سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة ال عمران / نفسير قوله تعالى(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)سورة آل عمران ، الاية (8) .

نفسير قوله تعالى(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)سورة آل عمران ، الاية (8) .

 في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (5)

قال تعالى(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)سورة آل عمران ، الاية (8) .

 نتعرض في هذه الاية  الى مطالب عدة

المطلب الاول : اهمية الدعاء في استمرار العلاقة بالله

الكثير من الناس يدعون ويتوسلون ويطلبون من الله قضاء حوائجهم في الحياة بل يتألمون اشد الالم اذا لم تقض حوائجهم ولكنهم ينسون اهم الحاجات وهي استمرار العلاقة مع الله والطاعة له وعدم الانحراف عن الصراط المستقيم يمينا وشمالا في خضم الفتن والابتلاءات في الحياة.؟

ولكن الاقل وهم العقلاء  واولوا الالباب ،الذين عرفوا فلسفة الحياة الدنيا وان الدنيا لا قيمة لها ؟ وان من الخطأ الاطمئنان لهذه الدنيا والركون اليها حتى لو ملكوا الدنيا باسرها، وانه لولا خشية الله على الناس ان يكونوا امة واحدة لأعطاها بكلها للكافرين كما قال تعالى :(وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ) ([1]) .

بل القيمة الكبرى في علاقتهم بالله لانه الجمال والكمال وعلاقتهم بعالم الاخرة لانها الغاية التي خلقوا من اجلها، لذلك توجهوا اليه  بكلهم من اجل ان لا يكلهم الى انفسهم طرفة عين ابدا الى اخر ي مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) ([2]) .

وم في حياتهم حتى يخرجوا من الدنيا سالمين ، كما قال تعالى (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ،إِلَّا

المطلب الثاني : الثبات على الاستقامة حتى للأنبياء والاولياء

الدعاء بالاستقامة والثبات عليها ليس حاجة تختص بالناس العوام  بل حتى الانبياء والاولياء عليهم السلام بحاجة الى الدعاء ولذا نرى الانبياء يتوسلون ويبكون الى الله بان لا يكلهم الى انفسهم طرفة عين ابدا .

عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت ام سلمة في ليلتها ففقدته من الفراش فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى انتهت اليه وهو في جانب من البيت قائم رافع يديه يبكي وهو يقول ” اللهم لا تنزع مني صالح ما أعطيتني أبدا اللهم ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا اللهم لا تشمت بي عدوا ولا حاسدا أبدا اللهم لا تردني في سوء استنقذتني منه أبدا ” قال فانصرفت ام سلمة تبكي حتى انصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبكائها فقال لها ما يبكيك يا ام سلمة؟ فقالت بأبي انت وامي يا رسول الله ولم لا أبكي وانت بالمكان الذي انت به من الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر تسأله ان لا يشمت بك عدوا ابدا ولا حاسدا وان لا يردك في سوء استنقذك منه ابدا وان لا ينزع عنك صالح ما اعطاك ابدا وان لا يكلك إلى نفسك طرفة عين ابدا، فقال يا ام سلمة وما يؤمنني وانما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين فكان منه ما كان([3]) .

وعن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله × يقول : وهو رافع يده إلى السماء : > رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ، لا أقل من ذلك ولا أكثر ” قال : فما كان بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته ، ثم أقبل علي فقال : يا ابن أبي يعفور إن يونس بن متى وكله الله عز وجل إلى نفسه أقل من طرفة عين فأحدث ذلك  الذنب   قلت فبلغ به كفرا – أصلحك الله – ؟ قال : لا ولكن الموت على تلك الحال هلاك([4]) .

يقول زين العابدين × ( ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك .   ) ([5]) .

وعن أبي عبد الله ( عليه السلام ) (أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا وصلى الله على محمد وآله ([6]) .

وعلى هذا ؛ فاذا كان الانبياء والاولياء عليهم السلام يتوسلون الى الله يبكون من اجل ان لا يكلهم الى انفسهم طرفة عين، فما بالنا نحن لا نتوسل الى الله تعالى دوما وابدا بهذا الدعاء .؟

المطلب الثالث : استجابة الدعاء منوطة بالصدق

الله تعالى يستجيب للانسان الصادق في دعائه ،ونعني بالانسان الصادق هو الذي يمكن له ان يعطي من نفسه ويضحي بكل شيء من اجل المباديء والقيم ،فاذا علم الله تعالى صدق هذا الانسان فانه سوف يتولاه ولا يكله الى نفسه طرفة عين ابدا ،بل سوف يرشده ويهديه ويسدده ويثبته ويعصمه من الخطأ والذنب والمعصية كما قال تعالى 🙁 وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) ([7]) .

ولذلك لا بخل في ساحة الله تعالى في عطائه فهو الوهاب بدون ان يمن على عباده بعطائه بخلاف البشر فانهم يمن بعضهم على البعض الاخر بقليل العطاء ،وفي الدعاء عن المعصوم:( يَا دَائِمَ اَلْفَضْلِ عَلَى اَلْبَرِيَّةِ يَا بَاسِطَ اَلْيَدَيْنِ بِالْعَطِيَّةِ يَا صَاحِبَ اَلْمَوَاهِبِ اَلسَّنِيَّةِ)([8]) .

 قال الكاشاني 🙁 وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ) * من عندك ، نعمة بالتوفيق والمعونة للثبات على الحقّ ، تزلفنا إليك ، ونفوز بها عندك . أو مغفرة للذنوب ( إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) لكلّ سؤل ([9]) .

المطلب الرابع : الزيغ ليس ابتداء من الله  

الزيغ والضلال والانحراف عن الصراط ليس ابتداء من الله تعالى للعبد ، وانما الزيغ من الله تعالى يأتي بعد ان يتجرا العبد على المعصية بجهله وطغيانه وغروره وتكبره وضعف ارادته وركونه الى الشهوات والغرائز ، وعندها يدخل هذا العبد في دائرة الخذلان الالهي من  الإزاغة ، والصد ، والختم ، والطبع ، والرين ،  القسوة ، والوقر ، والكنان .كما قال تعالى ( خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ) ([10]) .وكذلك قوله تعالى :(وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ) ([11]) .وقال تعالى ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) ([12])

قال صاحب الكشاف 🙁 لا تزغ قلوبنا : لا تبلنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا بعد إذ هديتنا  وأرشدتنا لدينك، أو لا تمنعنا ألطافك بعد إذ لطفت بنا من لدنك رحمة من عندك نعمة بالتوفيق والمعونة ) ([13])

قال الكاشاني : ( رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا ) من مقال الراسخين . وقيل : استئناف . والمعنى : لا تمنعنا لطفك الَّذي معه تستقيم القلوب ، فتميل قلوبنا عن نهج الحقّ إلى اتّباع المتشابه بتأويل لا ترتضيه * ( بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا ) * بعد إذ لطفت بنا ووفّقتنا طريق الهداية([14]) .

___________________________________________

([1])   سورة الشعراء ، الاية 88 ،89 .

([2])  سورة الزخرف ، الاية 33 .

([3])  تفسير القمي المؤلف : علي بن ابراهيم القمي    الجزء : 2  صفحة : 75

([4])  الكافي ، الكليني ، ج2 ،ص581  .

([5])  الصحيفة السجادية ( ابطحي ) ، الإمام زين العابدين ( ع ) ، ص251

([6])  الكافي ، الكليني ، ج2 ، ص524 .

([7])  لآية 101 من سورة آل عمران

([8])   المصباح،  ابراهيم الکفعمی العاملی ،ج1  ،ص 647  .

([9])  زبدة التفاسير ،  الملا فتح الله الكاشاني ، ج1 ، ص453 .

([10])   سورة البقرة ، الاية 7 .

([11])  سورة فصلت ، الاية 5 .

([12])  سورة المطففين ، الاية 14 .

([13]) تفسير الكشاف ، ابو القاسم محمود بن عمر الزمخشري ، ج1 ،ص530 .

([14])  زبدة التفاسير ،  الملا فتح الله الكاشاني ، ج1 ، ص453 .

 

 1,580 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَـواتِ وَمَا فِي الأرضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ

المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (17)  قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا ...

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *