سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة ال عمران / قال تعالى : لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ……………..

قال تعالى : لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ……………..

     المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (15)

قال تعالى : > لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ <. سورة ال عمران الاية 28

 نتعرض في هذه الآية  الى مطالب عدة

 المطلب الاول : النهي عن ولاية الكافرين   

قوله تعالى : لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ .

ينهى الله تعالى عن ولاية الكافرين ، فلا يجوز للمؤمنين أن يتخذوا غير المؤمنين حلفاء وأنصارا ، بل يجب أن يأخذوا بعين الاعتبار ما هو في مصلحة الإسلام والمسلمين والحفاظ على هذه المصالح ، وأن يقدموا مصلحة الاسلام على ما بينهم وبين الكفار من قرابة أو صداقة أو غير ذلك من أشكال العلاقات السياسية او الاقتصادية والتي يمكن ان يكون لها الاثر في الاضرار بمصالح الامة ، ولأنه في إعطاء الأولوية وتقديم مصلحة الكفار على مصلحة المؤمنين تقديم الكفر على الإيمان ، والمؤمن الحقيقي في إيمانه لا يأتي منه هذا الفعل القبيح والشنيع .

قال السيد الطباطبائي :> فاتخاذ الكافرين أولياء هو الامتزاج الروحي بهم بحيث يؤدي إلى مطاوعتهم والتأثر منهم في الأخلاق وسائر شؤون الحياة< ([1]).

وقد ورد التاكيد في النهي عن مولاة الكفار في ايات اخرى مثل قوله تعالى :> يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ < ([2]). وكذلك قوله تعالى :> يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ، بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ<([3]).

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ كَانُوا يَتَوَلَّوْنَ الْيَهُودَ وَالْمُشْرِكِينَ وَيَأْتُونَهُمْ بِالْأَخْبَارِ وَيَرْجُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الظَّفَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ، وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مِثْلِ [فِعْلِهِمْ] . ([4]).

المطلب الثاني : حكام الدول العربية والاسلامية ومولاتهم للكفار   

نشاهد اليوم في حياتنا المعاصرة ان الكثير من حكام وانظمة الدول العربية والاسلامية  اصبحوا موالين للكفار واليهود والنصارى ومعادين للمؤمنين بل ويعملون ضد مصالح الامة الاسلامية من خلال تعاونهم الامني والاستخباري وسماحهم الى وجود القواعد العسكرية للكفار والتي من خلالها يتم ضرب البلدان الاسلامية والتجسس عليها ، وكذلك ضرب القادة الذين لهم التأثير في مواجهة الاستكبار الغربي والامريكي في المنطقة الاسلامية والعربية ، وما حدث للشهيد القائد سليماني وابي مهدي المهندس احد مصاديق الولاء للكفار ، فقد تعاونت عدة جهات عربية واسلامية وحتى من داخل العراق في اغتيال هؤلاء القادة من اجل اضعاف جبهة المقاومة للاستكبار العالمي .وكذلك ما نشاهده من هرولة الدول العربية للتطبيع مع اليهود الا احد مظاهر هذا الولاء للكفار ، فهو اعطاء الشرعية لهم في ملكية هذه الارض العربية والاسلامية المغتصبة ، وكذلك فان التطبيع يعني الغاء الجهاد مع اليهود بل قد يصبح المجاهد ارهابيا يعاقب بالسجن  ، وكذلك في التطبيع تسلط الكافرين على المؤمنين لما في ذلك من وجودهم ورفع اعلامهم في دولنا والتعاون الامني والثقافي والاقتصادي معهم .

المطلب الثالث : ولاية الكفار قطع العلاقة بالله

قوله تعالى :  وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْء .

ويترتب على العلاقة مع الكفار ومولاتهم هو قطع العلاقة مع الله تعالى ورسوله والمؤمنين، فالعلاقة مع الله تعالى  تبدأ بالطاعة  لله تعالى ورسوله ما اتاكم النبي فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا . فالذين يقيمون العلاقات مع اعداء الله هؤلاء قد تخلوا عن طاعة الله واوامره التي منها عدم العلاقة مع الكفار لما لها من الاثار الوخيمة على مصلحة الامة .

قال الرازي: ﴿ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ في شَيْءٍ﴾ يَعْنِي أنَّهُ مُنْسَلِخٌ مِن ولايَةِ اللَّهِ تَعالى رَأْسًا، وهَذا أمْرٌ مَعْقُولٌ فَإنَّ مُوالاةَ الوَلِيِّ ومُوالاةَ عَدُوِّهِ ضِدّانِ قالَ الشّاعِرُ:

                      تُوِدُّ عَدُوِّي ثُمَّ تَزْعُمُ أنَّنِي صَدِيقُكَ لَيْسَ النَّوْكُ عَنْكَ بِعازِبٍ ([5]).

المطلب الرابع : التقية مع الكفار

قوله تعالى : إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ

التقية هو القول او الفعل الذي من خلاله يمكن المحافظة على النفس من الاعداء الذين لو عرفوا حقيقة ما انا عليه لآذوني،  وليس التقية في القول فقط .

قال الشيخ الطبرسي: التقية، الإظهار باللسان خلاف ما ينطوي عليه القلب للخوف على النفس ([6]).

ولاجل ذلك يمكن ممارسة التقية مع الاعداء والكفار اذا خاف الانسان المؤمن من بطشهم وكيدهم ومكرهم، ولكن يجب ان يكون ثابت الايمان في قلبه كما ظهر ذلك في قصة عمار بن ياسر رضوان الله عليه .

وقد دل على جواز التقية القران الكريم والسنة والعقل ، فمن الايات الاية التي نحن بصددها وغيرها كما سوف ياتي ومن الروايات ما  روي عن صادق آل البيت عليه السلام في الأثر الصحيح: ” التقية ديني ودين آبائي ” و ” من لا تقية له لا دين له “ ([7]).

ويمكن الاستدلال بالعقل على التقية ، من حيث ان العقل يحكم على بوجوب دفع الاذى عن النفس عندما تتعرض الى الهلكة ،ولاجل ذلك نرى البعض حتى من غير المسلمين عندما يواجه الخطر يدفعه عن نفسه  من خلال اظهار عقيدة غيره بلسانه  ولكن يبقى على عقيدته وفكره في قلبه عندما يأمن الخطر . وهذا ما فعله عمار بن ياسر عندما تعرض الى الضرب والقمع من المشركين فاظهر ما يريدون ولكن اضمر ما يعتقد به من عقيدة الاسلام ، وهذا يعني ان التقية تعيش في فطر الانسان ووجدانه .

 المطلب الخامس : التحذير الالهي من التعامل مع الاعداء   

قوله تعالى : وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ .

وفي نهاية الاية المباركة هناك تحذير وتخويف من قبل الله تعالى لمن يتولى ويناصر اعداء الله تعالى ويتعاون مع الكفار بالعقوبة العاجلة في الدنيا  والاخرة . لان الاضرار والافساد بمصلحة الدين تستوجب العقاب الالهي الصارم ، بل يمكن القول ان خطر هؤلاء الذين يتعاونون مع الكفار هو اكثر من خطر العدو الكافر الخارجي . وقد ورد التحذير في القران الكريم في عدة ايات منها : >  ان عذاب ربك كان محذورا <([8]).  وقد حذر الله تعالى من المنافقين بقوله تعالى : > هم العدو فاحذرهم <([9]). وكذلك حذر من فتنة الكفار بقوله تعالى >وقال واحذرهم ان يفتنوك([10]).

___________________________________________________

([1]) سورة المائدة : الاية 51 .

([2])  تفسير الميزان – السيد الطباطبائي – ج ٣ – الصفحة ١٥١

([3]) سورة المائدة : الاية 51 .

([4]) تفسير الآلوسي – الآلوسي – ج ٣ – الصفحة ١٢٠  .

([5])تفسير الرازي – الرازي – ج ٨ – الصفحة ١٣

([6])الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 729.

([7])وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج ١٦ – الصفحة ٢١٠

([8]) أسرى – 57

([9])  المنافقين – 4

([10])المائدة – 49

 335 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَـواتِ وَمَا فِي الأرضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ

المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (17)  قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا ...

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *