سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ ……..)62

تفسير قوله تعالى(الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ ……..)62

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (62)

 قال تعالى(الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ،الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ، وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).  سورة البقرة الاية من 147 الى 148.

نتعرض في هذه الايات الى مطالب عدة

اولا : الحسد احد اسباب كتمان الحق

طبيعة الانسان الا ما رحم ربي لا يحب من هو اكفأ وافضل منه وذلك للحسد الذي يستعر في النفس والذي يتحول الى الحقد والعداوة خوفا على المكانة ،ومن هنا انطلقت عداوة اهل الكتاب الى نبي الاسلام محمد صلى الله عليه واله فمع انهم يعرفونه حق المعرفة وانه نبي اخر الزمان والخاتم والانسان الذي بشرت به الديانات وكانوا ينتظرونه ولكنهم كتموا هذه الحقيقة حسدا من عند انفسهم لئلا تظهر مكانته بين المجتمع الانساني والبشري وبالتالي سوف تنتهي مكانتهم في المجتمع البشري .

عن أبي عبد الله عليه السلام  قال : « نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى ، يقول الله تبارك وتعالى : الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَه كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ ) ،يعني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، لأن الله عز وجل قد أنزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد ( صلى الله عليه وآله ) وصفة أصحابه ، ومبعثه ومهاجره ………..) ([1]).

 وعن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل وفيه يقول عليه السلام : فاما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى ، يقول الله عز وجل : ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ) يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم ( وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك ) انك الرسول إليهم  ([2]).

وذكر الثمالي في تفسيره : أنه قال عثمان لابن سلام : نزل على محمد ( صلى الله عليه وآله ) : * ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم ) * فكيف هذه ؟ قال : نعرف نبي الله بالنعت الذي نعته الله إذا رأيناه فيكم كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه بين الغلمان ، وأيم الله لأنا بمحمد أشد معرفة مني بابني ، لأني عرفته بما نعته الله في كتابنا ، واما ابني فاني لا أدري ما أحدثت أمه ؟ ([3]).

وقال القرطبي : وروي أن عمر قال لعبد الله بن سلام : أتعرف محمدا صلى الله عليه وسلم كما تعرف ابنك ؟ فقال : نعم وأكثر ، بعث الله أمينه في سمائه إلى أمينه في أرضه بنعته فعرفته ، وابني لا أدري ما كان من أمه([4]).

 ثانيا : الوعي يقف امام  الشبهات والاشكالات والشكوك

كثيرة هي الشبهات والشكوك والاشكالات التي تثار على الدين بداً من وجود الله ولا تنتهي عن حد شبهة او اشكال، فالحياة واسعة وكبيرة والاذهان البشرية قابلة ان يتلبس بها الشيطان فيلقي لها كل شبهة من اجل زحزحة الانسان من دينه واحيانا يكون الانسان هو الشيطان لشدة دهائه وذكائه وقابليته لطرح الاشكال والشبهة بحيث تصبح كالحقيقة ،ومن هنا يحتاج الانسان المؤمن الى التسلح بالوعي العلمي والايمان القلبي حتى يمكن له مواجهة الاشكالات السقيمة والتي تصدر من المرضى والمعوقين فكريا واصحاب العقد النفسية ،ولذا قال تعالى (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) ([5]).  فمع ان الخطاب الى النبي’ ولكنه الى الامة فالنبي يعرف الحق ولا يمكن ان يتحرف او ينجرف الى شبهات واشكالات هؤلاء وانما هو خطاب الى الامة والمجتمع الاسلامي بان يتسلحوا بالعلم والمعرفة حتى يستطيعوا رد الاشكالات والشبهات ولا يسقطوا فيها .

ثالثا : كل  ملة لها قبلة

 كل امة من الامم سواء المسيحية او اليهودية كانت لها قبلة ولذلك قال تعالى( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ) فالقبلة ليست مثل التوحيد من الاركان الثابتة في الدين الالهي كالتوحيد مثلا وانما موضوع القبلة من الامور المتحركة وتابعة للمصلحة الالهية ، وما دام كذلك فلماذا انتم تعيبون على النبي ’ تغيير القبلة وتنشغلون بها …

 عن مجاهد في قوله : ولكل وجهة هو موليها قال : لكل صاحب ملة قبلة، وهو مستقبلها([6]).

ثالثا : رصيد الانسان في عمل الخير

افضل الوجوه والذي يجب على الانسان ان يتوجه له عمل الخير في كل مواقع الحياة ،فالناس هم من يصنع التعاسة والالم والعذاب والحروب والفساد في الارض اذا تنافسوا على فعل الشر وحطام الدنيا ، وهم من يصنع الحياة الكريمة والطيبة ولكن اذا تنافسوا على فعل الخير والصلاح والفلاح واقامة النظام والقانون في الحياة ،ثم ان عمل الخير يجلب للانسان السعادة النفسية والاطمئنان له وللاخرين وهو المستفيد من ذلك على مستوى الدنيا والاخرة، ومن هنا يمكن ان يكون عمل الخير الذي يقوم به الانسان وهو الرصيد الذي يباركه الرب تعالى في الدنيا وفي الاخرة ، اما في الدنيا فسوف يكون مع الاولياء والصالحين ، واما في الاخرة فسوف يكون في جوار الانبياء والشهداء والصادقين ، ولذلك لا مانع ان تكون هذه الاية المباركة احد مصاديقها اصحاب الامام المهدي الذي سارعوا في الخيرات والعمل الصالح وتكميل النفس من ان ياتي بهم الله من اي مكان في الارض لكي يجمعهم مع وليه عليه السلام فهم اولى من غيرهم في اقامة القسط والعدل في الارض كما ورد في ذلك عنهم عليهم السلام .

 عن الصادق ( عليه السلام ) قال :  كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول : لا يزال الناس ينقصون حتى لا يُقال ( الله ) ، فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه ، فيبعث الله قوما من أطرافها يجيئون قزعاً كقزع الخريف ، والله إنّي لأعرفهم وأعرف أسماءهم وقبائلهم واسم أميرهم ، وهم قومٌ يحملهم الله كيف شاء ، من القبيلة الرجل والرجلين حتّى بلغ تسعة ، فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر ، وهو قوله تعالى : ( ..أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّـهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّـهَ عَلَى? كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‌ ) ، حتّى أن الرجل ليحتبي فلا يحل حبوته حتّى يبلغ الله ذلك ) ([7]).

 وروى الشيخ الصدوق في كمال الدين مسندا عن زين العابدين الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) قال : ( المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر ، يصحبون بمكّة ، وهو قول الله ( … أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّـهُ جَمِيعًا ) (١) ، وهم أصحاب القائم( عليه السلام ) ([8]).  

واما التفاسير السنية فلم تتعرض الى مصداق  الاية المباركة بل فسرت الاية بالحشر والنشر يوم القيامة .

قال الماوردي : فاستبقوا الخيرات فيه تأويلان: أحدهما: معناه فسارعوا إلى الأعمال الصالحة، وهو قول عبد الرحمن بن زيد. والثاني: معناه: لا تغلبوا على قبلتكم بما تقول اليهود من أنكم إذا اتبعتم قبلتهم اتبعوكم، وهذا قول قتادة. يأت بكم الله جميعا إلى الله مرجعكم جميعا، يعني يوم القيامة. إن الله على كل شيء قدير يعني على إعادتكم إليه أحياء بعد الموت والبلى([9]).  

________________________________________________

([1]) أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت (ع) ، مجيب جواد جعفر الرفيعي ، ج 1 ،ص 72 .

([2])الکافی- ط دارالحدیث المؤلف : الشيخ الكليني    الجزء : 3  صفحة : 698

([3]) تفسير أبي حمزة الثمالي ، أبو حمزة الثمالي ، ص113 .

([4])تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي    الجزء : 2  صفحة : 163

([5])سورة البقرة الاية من 147

([6]) تفسير مجاهد ، مجاهد بن جبر ، ج 1  ، ص 91 .

([7])منتخب الاثر فی الامام الثانی عشر علیه‌السلام (لطف‌ الله الصافی الگلپایگانی) ، الجزء : 3 ، الصفحة : 153

([8])إثبات الهداة (الشیخ الحر العاملی) ، الجزء : 5 ، الصفحة : 108

([9])إثبات الهداة (الشیخ الحر العاملی) ، الجزء : 5 ، الصفحة : 108

 847 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *