سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة ال عمران / قال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّار، كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِأَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) سورة آل عمران ،الاية10 ،11.

قال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّار، كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِأَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) سورة آل عمران ،الاية10 ،11.

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (7)

قال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّار، كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِأَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) سورة آل عمران ،الاية10 ،11.

 نتعرض في هذه الاية  الى مطالب عدة

المطلب الاول :  تعريف الكفر

الكفر في اللغة ؛الستر ، قال ابن السكيت ،وكلُّ مَا غَطَّى شَيْئًا، فَقَدَ كَفَره. وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّيْلِ كَافِرٌ لأَنه سَتَرَ بِظُلْمَتِهِ كُلَّ شَيْءٍ وَغَطَّاهُ<([1]) .

وفي المجمع :>الكفر خلاف الشكر كما أن الحمد خلاف الذم فالكفر ستر النعمة واخفاؤها<([2]) .

والكفر اصطلاحا : الكفر بكل نعمة انعمها الله على الانسان سواء كانت هذه النعمة نعمة معنوية كالايمان بالله تعالى ورسوله والاوصياء عليهم السلام ،او نعمة مادية كعدم اداء الشكر لله تعالى بعد ما انعم الله عليه ما يحتاج اليه في حياته .

المطلب الثاني : اقسام الكفر

يمكن تقسيم الكفر الى عدة اقسام .

1- كفر الانكار ، وهو الكفر بالقلب واللسان فلا يؤمن بالله لا في قلبه ولا في لسانه كما عليه الانسان الملحد،والذي لا يعتقد بوجود الله تعالى لا في قلبه ولا في لسانه .

2- كفر الجحود ،وهو ان يعرف الانسان هذه الحقيقة وانها حقيقة صادقة لا غبار عليها ولكنه لا يعترف بها في لسانه لانه اذا اعترف بها في لسانه سوف تكلفه الانقياد لها كما في قوله تعالى {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}([3]) .وكذلك قوله تعالى{ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ }([4]) .

3- كفر النفاق: فأن يقر بلسانه، ويكفر بقلبه ،كما في قوله تعالى >إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ،اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ،ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ<([5]) .

4- كفر العناد ، وهو ان هؤلاء يعتقدون بالحق بلسانهم وقلبهم وانه ليس لهم ولكن لا يمكنهم اعطائه لاهله ،كما في بعض من حكم العالم الاسلامي بعد النبي ’ فقد كانوا يعرفون ان الحق لعلي واله ^ في الخلافة والولاية ولكن غلبت عليهم الدنيا وحبها وعشقها ولذلك فلا يتنازلون من مناصبهم ومواقعهم .

قال الاندلسي في تفسيره :>وَقَدْ قَسَّمَ الْعُلَمَاءُ الْكُفَّارَ إِلَى كَافِرٍ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، كَالدَّهْرِيَّةِ وَالْمُنْكِرِينَ رِسَالَةَ النبي ’، وَكَافِرٌ بِقَلْبِهِ مُؤْمِنٌ بِلِسَانِهِ وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَمُؤْمِنٌ بِقَلْبِهِ كَافِرٌ بِلِسَانِهِ، كَفِرْعَوْنَ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ فَلَا يُنْكَرُ الْكُفْرُ مَعَ وُجُودِ الْعِلْمِ<([6]) .

المطلب الثالث : المال اساس الصراع في الحياة

المال من اكبر الفتن في الحياة فلا توجد فتنة اكبر من فتنة المال ، وامام المال تنهار القيم والاخلاق والمباديء ،فالكل يقاتل من اجل المال لان الاعم الاغلب من الناس جعل المال غاية في الحياة وليس وسيلة ،والا فلو كان المال وسيلة لما تكالبوا عليه من حلال وحرام وهم يعلمون ان القليل من المال يكفيهم ، كما ورد عن امير المؤمنين ×:> ابن آدم، إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فإن أيسر ما فيها يكفيك، وإن كنت إنما تريد ما لا يكفيك فإن كل ما فيها لا يكفيك<([7]) .

المطلب الرابع : الاباء قد يبيعون دينهم من اجل اولادهم 

والفتنة الاخرى الكبرى فتنة الاولاد ووجودهم في الحياة ، فالكثير من الاباء قد يسقطون في الحياة وامام الله تعالى بسبب اولادهم ،فقد يسبب لهم الاولاد مشاكل في الحياة والمجتمع مع القريب والبعيد ،بل قد يبيع الاباء دينهم من اجل اولادهم وسعادتهم ولذلك فتراهم قد يأخذون الرشوة ويدخلون في الاموال الحرام بوسائل شتى وقد ينسون انفسهم وعبادة الله تعالى وطاعته بحجة ضمان حياة اولادهم ومستقبلهم وقد غفل هؤلاء ان الله الذي رزقهم يمكن ان يرزق اولادهم ولكن بافعالهم هذه قد جعلوا اولادهم عرضة للفقر في المستقبل فان الله يؤتي ملكه من يشاء وينزع ملكه ممن يشاء .وما اجمل كلام ولي الله امير المؤمنين عليه السلام حيث قال:> لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ لاَ تَجْعَلَنَّ أَكْثَرَ شُغُلِكَ بِأَهْلِكَ وَ وَلَدِكَ فَإِنْ يَكُنْ أَهْلُكَ وَ وَلَدُكَ أَوْلِيَاءَ اَللَّهِ فَإِنَّ اَللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَوْلِيَاءَهُ وَ إِنْ يَكُونُوا أَعْدَاءَ اَللَّهِ فَمَا هَمُّكَ وَ شُغُلُكَ بِأَعْدَاءِ اَللَّهِ<([8]) .

المطلب الخامس : ان الاموال والاولاد لا تغني الانسان يوم القيامة

الانسان في الدنيا قد يفزع الى امواله واولاده عند الخطوب والابتلاءات والمحن التي يمر بها وقد يجد الاستعانة بها ،ولكن عالم الاخرة يختلف عن عالم الدنيا لان الانسان في عالم الاخرة يذهب لوحده كما قال تعالى :>وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ<([9]) .وكما قال تعالى :>يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ،إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ<([10]).

ولذلك على الانسان ان يوازن بين وظائفه المختلفة في الحياة بين ما تتطلبه الحياة وما تتطلبه الاخرة من الاعمال والعبادات حتى يرحل عن عالم الدنيا الى عالم الاخرة وقد انجز وظائفه بشكل صحيح .

  قال محمد ابو زهرة :>كان السبب في كفر من كفر ، وزيع من يزيغ ، هو اغترارهم في هذه الحياة الدنيا بكثرة المال ، وعزة النفر ، وقوة العصبية ، مما جعلهم يبغون على الناس ، ويبغون على أنفسهم ، فتطمس مسالك النور إلى قلوبهم ; وإنه لا شيء يدلي بالنفس فتعمى عن الإدراك أكثر من الغرور <([11]).

المطلب السادس : الكافر وقود النار

كما في الحياة قوانين كذلك عالم الاخرة ادق في القوانين من عالم الدنيا ، ففي عالم الدنيا يستطيع الانسان ان يحصل على الوظيفة المرموقة ، والبيت الجميل ، والسيارة الفارهة ،وغيرها من مقتنيات الحياة الضرورية والكمالية  اذا حصل على الاموال اللازمة ، نعم قد يكون بعض الناس قد حصل على الاموال بطريق باطل ؟ ولكن على كل حال حصل المال لبعضهم بطريق الشقاء والتعب والمماطلة والمشاكسة وسهر الليالي .

كذلك عالم الاخرة كل انسان يحصل ما يستحق، فالانسان الذي آمن بالله ورسله وكتابه وعمل باحكامه ونجح في الاختبارات التي اجريت له فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ،ولكن الخوف على هؤلاء الذين وقفوا بوجه الله ورسله واوصيائه واوليائه والذين كان يجب عليهم اتباعهم وتركوا العمل باحكامه وجعلوا الدنيا غايتهم ولم يلتفوا الى اخرتهم ويعملوا لها فالقانون سوف يجري عليهم ويذوقوا العذاب بما قدمت ايدهم وما الله بظلام للعبيد واولئك وقود النار .

قال الطبرسي :>وأولئك هم وقود النار< أي حطب النار تتقد النار بأجسامهم كما قال في موضع آخر حصب جهنم<([12]).

المطلب السابع : ال فرعون احد مصاديق وقود النار

احد اهم الامور التي يذكرها الله تعالى في الكتاب العزيز موضوع الاقوام السابقة وكيف كان مصيرها عندما عاندت ورفضت واستكبرت دعوت الانبياء كي تكون عبرة للحاضرين ومن سوف ياتي بعدهم للتامل والتفكر وعدم العناد والسير على نفس ما ساروا عليه ولكن كما قيل ما اكثر العبر وما اقل المتعظين .

ومن هنا فقد ذكر الله تعالى صورة تاريخية قد يعرفها الكثير وهم ال فرعون وكيف اخذهم الله بذنوبهم فلم تغني عنهم اموالهم وملكهم وسلطانهم وكبريائهم وذاقوا اشد العذاب العقاب في الدنيا والاخرة ، لذلك قل تعالى >كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِأَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ<.

وقال تعالى :>وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ،النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ<([13]).

قال رشيد رضا :> كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم بأن أهلكهم ونصر موسى على آل فرعون ومن قبله من الرسل على أممهم المكذبين ; ذلك بأنهم كانوا بكفرهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، فما أخذوا إلا بذنوبهم ، وما نصر الرسل ومن آمن معهم إلا بصلاحهم ; فالله – تعالى – لا يحابي ولا يظلم والله شديد العقاب على مستحقه ; إذ مضت سنته بأن يكون العقاب أثرا طبيعيا للذنوب والسيئات وأشدها الكفر وما تفرع عنه ، فليعتبر المخذولون إن كانوا يعقلون ([14]).

_______________________________________

([1])لسان العرب ، ابن منظور ،ج 5  ،ص 148 .

([2])مجمع البيان في تفسير القرآن المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 1  صفحة : 126

([3]) سورة البقرة: الاية 89 .

([4]) سورة النمل : الآية 14 .

([5]) سورة المنافقون ،الاية من 1 الى 3 .

([6]) البحر المحيط في التفسير ، أبو حيّان الأندلسي ،ج 1  ،ص 250  .

([7])  ميزان الحكمة المؤلف : محمدي الريشهري    الجزء : 3  صفحة : 2639

([8])شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد    الجزء : 19  صفحة : 268

([9])سورة الأنعام ، الآية 94 .

([10])سورة الشعراء ، الاية 88 و89 .

([11]) زهرة التفاسير ، محمد أبو زهرة ، ج2 ، ص: 1120 ،دار الفكر العربي .

([12])مجمع البيان في تفسير القرآن المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 2  صفحة : 704

([13])سورة غافر ، الاية 45 ،46 .

([14]) تفسير المنار ، محمد رشيد رضا ، الهيئة المصرية للكتاب ،ج3 ، ص192 .

 

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَـواتِ وَمَا فِي الأرضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ

المصباح  في تفسير آيات القرآن المجيد  (17)  قال تعالى : > قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا ...

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *