سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة ال عمران / تفسير قوله تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ  ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ )سورة آل عمران ،الاية 14 .  

تفسير قوله تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ  ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ )سورة آل عمران ،الاية 14 .  

  في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (9)

قال تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ  ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ )سورة آل عمران ،الاية 14 .

 نتعرض في هذه الآية  الى مطالب عدة

المطلب الاول : من هو المزين للناس حب الشهوات

في الآية الكريمة جعل المزين لهذه الافعال مبني للمجهول وقد اختلف المفسرون في المزين هل هو الله تعالى أم الشيطان .

فالذين يقولون ان الشيطان هو المزين استدلوا بهذه الآية المباركة : وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ ([1]).

والصحيح ان يقال ان الله تعالى هو الذي جعل هذه الاشياء زينة للإنسان في فطرته وخلقته لاختباره بها حتى يتكامل الانسان في هذه الحياة . كما قال تعالى 🙁  إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا([2]).

قال القرطبي: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ مَنِ الْمُزَيِّنُ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: اللَّهُ زَيَّنَ ذَلِكَ ،وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْمُزَيِّنُ هُوَ الشَّيْطَانُ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْحَسَنِ([3]).

 المطلب الثاني : الميل الى النساء فطري

بدأ الله تعالى بالحديث عن الشهوات وابتدأ بالنساء والميل الى النساء فطري بحسب الفطرة والطبيعة لبقاء النوع البشري والا فلا طريق اخر للتكاثر البشري غير طريق الزواج .

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تزوجوا بكرا ولودا، ولا تزوجوا حسناء جميله عاقرا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة([4]).

والشهوة المذمومة في النساء الشهوة المحرمة وليس الشهوة المحللة او حب النساء بما هي طريق لله تعالى ووسيلة فحب النساء من اخلاق الانبياء والايمان كما ورد في الاحاديث .

عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من أخلاق الأنبياء صلى الله عليهم حب النساء ([5]).

عن أبان بن عثمان عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أظن رجلا يزداد في الايمان خيرا إلا ازداد حبا للنساء([6]).

عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أحب من دنياكم إلا النساء والطيب([7]).

بل في رواية ان جماع المرأة في الحلال مما يستوجب الاجر والثواب كما عن أبي ذر أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وامر بالمعروف صدقة ونهى عن منكر صدقة وفى بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها اجر قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له اجر([8]) .

المطلب الثالث: فتنة النساء

 تشكل المرأة عاملا مهما وخطيرا في الفتنة في الحياة سواء قديما ام حديثا فالمرأة بشكلها وصوتها وملامحها تدفع الرجل الى الميل اليها وقد ورد في الحديث عن النبي ’  قوله :  «ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء»([9]).

ومن اجل مواجهة هذه الفتنة وعدم الوقوع فيها عالج الاسلام ذلك بتوجيه الانسان المؤمن نحو التحلي بالايمان والزواج اذا كان قادرا والابتعاد عن اصدقاء السوء وكذلك بالابتعاد عن النظر الى النساء باعتبار النظرة تزرع في القلب الشهوة والميل نحو النساء، قال تعالى ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ ) ([10]).

وروي عن هشام بن سالم عن عقبة قال قال أبو عبد الله عليه السلام : النّظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركها خوفا من اللّه تعالى أعطاه اللّه تعالى إيمانا يجد حلاوته في قلبه»([11]).

المطلب الرابع: محبة البنين في الانسان   

محبة الاولاد في الانسان فطري ولكن محبة البنين اكثر من البنات قد تكون بحسب الفطرة او بحسب الظرف الذي يعيش فيه الانسان فالرجل ينظر الى الذكر بانه الكافل له عند كبره وضعفه وهو عمود النسب الباقي له بعد رحيله بخلاف المرأة التي سوف تنفصل عن اهلها بالزواج وكذلك الولد مما يرجى ان يكون صاحب مقام في المجتمع بخلاف الانثى والاهم من ذلك كله ان المرأة قد تتعرض الى العار ، وهذه الامور قد تكون فتنة للرجل .

في الحديث المشهور كان أمير المؤمنين عليه السلام، يقول: ما زال الزبير منا أهل البيت، حتى شب ابنه عبد الله([12]).

المطلب الخامس : حب الاموال والذهب والفضة  

ومن الامور الفطرية التي جبل عليها الانسان حبه للأموال والذهب والفضة والخيل والسيارات الفارهة والقصور والمزارع والبساتين والانعام وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرَةُ، عِرَابُهَا وَجَوَامِيسُهَا وَالْغَنَمُ ضَأْنُهَا وَمَعْزُهَا وهي محل فخرهم  لذلك قال تعالى : (  وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ) .

وقد قال الله تعالى مقررا لهذه الفطرة الانسانية: وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ([13]). والنتيجة ان الله تعالى لا يرفض هذا الحب الفطري ، ولكن حب الاموال يجب ان يكون وسيلة من اجل الانفاق على النفس والعيال وليس غاية ويجب ان يكون اكتسابه من الحلال وانفاقه في ما يرضي الله واداء حقه من الحقوق الشرعية والبر ووجوه الخير .

ويكون المال مذموما اذا اكتسب الانسان الاموال من الحرام بل وصارت همه وغايته في الحياة وشغلته عن طاعة الله ولم يؤد حق الله الواجب .

 ، ففي صحيح مسلم أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا المال خضرة حلوة. فمن أخذه بحقه، ووضعه في حقه، فنعم المعونة هو. ومن أخذه بغير حقه، كان كالذي يأكل ولا يشبع ([14]).

المطلب السادس : النساء والاموال والاولاد بين الوسيلة والغاية

والنتيجة ان هذه الشهوات التي تعرض لها القران هي مما يبتلى بها الانسان في حياته القصيرة فمن اعتدل بها فقد تكامل ومن اسرف وجعلها غايته فقد خسر خسرانا مبينا . لذلك يجب على الانسان ان يرغب بما عند الله تعالى ولا يجعل هذه الاشياء غايته وهمه ورغبته .لذلك قال تعالى : ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ.

قال القاسمي : ﴿ذَلِكَ﴾ أيْ: المَذْكُورُ: ﴿مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ يُتَمَتَّعُ بِهِ فِيها ثُمَّ يَفْنى: ﴿واللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المَآبِ﴾ أيْ: المَرْجِعُ وهو الجَنَّةُ، فَيَنْبَغِي الرَّغْبَةُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ. وفي إشْعارِهِ ذَمُّ مَن يَسْتَعْظِمُ تِلْكَ الشَّهَواتِ ويَتَهالَكُ عَلَيْها، ويُرَجِّحُ طَلَبَها عَلى طَلَبِ ما عِنْدَ اللَّهِ، وتَزْهِيدٌ في الدُّنْيا وتَرْغِيبٌ في الآخِرَةِ ([15]).

___________________________________

([1])سورة النمل : 24 من

([2])الكهف: 7.

([3])تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 4  صفحة : 28

([4])وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج ٢٠ – الصفحة ٥٤

([5])الكافي – الشيخ الكليني – ج ٥ – الصفحة ٣٢٠

([6])الكافي – الشيخ الكليني – ج ٥ – الصفحة ٣٢٠

([7])الكافي – الشيخ الكليني – ج ٥ – الصفحة ٣٢٠

([8]) صحيح مسلم – مسلم النيسابوري – ج ٣ – الصفحة ٨٢

([9]) مستدرك الوسائل – الميرزا النوري – ج ١٤ – الصفحة ٣٠٦

([10]) سورة النور : الاية 30 .

([11])  جامع أحاديث الشيعة – السيد البروجردي – ج ٢٠ – الصفحة ٢٧٧

([12])شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد – ج ٢ – الصفحة ١٦٧

([13]){الفجر:20}

([14])صحيح البخاري – البخاري – ج ٧ – الصفحة ١٧٣

([15])تفسير القاسمي محاسن التاويل (القاسمي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 291

 4,036 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَـواتِ وَمَا فِي الأرضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ

المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (17)  قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا ...

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *