سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى : ( فتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ….) 19

تفسير قوله تعالى : ( فتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ….) 19

في رحاب تفسير آيات القران المجيد (19)

قال تعالى: ( َفتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) سورة البقرة الاية (37)

في هذه الاية مطالب عدة نتعرض لها

الاول :  ما هي الكلمات التي تلقاها ادم عليه السلام

تعددت الاقوال والاراء في الكلمات التي تلقاها ادم عليه السلام من ربه ويمكن اجمالها بما يلي  .

1- ذكر ابن كثير عدة اقوال([1]). منها ان ادم عليه السلام  تلقى من ربه ايحاء والهاما تكوينيا ،قوله تعالى: ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) ([2]).

2- وقال القرطبي ، الكلمات التي تلقاها ادم ( هي لا إله إلا أنت ، سبحانك اللهم وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسي ، فاغفر لي وأنت خير الغافرين . لا إله إلا أنت ، سبحانك اللهم وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسي ،فاغفر لي وارحمني ، إنك أرحم الراحمين . لا إله إلا أنت ، سبحانك اللهم وبحمدك ،عملت سوءا وظلمت نفسي ، فتب علي إنك أنت التواب الرحيم ([3]).

3- وهناك راي يقول ان الكلمات التي تلقاها ادم حق محمد وال محمد وهو ما عن السيوطي عن ابن عباس قال : سئل النبي ’ عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه .قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي ، فتات عليه ([4]).

ثانيا : توبة الانبياء عليهم السلام

الانبياء عليهم السلام لم يرتكبوا الذنوب المتعارفة عند الناس، ولكن مع ذلك يتوبون امام الساحة المقدسة لله تعالى، وتوبة الانبياء على درجات

1- الدرجة الاولى من التوبة : كما عليه ادم عليه السلام فانه تاب من تركه الاولى والنهي الارشادي ،وكذلك يونس عليه السلام عندما اعتقد بصحة خروجه من قومه ،وكان الاولى له البقاء مع قومه.لذلك قال (لا اله الانت سبحانك اني كنت من الظالمين).

2- الدرجة الثانية من التوبة ؛هو تطهير النفس من الالتفات الى غير الله ،فنفوس بعض الانبياء لانها وصلت الى مقامات عالية جدا- كما في حديث المعراج ،فجبريل يقول للنبي (تقدم فانا لو تقدمت انملة لاحترقت) – كنفس النبي صلى الله عليه واله وكذلك الائمة الاطهار عليهم السلام فهذه النفوس تعتبر ان الالتفات ولو كان يسيرا في قضاء بعض الحاجات المباحة من قبيل التكلم مع الناس او الاكل او الشرب ذنب يجب الاستغفار منه ، لان حسنات الابرار سيئات المقربين، او لانهم عليهم السلام عندما عرفوا الله حق معرفته يعتبرون وجودهم في قبال الوجود المطلق ذنب لا يقاس به ذنب لذلك كانوا يستغفرون ويبكون في ادعيتهم عليهم السلام في محضر الله تعالى . لذلك يقول الامام السجاد عليه السلام (أنا يا رَبِّ الَّذِي لَمْ أَسْتَحْيِكَ فِي الخَلاءِ وَلَمْ اُراقِبْكَ فِي المَلاءِ وَالْمُذْنِبُ الَّذي سَتَرْتَهُ، وَالْخاطِئُ الَّذي اَقَلْتَهُ، اَنَا صاحِبُ الدَّواهِي الْعُظْمى، اَنَا الَّذي عَلى سَيِّدِهِ اجْتَرى، اَنَا الَّذي عَصَيْتُ جَبّارَ السَّماءِ ……..) ([5]؟.

قال ملا هادي سبزواري :> التوبة عن ترك الاولى وهى توبة الانبياء الماضين ^ والثالثه الرجوع عن الالتفات إلى غيره تعالى وتقدس وهى توبة نبينا صلى الله عليه واله المعصومين فتوبتهم عبارة عن رجوعهم عما لعله صدر عنهم من عثرة التوجه إلى غير جنابه تعالى وهى المعتبرة عند اهل السلوك ([6]).

ثالثا :فلسفة قبول التوبة من الله للانسان

الله تعالى خالق الانسان وهو اعرف به ،كمن يصنع جهازا ويعرف الاعطال والاعطاب التي يمكن ان تقع لهذا الجهاز . فالانسان بما انه مركب من نفس بطبيعتها امارة بالسوء وقد صار له عدو ماكر يتحين الفرص عليه من أجل ايقاعه في الانحراف والمعصية، وكذلك هذه الحياة المملوءة بالمغريات والمشتهيات الكثيرة والانسان قد يسقط في فخ هذه الامور لمروره في حالات الضعف النفسي وغفلته عن الله ، لذلك فتح الله باب التوبة بل رغب في التوبة لان رحمته واسعة وكبيرة ولا يمكن قياسها باي رحمة في الوجود من اجل ان لا ييأس الإنسان،قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )([7]). ولذلك قال الامام السجاد عليه السلام ( أَنْتَ الَّذِي فَتَحْتَ لِعِبادِكَ باباً إِلَى عَفْوِكَ، وَ سَمَّيْتَهُ التَّوْبَةَ، وَ جَعَلْتَ عَلى‌ ذلِكَ الْبابِ دَلِيلًا مِنْ وَحْيِكَ لِئَلَّا يَضِلُّوا عَنْهُ، فَقُلْتَ‌ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى‌ رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ»([8]). فَما عُذْرُ مَنْ أَغْفَلَ دُخُولَ ذلِكَ الْبابِ يا سَيِّدِي بَعْدَ فَتْحِهِ، وَ إِقامَةِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ‌ )([9]).

___________________________________

اللهم وفقنا للتوبة في كل آن آن يارب العالمين ولا تجعلنا من الغافلين ……..؟

([1]) تفسير ابن كثير ت سلامه : ابن كثير  :ج 1 :ص 238 .

([2]) سورة الْأَعْرَافِ: 23 .

([3])تفسير القرطبي : القرطبي :ج 1 :ص 324 .

([4])الدر المنثور في التفسير بالماثور : السيوطي :ج 1  :ص 147 .وانظر ،معاني الاخبار ، الشيخ الصدروق ص125 .

([5]) مصباح المتهجد ، الشيخ الطوسي ، ص 589 .

([6])شرح الأسماء الحسنى : الملا هادى السبزوارى :ج 1 :ص 35 .

([7]) سورة التوبة : الاية 222 .

([8]) التحريم: الاية 8 .

([9]) الإقبال بالأعمال الحسنة( ط- الحديثة) المؤلف : السيد بن طاووس : ج 1 : ص 423 .

 1,797 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *