سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً …..)33 .

تفسير قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً …..)33 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (33)

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ،قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ، قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا([1]) تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ،قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ،قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ،وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ، فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) سورة البقرة من الاية 67 الى 73 .؟

سوف نتناول موضوع قصة البقرة في ضمن مطالب عدة

اولا : خلاصة قصة البقرة في بني اسرائيل

وخلاصة القصة ما رواه القمي في الصحيح عن الرضا عليه السلام (ان رجلا من بني إسرائيل قتل ابن عمه غيلة واتهم بقتله بني إسرائيل فصاروا يتدارؤن ويدفعون عن أنفسهم هذه التهمة فرجعوا في أمرهم الى موسى فشاء اللَّه ان يظهر حقيقة الأمر بنحو المعجز فقال لهم موسى ان اللَّه يأمركم ان تذبحوا بقرة فاستغربوا من الحال فما علاقة البقرة بقتل هذا الرجل ) ([2]).

الثاني : الله يريد ان يعبد ويطاع من حيث يريد

دائما نكرر ونعيد هذه الحقيقة ان النفس الانسانية ليس من السهولة عليها الاستجابة السريعة لله تعالى في ما امر ونهى ،فالنفس تريد ان تعمل بما تريد هي لا بما يطلب منها ، وهذا بسبب الجهل الذي تعيشه هذه النفس ومحدوديتها في فهم الحقائق الالهية والمصالح التي ترجع إلى النفس والا فالنفوس الكاملة والمهذبة تطيع الله وتسلم لامر الله تعالى لانها تعلم ان كل ما امر الله ونهى عنه ففيه الفائدة للانسان نفسه .

الثالث : لا جدال مع الوحي

العقل يدرك الامور الكلية فيما يخص اصول الاعتقادات كاصل التوحيد ووجود خالق للكون وهكذا بعث الانبياء والرسل ونصب الحجج ،واما الاحكام والتشريعات الالهية فالعقل يعجز عن ادراكها لانها نابعة من المصالح والمفاسد وملاكات هذه الامور لا يعلم بها الا الله ،بل حتى الانبياء عليهم السلام لا يحق لهم التشريع ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ) ([3]) ،لذلك عندما ياتي خطاب من السماء لكي يطلب من الناس امرا او نهيا او موضوعا من الموضوعات ،يجب ان لا يناقش الناس في هذا الخطاب ،بل عليهم الاسراع في التنفيذ ،فان بين الله لهم ذلك فبها ونعمت والا فالاولى ان يتركوا البيان والتوضيح .

الرابع: سوء الادب مع الانبياء

الله يعرف ويقدر قيمة اوليائه لانه يعرف معدنهم وجوهرهم الحقيقي وان كل شيء فيهم هو لله تعالى ولا يوجد فيهم ذرة لغيره فجهادهم وعبادتهم واعمالهم كلها لله تعالى وان واحدا من الانبياء والاولياء يسوى عند الله الدنيا وما فيها بل ان الدنيا خلقت من اجلهم وبهم يدفع الله البلاء عن الناس ويرزقهم ويفيض عليهم الرحمة ، ولكن الناس بطبيعتها وهذا بسبب الجهل الذي يعيشونه لا يعرفون قيمة هؤلاء الانبياء والاولياء عليهم السلام وانما يعرفون الاموال والمناصب ،ولذلك اكثر الناس قديما وحديثا يحترمون صاحب المال والمسؤول اكثر مما يحترمون صاحب العلم لعلمه وصاحب الدين لدينه ،نعم حتى الدين احيانا يكون محبوبا اذا صار فيه اموالا ومناصبا كما هو الحال في زماننا هذا عندما تصدى الكثير باسم الدين،ولقد اشار الى ذلك الامام الحسين عليه السلام : ( الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم يحيطونه ما درت معايشهم فان محصوا بالبلاء قل الديانون) ([4]).ولذلك قالوا لموسى عليه السلام : ( قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ) فقال لهم عليه السلام ( قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ )

الخامس: بني اسرائيل شددوا فشدد الله عليهم

كان يجب على بني اسرائيل لو كان لديهم العقل والوعي ان يستجيبوا لله تعالى عندما دعاهم الى ذبح البقرة ؟ بدون ان يجادلوا نبيهم موسى عليه السلام ثم يطلبوا المزيد من التوضيحات والتدقيقات والصفات في ماهية البقرة، ولكن عندما طلبوا ذلك شدد الله عليهم في ارادة الصفات التي ذكرها …؟ فجاء الخطاب ( إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ،َثم لونها صفْرَاءُ ،ثم بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا ([5]).

وهي رسالة الى المجتمع الاسلامي في العمل بسهولة الشريعة ولا تشددوا فيشدد الله عليكم .؟ولذلك ورد عن النبي صلى الله عليه واله) لم يرسلني الله تعالى بالرهبانية ولكن بعثني بالحنيفة السهلة السمحة ) ([6]).

السادس: بيان القدرة الالهية على احياء الموتى

هناك قول شائع في العرف الاجتماعي ( من  الذي خرج من قبره محترقا او مكسورا ) وهو دليل انكارهم النفسي والقلبي لعالم الاخرة وايمانهم بالحس والمحسوسات ، ولذلك البعض من الناس يتمادى في الطغيان واللهو والفساد والجريمة ،ومن هنا ياتي التاكيد الالهي والرباني على تركيز هذه الحقيقة في النفس من خلال الصور الحسية الخارجية التي الفها الانسان،ومنها هذه الصورة وهي عندما ضرب بعض البقرة ببعض الانسان المقتول فنهض المقتول واخبر بقاتله ؟ (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ، فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ([7]). وما جرى هو نوع من الاعجاز الالهي ببركة موسى عليه السلام .؟

_________________________________________________________________

([1]) شديد الصّفرة ،  لفاقِعُ : اللونُ الصافي الناصِعُ ، وغلب في الأصفر . والجمع : فَوَاقِعُ .

([2]) تفسير القمي ، علي بن إبراهيم القمي ، ج 1 ، ص49 .

([3]) سورة يوسف : الاية 67 .

([4]) تحف العقول عن آل الرسول ( ص ) ، ابن شعبة الحراني ، 245 .

([5])المعنى ان البقرة التي أمرتكم بذبحها ، لا فارض و لا بكر ، لا مسنّة و لا فتيّة ؟ ولا ذلول أي لم يذللها العمل بإثارة الأرض بأظلافها . ولا تسقي الحرث . معناه : ولا يستقى عليها الماء ، فيسقى الزرع .

([6]) الكافي : الشيخ الكليني ، ج 5 ، ص 494 .

([7]) فَادَّارَأْتُمْ : اختلفتم وتخاصمتم في القاتل فكل جماعة تقول انتم القاتلون ، لهذا الانسان ،والله تعالى بقدرته اظهر القاتل الحقيقي بهذه الكرامة والمعجزة .

 659 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *