سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (قلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً ……..)20

تفسير قوله تعالى (قلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً ……..)20

في رحاب تفسير آيات القران المجيد (20)

قال تعالى ( ُقلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ،والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) سورة البقرة الاية من 38 الى 39 .

في هاتين الايتين مطالب عدة نتعرض لها

الاول: تكرار الهبوط

ذكر المفسرون اراء متعددة لتكرار الهبوط ،ولكن الاستظهار من الايات يظهر ان الهبوط الاول كان لادم وحواء عليهم السلام : ( وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) ([1]). ثم كرر الله الهبوط مرة اخرى في هذه الاية للجميع سواء كان لادم او ذريته فقال تعالى: (قلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً ). فساحة وجود الانسان وامتحانه واختباره الارض ،كما قال تعالى: ( وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ) ([2]).

قال صاحب الكشاف : فإن قلت: لم كرر: (قُلْنَا اهْبِطُوا) ؟ قلت: للتأكيد ولما نيط به من زيادة قوله: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً ) ([3]).

الثاني: ما هو الهدى

الهدى هو الذي يحمله الانبياء عليهم السلام الذين هم الناس الكاملين في انسانيتهم واخلاقهم ومعارفهم وهم صفوة الله من اهل الارض وقد اصطفاهم الله لرسالاته لوجود الخصائص والمميزات في نفوسهم وتحملهم للمسؤولية ،وقد زودهم الله تعالى بالمعجزات والدلائل العقلية على صدق وحقيقة دعواهم للهداية الالهية ولكي تكون حجة على العباد .

ثالثا : كيف يمكن للانسان الايمان برسالة الانبياء

الله زود الانسان بالعقل (الجوهرة الثمينة ) والتي من خلال العقل يمكن استكشاف الحقيقة من الوهم والخيال والباطل والضلال ،فدائما دعوة الحق مثل ضوء الشمس لا يشوبها شك او ريب حتى لو غطت الحق السحب الكثيفة ،ولذلك يستطيع الانسان ان يطلب الدليل من مدعي النبوة والسفارة الالهية فبدون الدليل لا يمكن الايمان برسالات الله .

الثالث : نتائج الهداية

الانسان الذي اهتدى الى الطريق الالهي ببركة الانبياء عليهم السلام سوف يزول عنه الخوف والاضطراب النفسي ،ويطمئن بالله مهما كان في الدنيا من بلاء ومحن ومصائب فالدنيا هكذا خلقها الله (طبعت على كدر )،واما في الاخرة فكما قال الله تعالى : (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) ([4]). ولسان حالهم حينما يدخلون الى الجنة (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ) ([5]).وهذا دليل على ان الدنيا ليس محلا للراحة ولكن بدخولهم الى الجنة زال العناء والتعب منهم .

الرابع :فلسفة الكفر والتكذيب

ان فلسفة الكفر والجحود والتصدي للانبياء والمرسلين عليهم السلام على مر الدهور ؟ هو الجهل المطبق وغلق العقول وفسادها وترسيخ العقائد الباطلة في النفوس ،وكذلك الخوف على المصالح والمواقع والمناصب والمنافع الشخصية من الزوال، وتفضيل عالم الدنيا على عالم الاخرة ؟.

الخامس: نتائج الكفر

حتى لو تمتع الكافر ببعض من نعم الدنيا وبهرجتها وزينتها ولكن يبقى الكافر بالله يعيش القلق والاضطراب النفسي مهما تظاهر بالسعادة وهو مصداق لقوله تعالى: َ(مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً ، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) ([6]) .

لذلك قال الشيخ الطبرسي ، وفي هذه الآية : ( والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) دلالة على أن من مات مصرا على كفره ، غير تائب منه ، وكذب بآيات ربه ، فهو مخلد في نار جهنم)([7]) .

_____________________________

([1]) سورة البقرة : الاية 36 .
([2]) سورة البقرة ، الاية 36 .
([3])تفسير الزمخشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ، الزمخشري ،ج1 ،ص 129 .
([4])  سورة الانبياء : الاية 103 .
([5])  سورة فاطر : الاية 34 .
([6]) سورة طه : الاية 124 ،125 .
([7]) تفسير مجمع البيان : الطبرسي : ج1 ، ص 180 .

 626 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *