سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة ال عمران / قال تعالى : (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ

قال تعالى : (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ

  في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (10)

قال تعالى : (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ، الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ )سورة آل عمران ،الاية 15 الى 17 .

 نتعرض في هذه الآية  الى مطالب عدة

المطلب الاول : تقوى الله عن المحرمات

الله تعالى يخبر الانسان الذي قد تدفعه نفسه الى المحرمات من خلال الاموال والنساء والبنين الذي يفتخر بهم والقناطير المقنطرة والذهب والفضة والخيل والانعام والحرث ان الذين يعيشون التقوى وصبروا على الشهوات المحرمة ولم يسقطوا في فتنة الاموال والنساء لهم جنات تجري من تحتها الانهار وازواج مطهرة ورضوان من الله تعالى .

 ففي الحديث ان النساء افضل لذة في الدنيا والاخرة كما عن جميل بن دراج قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما تلذذ الناس في الدنيا والآخرة بلذة أكثر لهم من لذة النساء وهو قول الله عز وجل: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين – إلى آخر الآية -)([1]).

والانسان العاقل عليه ان يفكر مليا ويقارن بين اللذة المحرمة الزائلة وبين اللذات الدائمة ويختار اللذة الدائمة على اللذة الفانية.

المطلب الثاني : الازواج المطهرة نساء المتقين في الجنة  

الازواج المطهرة ورد هذه التعبير في عدة آيات كريمة وهو احد ثمار دخول الجنة حصول الانسان المؤمن على الزوجة المطهرة .

 قال تعالى : وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ. ([2]).

وقال تعالى : قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ([3]).

وقال تعالى : وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً ([4]).

ومعنى الازواج المطهرة أَنَّهُنَّ طُهِّرْنَ مِنْ كُلِّ أَذًى كان في نساء الدنيا مثل الحيض والنفاس والغائط والبول فإن لفظ: ﴿ مُطَهَّرَةٌ ﴾ أبلغ من طَاهِرَةٍ.

وكذلك فانهن عفيفات ومطهرات الاعين كما وصفهن الله فهن لا ينظرن الى غير ازواجهن ﴿ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴾([5]).

وكذلك فإنهن مطهرات الابدان من حيث الصفاء  فلم تمسهن الايدي ﴿ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴾([6]) .

وكذلك فإنهن مطهرات الاخلاق قد جمعن الصِّفَاتِ الحميدة : ﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ﴾([7]).

وكذلك فهذه النساء مطهرات الوداد راضيات لا يسخطن محبات لازواجهن ﴿ عُرُبًا أَتْرَابًا﴾([8])

المطلب الثالث : رضوان الله تعالى اعظم من اللذة النفسية

من اعظم ما يشعر به الانسان المؤمن بعد دخول الجنة ليس اللذائذ النفسية والحسية من الفاكهة والازواج المطهرة وغيرها بل اعظم لذة رضا الله تعالى فلا قيمة لدخول الجنة بغير رضا الله تعالى كما اذا دخل احدنا دارا لاحدهم ولكن صاحب الدار ليس راضيا فلا قيمة للدخول الى هذا الدار .

قال الفخر الرازي : والرِّضْوانُ فَهو إشارَةٌ إلى الجَنَّةِ الرُّوحانِيَّةِ وأعْلى المَقاماتِ إنَّما هو الجَنَّةُ الرُّوحانِيَّةُ، وهو عِبارَةٌ عَنْ تَجَلِّي نُورِ جَلالِ اللَّهِ تَعالى في رُوحِ العَبْدِ واسْتِغْراقِ العَبْدِ في مَعْرِفَتِهِ، ثُمَّ يَصِيرُ في أوَّلِ هَذِهِ المَقاماتِ راضِيًا عَنِ اللَّهِ تَعالى… ([9])

وقد تكرر ذكر رضوان الله في القرآن في آيات عديدة ومنها .

قال تعالى : وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾([10]).

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾([11]).

قال تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ﴾([12]).

المطلب الرابع : الله بصير بالعباد 

ثم قال تعالى : وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ، قد تكون هذه العبارة بمعنى ان الله محيط بالعباد بشكل تام وتفصيلي فلا يعزب عن علمه فعل الانسان في ظاهره وباطنه ولذلك فليس كل من ادعى التقوى فهو متقي بل المتقي من يعلم الله منه التقوى .

وقد تكون هذه العبارة ، ان الله تعالى عالم بمصالح العباد فيجب ان يرضوا بما رضي الله لهم وان يزهدوا بما زهدهم فيه .

قال الرازي: ﴿واللَّهُ بَصِيرٌ بِالعِبادِ﴾ أيْ عالِمٌ بِمَصالِحِهِمْ، فَيَجِبُ أنْ يَرْضَوْا لِأنْفُسِهِمْ ما اخْتارَهُ لَهم مِن نَعِيمِ الآخِرَةِ، وأنْ يَزْهَدُوا فِيما زَهَّدَهم فِيهِ مِن أُمُورِ الدُّنْيا([13]).

المطلب الخامس : بعض من صفات المتقين

بعد ان ذكر الله المتقين ذكر شيئا من صفاتهم التي يتحلون بها والتي تمثل قيمة عليا في بناء النفس الانسانية والتي من خلالها يرتقي الانسان الى مصاف الملائكة وعالم الملكوت فقال الله تعالى حكاية عنهم .

1- الذين يقولون ربنا : وهنا المتقون ينطلقون في دعائهم الى  الله بكلمة (ربنا) والرب هو المربي والمصلح والمدبر والمعبود ولان الله شملهم بعطائه وتربيته عن استحقاق منهم .

2- اننا امنا : والايمان هنا اشارة الى الايمان القلبي الخالص النابع من الدليل والبرهان والحجة ويشمل الايمان بالتوحيد والنبوة والمعاد ومتفرعات هذه الاصول.

3- فاغفر لنا ذنوبنا : وهنا اشارة الى وعد الله تعالى بالمغفرة للمؤمنين ، أي يا ربنا اغفر لنا كما وعدتنا : وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ([14]).

 وكذلك قوله تعالى : يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ([15]).

4- وقنا عذاب النار : بعد ان طلب الانسان المؤمن المغفرة طلب التخلص والوقاية من النار ولذلك وصف الله اولي الالباب الذين يتفكرون في خلق السموات والارض بانهم كانوا يقولون : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ([16]).

وكان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه واله وسلم : (وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ([17]).

 ومن صفات المتقين الذين قالوا ربنا امنا هو ( الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَار ) .

1- الصبر : وهو حبس النفس على الطاعة واجتناب المعصية ، و كما وصفهم الله في اية اخرى ( والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس) .

2- الصدق : مع الله ومع النفس ومع الناس والصدق في الافعال والاقوال وفي السر والاعلان فهم يعيشون الصدق في حياتهم كلها .

وعنه (ع) قال: ” لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإن ذلك شئ اعتاده، ولو تركه لاستوحش لذلك، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته “.([18]).

 وقال النبي صلى الله عليه واله لبعض أصحابه: ” انظر إلى ما بلغ به علي (ع) عند رسول الله (ص) فالزمه، فإن عليا (ع) إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله بصدق الحديث وأداء الأمانة “.([19]).

 وعنه (ع) قال: ” إن الله لم يبعث نبيا إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البر والفاجر “([20]).

3- القنوت : هوالتضرع الى الله تعالى ، فالمؤمن المتقي دائم التضرع والدعاء الى الله تعالى في حوائجه كلها . وقال الطبرسي : (والقانتين) قيل: المطيعين، عن قتادة. وقيل: الدائمين على الطاعة والعبادة، عن الزجاج. وقيل: القائمين بالواجبات ([21])..

4- الانفاق : المتقون يسعون الى بذل المال في وجه الشرعي الذي يريد الله تعالى من الحقوق الشرعية او الصدقات وبذلك يتخلصون من الشح النفس .

5- الاستغفار بالاسحار : وقت السحر وقت الخلوة مع الحبيب وهو وقت استجابة الدعاء

قال لقمان لابنه يا بنى لا يكن الديك أكيس منك ينادى بالأسحار و أنت نائم([22])..

 وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام): ان من استغفر سبعين مرة من وقت السحر، فهو من أهل هذه الآية([23]).

وروى أنس بن مالك عن النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” أنه قال: ” إن الله، عز وجل، يقول: إني لأهم بأهل الأرض عذابا، فإذا نظرت إلى عمار بيوتي، وإلى المتهجدين، والى المتحابين في، وإلى المستغفرين بالأسحار، صرفته عنهم “.([24]).

____________________________________________________

([1]) الكافي – الشيخ الكليني – ج ٥ – الصفحة ٣٢٠

([2]) سورة البقرة : الاية 25.

([3]) سورة ال عمران : الاية 15 .

([4]) سورة  النساء : الاية 57

([5]) سورة الصافات : الاية 48 .

([6]) سورة الواقعة : 23.

([7]) سورة الرحمن : 70 .

([8]) سورة الواقعة : 37 .

([9])   التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) (الرازي، فخر الدين) ، الجزء : 7 ، الصفحة : 165.

([10]) [التوبة: 72].

([11])[البيِّنة].

([12])[الفتح: 18].

([13])التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 7  صفحة : 165

([14]) سورة المائدة : الاية 9 .

([15]) سورة  الأحقاف الاية : (31)

([16])  آل عمران 192،191

([17]): البدايه والنهايه – ط احياء التراث (ابن كثير) ، الجزء : 5 ، الصفحة : 193

([18])  الكافي – الشيخ الكليني – ج ٢ – الصفحة ١٠٥

([19])    بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٦٨ – الصفحة ٥

([20])بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٦٨ – الصفحة ٢

([21])تفسير مجمع البيان – الشيخ الطبرسي – ج ٢ – الصفحة ٢٥٥

([22])  تفسير النسفي – النسفي – ج ١ – الصفحة ١٤٥

([23])  تفسير مجمع البيان – الشيخ الطبرسي – ج ٢ – الصفحة ٢٥٥

([24])  تفسير مجمع البيان – الشيخ الطبرسي – ج ٢ – الصفحة ٢٥٥

 23,763 total views,  5 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَـواتِ وَمَا فِي الأرضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ

المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (17)  قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا ...

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *