سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ …….)(4)

تفسير قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ …….)(4)

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (4)

قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ،خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) سورة البقرة الاية 6-7 .

نتعرض في هاتين الايتين الى مطالب عدة

اولا : تعريف الكفر لغة واصطلاحا

1- لغة : الكُفْرُ بالضَّمِّ : ضِدُّ الإيمان ويُفتَحُ وأَصلُ الكُفْرِ من الكَفْرِ بالفتح مَصدَر كَفَرَ بمعنى السَّتْر كالكُفور والكُفران بضّمِّهِما ) ([1]) .وقال الطوسي ، والكفر هو الجحود والستر ولذلك سمي الليل كافرا لظلمته قال الشاعر : فتذكرا نقلا رشيدا بعد ما *** القت ذكاء يمينها في كافر

وقال لبيد : في ليلة كفر النجوم غمامها …. يعني غطاها ) ([2])  

2-  اصطلاحا : عدم الايمان بالله او برسله او اوصيائه او ملائكته او كتبه وكل ما يجب الاعتقاد به .

ثانيا : طريقة الدعوة الى الاسلام

كان منهج النبي صلى الله عليه واله في الدعوة الى الاسلام هو التطبيق العملي لمفاهيم الاسلام من الصدق والامانة والعفة والغيرة والاحسان وغيرها من التطبيقات الواقعية وكذلك الحكمة والموعظة الحسنة كما قال تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) ([3]) .

والدعوة لم تكن فقط باللسان كما عليه الآن في الكثير من مواقع الحياة ……؟ فما اكثر الدعاة بالسنتهم وما اقل الذين يطبقون منهج الاسلام العظيم في واقعهم وسلوكهم.

ثالثا : لماذا لا يؤمن الكفار بعد الدعوة

السبب الاكبر من اسباب الكفر بالله بعد الدعوة اليه من قبل الانبياء عليهم السلام هو تمسك الرؤساء والزعماء والملوك بمواقعهم الدنيوية والرئاسات الباطلة والزائلة ،وبعضهم لاتباعهم كبرائهم وطواغيتهم ،وبعضهم لتقليدهم الاباء والاجداد وتركهم للبحث عن الحقيقة كما قال تعالى واصفا حالهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ ) ([4]) . فجحدوا بالانبياء عليهم السلام ولم يؤمنوا بالله الواحد الاحد الذي خلقهم ،وهذا ما ادى بهم في خسارتهم في الدنيا والاخرة.ولذا قال تعالى عنهم (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) .

قال الطبرسي في سبب نزول الاية ان الذين كفرو سواء عليهم …. ،قيل : نزلت هذه الآية والتي بعدها في أبي جهل وأضرابه ، وعلى هذا فيكون التعريف في ( الذين كفروا ) للعهد ، وقيل : هي في جميع من صمم على كفره على العموم ، فيكون التعريف للجنس ([5]).

رابعا : ختم القلوب ليس ابتدائيا  

الله تعالى لا يمكن بل يستحيل ان يختم على قلب احد من الناس ابتداء واول خروجه الى حيز وفضاء الوجود ، بل هذا الختم ياتي بعد ان يتحرك الانسان في دائرة الضلال والكفر والانحراف والفساد ويرفض دعوة الايمان اليه ،ثم بعد ذلك تتم عملية الاستدراج وتتاصل مادة الخبث في النفس والقلب ولا يبقى مجالا لهداية هذا الانسان ورجوعه الى الله تعالى كما هو الحال عندما اخبر الله تعالى عن ابي لهب وغيره في القران الكريم ،وعندها يختم الله على قلبه في الدنيا وكذلك له عذاب عظيم في الاخرة .

وقال البروجردي : وختم على قلبه : جعله لا يفهم شيئا ولا يخرج منه شيء من الخير ، كأنّه وسم بعلامته ، أو ضرب عليه ما يمنعه من دخول الخير منع الختام الأواني([6]).

 عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن قول الله عز وجل : خَتَمَ اللَّه عَلى قُلُوبِهِمْ وعَلى سَمْعِهِمْ )  قال : « الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم ، كما قال الله عز وجل : ( بَلْ طَبَعَ اللَّه عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ) ([7]).

خامسا : معاني القلب

 و القلب قلبان‌ أحدهما، اللّحم الصنوبري المودّع في الجانب الأيسر من الصدر هو لحم في باطنه تجويف، فيه دم أسود، و هو منبع الروح و معدنه، و هذا موجود للبهائم أيضا؛ و الثاني لطيفة ربّانيّة و رقيقه روحانيّة لها بهذا القلب تعلّق قد حار الجماهير في كيفية تعلقها و يعبر عنها تارة بالقلب و أخرى بالروح، و ثالثة بالنفس ([8]).

والمقصود من القلب هو المعنى الثاني والذي اذا صلح صلح الانسان واذا فسد فسد الانسان والقلب الصالح يخطر فيه الأفكار الحسنة ، والنيّات الصالحة ، وينبعث منه العزم والقوّة على الطاعات ، والقلب الطالح لا يخطر فيه إلَّا الشرور والقبائح والوساوس الشيطانيّة ، والأوهام الرديّة الحيوانيّة ، وينبعث منه الحيل والانحرافات ، واتّباع الشهوات .

_________________________________________________

([1]) تاج العروس ، الزبيدي ، ج7 ، ص 450 .

([2]) لتبيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطوسي ، ج1 ، ص 60 .

([3]) سورة النحل ، الاية 125 .

([4])  سورة المائدة ،الاية 104 .

([5]) تفسير جوامع الجامع ، الشيخ الطبرسي ، ج1 ، ص69 .

([6]) تفسير الصراط المستقيم ، السيد حسين البروجردي ، ج4 ، ص 243 .

([7]) البرهان في تفسير القرآن ، السيد هاشم البحراني ، ج2 ـ ص196 .

([8]) شرح توحيد الصدوق ، قاضى سعيد القمى ، ج 2 ، ص 625 .

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *