين  الى مطالب عدة .

المطلب الاول : مكانة الانبياء عند الله تعالى

يعتبر الأنبياء من خيرة البشر والناس في هذا العالم ولا يختلف في هذا عاقل يعيش في هذا الكون  ، وقد ميزهم الله تعالى عن غيرهم من البشر وفضلهم من حيث الطهارة والشرف والذكاء والفطنة والسمعة والعظمة والاخلاق والعقيدة والعلم والقرب منه تعالى والتسليم لأمره والصبر والشجاعة والكرم ، وبعبارة اخرى هم منظومة متكاملة في العلم والاخلاق والصفات الحميدة التي لا يمكن ان يضاهيهم احد من البشر في زمانهم .

المطلب الثاني : اختيار الانبياء بيد الله تعالى

لا يمكن للبشر ومهما اوتوا من علم ومعرفة ان يتدخلوا في اختيار الله تعالى لانبيائه ، لان الانسان يبقى ناقصا في ادراكه وفهمه . فكيف بمن هو ناقص لا علم له ولا فهم ، فهل له الامكانية في اختيار الانبياء والاوصياء، لذلك يبقى اختيار الانبياء ينحصر بالله تعالى العالم بكل شيء ولا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء .؟ .

وحديث سعد بن عبدالله القمّي فيه دلالة واضحة عن هذه الحقيقة ، قال: سألت القائم × في حِجر أبيه فقلت: أخبرني يا مولاي عن العلّة التي تمنع القوم من إختيار إمام لأنفسهم؟

 قال: «مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح. قال: هل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت: بلى. قال: فهي العلّة، أيّدتها لك ببرهان يقبل ذلك عقلك؟ قلت: نعم. قال: أخبِرْني عن الرسل الذين اصطفاهم الله، وأنزل عليهم الكتب، وأيّدهم بالوحي والعصمة إذ هم أعلام الاُمم، وأهدى أن لو ثبت الإختيار، ومنهم موسى وعيسى ÷، هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا همّا بالإختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنّان أنّه مؤمن؟ قلت: لا. قال: فهذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه إختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلا ممّن لم يشكّ في إيمانهم وإخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا﴾([1]). فلمّا وجدنا إختيار من قد إصطفاه الله للنبوّة واقعاً على الأفسد دون الأصلح وهو يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لا إختيار لمن لا يعلم ما تخفي الصدور، وما تكنّ الضمائر، وتنصرف عنه السرائر، وأن لا خطر لإختيار المهاجرين والأنصار، بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح ([2]).

المطلب الثالث : بماذا اصطفى الله تعالى الانبياء الاوائل   

قال تعالى :إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، فقد اختار الله تعالى الله آدم لدور الخلافة في الارض اني جاعل في الارض خليفة ، ليبدأ ادم عليه السلام رحلته في الارض وفق التخطيط الالهي ، “واصْطِفاءُ آدَمَ بِوُجُوهٍ. مِنها خَلْقُهُ أوَّلَ هَذا الجِنْسِ الشَّرِيفِ، وجَعْلُهُ خَلِيفَةً في الأرْضِ، وإسْجادُ المَلائِكَةِ لَهُ، وإسْكانُهُ جَنَّتَه” ([3]). ولاجل ذلك يعتبر ادم عليه السلام ابا البشر الاول .

 ثم اختار الله تعالى نوحا عليه السلام المثال في الصبر والمواجهة والتحدي فهو قد صبر على قومه يدعوهم الى الله كما ذكر القران الكريم الف سنة الا خمسين عاما ، وقد اختاره الله مرة اخرى بعد الطوفان ليبدأ تاريخا جديد بمن معه من المؤمنين . ونوح عليه السلام يعتبر ابا البشر الثاني في الارض بعد ادم عليه السلام .

ثم اختار آل ابراهيم : ابراهيم عليه السلام ، هو احد انبياء اولي العزم الذين عرضهم الله لمجموعة من الابتلاءات التي  قد تفوق قدرة الناس ، ومن هذه الابتلاءات التي تعرض لها إبراهيم عليه السلام ، إلقاءه في النار ، وذلك بعد تحطيم الأصنام. وكذلك بلائه في تأخير رزقه بالذرية وقد ذكر القران ذلك ، وكذلك ابتلائه في ابعاد ابنه وزوجته عنه فقد ترك ابراهيم ابنه وزوجته في مكة بوادي غير ذي زرع ، وكذلك فقد ابتلاه الله بذبح ابنه فما كان من الاب والابن الا التسليم ، وقد تجاوز ابراهيم عليه السلام هذه البلاءات بالصبر والتسليم والاطمئنان والرضا بقضاء الله ، وقد عوضه الله تعالى ان جعله ابا لكل الانبياء عليهم السلام الذين جاءوا من بعده ، واتاه الله الامامة ، وقد مدحه الله تعالى في كتابه اذا قال عنه “ان ابراهيم كان امة” ،”ان ابراهيم لاواه حليم ، وكذلك ” وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً “أي حبيبا.

وقد اختار الله تعالى ” َآلَ عِمْرَانَ  ” وقد اختلف المفسرون في آل عمران، فهل المراد منهم  آل عمران أبي موسى عليه السلام وذلك لان موسى أفضل أنبياء بني إسرائيل ، ام آل عمران أبي مريم عليها ” وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ “([4]) فذكر آل عمران؛ لأن فيهم آخر الرسل قبل محمد صلى الله عليه واله وهو عيسى ابن مريم الذي ينتمي إليه النصارى . ([5])

ولا شك بان الذين اصطفاهم الله تعالى واختارهم من الال هم المؤمنون كما  هو المروي عن ابن عباس :”إن الله اصطفى آدمَ ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين”، قال: هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد، يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ﴾([6]) ، وهم المؤمنون ([7]).

المطلب الرابع : الذراري الصالحون  يحملون الرسالة .

ثم قال تعالى ” ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ” تشير الآية المباركة الى حقيقة الامتداد والتواصل بين الاباء والابناء والاجداد في طريق التوحيد والحق والايمان والطاعة والاعمال الصالحة فهم يتوارثون الاخلاق والفضائل والمكارم من بعضهم البعض ويدافعون عن الدين الالهي ويضحون من اجله بكل ما يستطيعون ” وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ” والله يسمع اقوالهم وتطابقها في سلوكهم وحركتهم في الحياة ، ولأجل ذلك فهو يختار منهم انبيائه ورسله لتبليغ رسالته، الله اعلم حيث يجعل رسالته .

 عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض ” قال: نحن منهم ونحن بقية تلك العترة  ([8]).

قال الطبرسي: وقوله (ذرية) أي: أولادا وأعقابا (بعضها من بعض) ومعناه في التناصر في الدين، وهو الاسلام، أي: دين بعضها من دين بعض، كما قال: (والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) أي: في التناصر والتعاضد على الضلال ([9]).

_______________________________________

([1]) سورة الاعراف: الاية 155.

([2]) دلائل الامامة: محمد بن جرير الطبري: ص515.

([3])تفسير البحر المحيط ، أبي حيان الأندلسي ، ج ٢ ، ص ٤٥٢

([4]) سورة التحريم ١٢ : الاية ،

([5]) تفسير مجمع البيان ، الشيخ الطبرسي ، ج ٢ ، ص ٢٧٨

([6]) سورة سورة آل عمران: ٦٨

([7])جامع البيان ، إبن جرير الطبري ، ج ٣ ،  ٣١٧

([8])تفسير العياشي ، محمد بن مسعود العياشي ، ج ١ – ص ١٦٨

([9])مجمع البيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطبرسي ن ج 2 ، ص 279

 344 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

قال تعالى : لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ……………..

ينهى الله تعالى عن ولاية الكافرين ، فلا يجوز للمؤمنين أن يتخذوا غير المؤمنين حلفاء وأنصارا ، بل يجب أن يأخذوا بعين الاعتبار ما هو في مصلحة الإسلام والمسلمين والحفاظ على هذه المصالح ،

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *