سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

 في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (136)

قال تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) سورة البقرة الاية (272)

نتعرض في هذه الاية الى مطالب عدة

الاول : وظيفة الانبياء الهداية والتبليغ والارشاد

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .

 قال الشيخ البلاغي ؛(لَيْسَ عَلَيْكَ ) * يا رسول اللَّه * ( هُداهُمْ ) * اي إيصالهم إلى الحق ولا أنت مسئول عن ذلك فإنما عليك البلاغ * ( ولكِنَّ اللَّه يَهْدِي ) * أي يوصل بتوفيقه إلى الحق والعمل الصالح * ( مَنْ يَشاءُ ) * ممن هو أهل للتوفيق([1]).

ثانيا : الانفاق يرجع للانسان نفسه

على الانسان ان يقنع ويدرب نفسه بشكل علمي ويتيقن بشكل كامل ان الانفاق الذي يقوم به انما يقوم به لنفسه سواء على مستوى الدنيا لراحة نفسه، فالانفاق على الفقراء يولد المحبة بين الفقير والغني وكذلك القضاء على الفقر والحاجة في المجتمع التي ربما تسبب الكوارث الاجتماعية من السرقة والاحتيال وغيرها من الجرائم ،والذي سوف يتعرض اليه اصحاب الاموال انفسهم لو لم ينفقوا على هؤلاء الفقراء .وكذلك الانفاق يفيد المنفق على مستوى الاخرة ،فالانسان في عالم الاخرة سوف يستظل بظل ماله وعطائه وانفاقه الذي كان يبتغي به وجه الله تعالى ولذلك قال تعالى {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَآءَ وَجْهِ اللَّهِ} ثم ان هذا الانفاق الذي يقوم به الانسان سوف يعود عليه بالنفع بدون ان ينقص شيئا والله لا يضيع عمل عامل من المؤمنين الذين عملوا ابتغاء وجه الله تعالى لذلك قال تعالى{وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } .

قال الزمخشري : وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ من مال فَلِأَنْفُسِكُمْ فهو لأنفسكم لا ينتفع به غيركم فلا تمنوا به على الناس ولا تؤذوهم بالتطاول عليهم وَما تُنْفِقُونَ وليست نفقتكم إلا لابتغاء وجه اللَّه ولطلب ما عنده، فما بالكم تمنون بها وتنفقون الخبيث الذي لا يوجه مثله إلى اللَّه؟ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ثوابه أضعافا مضاعفة، فلا عذر لكم في أن ترغبوا عن إنفاقه، وأن يكون على أحسن الوجوه وأجملها([2]).

ثالثا : هل يجوز الانفاق على فقراء غير المسلمين

من مباديء الاسلام العظيم الرحمة والشفقة ونشر المحبة في المجتمع الانساني وليس قتل الاخر الذي يختلف معك في الافكار او منعه من العطاء اذا كان فقيرا او محتاجا فالدين الاسلامي هو دين الانسانية ،لذلك اوصى امير المؤمنين عليه السلام مالك الاشتر عندما ولاه مصر بالمجتمع بشكل كلي وليس فقط الذين امنوا برسالة الاسلام فقال عليه السلام  (وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق ) ([3]).

 ولذلك قال بعض المفسرين ان سبب نزول هذه الاية ان بعض المسلمين كانوا لا يتصدقون على الفقراء من الذين لم يدخلوا في الاسلام فنهاهم الله عن ذلك .

لذلك قال  الشيخ الطوسي (ما قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة ليس عليك هداهم بمنع المشركين الأقرباء من الصدقة ليدخلوا في الاسلام فعلى هذا معناه الإباحة([4]).

 قال الطبرسي : وقيل : كانت أسماء بنت أبي بكر مع رسول الله في عمرة القضاء ، فجاءتها أمها فتيلة وجدتها ، تسألانها وهما مشركتان ، فقالت : لا أعطيكما شيئا حتى أستأذن رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” ، فإنكما لستما على ديني . فاستأذنته في ذلك ، فأنزل الله هذه الآية([5]).

وقال الطبري ؛ عن ابن عباس ، قال : كان أناس من الأنصار لهم أنسباء وقرابة من قريظة والنضير ، وكانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم ، ويريدونهم أن يسلموا ، فنزلت : ليس عليك هداهم . . . الآية .  ([6]).ومن هنا جوز الفقهاء الانفاق واعطاء الصدقة المستحبة لفقراء غير المسلمين .

_______________________________________________

([1])  آلاء الرحمن في تفسير القرآن ،  محمد جواد البلاغي النجفي ، ج 1 ،ص 239 ، سنة الطبع : 1352 – 1933 م ، المطبعة : مطبعة العرفان – صيداء .

([2]) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (الزمخشري) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 317

([3])    نهج البلاغة ،  خطب الإمام علي ( ع ) ، ج3 ، ص83 ، تحقيق : شرح : الشيخ محمد عبده ،

([4])  التبيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطوسي ، ج 2 ، ص353 ،

([5]) تفسير مجمع البيان ، الشيخ الطبرسي ، ج 2 ، ص199 .

([6]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، محمد بن جرير الطبري ، ج 3 ، ص131 ،

 

 1,128 total views,  2 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ …..) 135

عدم الانفاق ظلم للانسان والمجتمع بعد ما تعرضت الاية المباركة الكريمة بعلم الله تعالى في موضوع انفاق الانسان ونذره ،قال تعالى( وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) وهذا يدل ان الانفاق والوفاء بالنذر خروج عن الظلم والدخول في دائرة الفلاح ، وعدم الانفاق وعدم الوفاء بالنذر بقاء الانسان في دائرة الشح والبخل وظلم النفس ،وكذلك عدم الانفاق ظلم للمجتمع لان المفروض ان الانفاق حق للفقراء على الاغنياء في اموالهم كما قال تعالى {وَفِى أَمْوَلِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ}([1]).وعلى هذا فعدم انفاق الانسان القادر على الانفاق واعطاء الحقوق دخوله   في زمرة الظالمين وسوف لن يكون له نصير في الدنيا والاخرة .

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *