سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله (قال تعالى : ( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ …) 18

تفسير قوله (قال تعالى : ( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ …) 18

في رحاب تفسير آيات القران المجيد (18)

قال تعالى : ( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ) سورة البقرة الاية (36)

في هذه الاية مطالب عدة

اولا : هل يمكن للشيطان الوصول الى الانبياء

ابليس يستطيع الوصول الى كل انسان يعيش في الوجود ومهما كان هذا الانسان ولكن يقظة الانسان مانعة عن الوقوع في شراكه ، ولذلك ورد في كتب العامة عن النبي صلى الله عليه واله  : ( ان الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم ) ([1]) وعن الشعبي قال رسول الله صلى الله عليه واله : ( ما من إنسان إلا ومعه شيطان قالوا : وأنت يا رسول الله ؟ قال : وأنا ، لكنه أسلم بعون الله <([2]) يعني الاستسلام وترك الوسوسة للنبي وليس بمعنى صار مؤمنا .؟ واذا لم يكن الانسان صاحب يقظة وانتباه فقد يكون وجوده وجودا شيطانيا وهو لا يدرك ذلك بل لعله يدعي الصلاح والفلاح والايمان كما قال تعالى : ( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) ([3])

ثانيا : كيفية ازلال ابليس لادم وحواء

الشيطان لا يمكن له ان يستقر بعد تفضيل الله لادم عليه السلام ،لذلك سعى وبكل جهد من اجل ان ينتقم من ادم عليه السلام ويخرجه من الجنة والنعيم الذي هو فيه وهذا هو الحسد الذي يؤدي الى الحقد والعدواة ، لذلك جاء له بحيلة وخداع فقال لهما : (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ، وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) ([4]). فالله تعالى عندما نهاكم عن الاكل من الشجرة والاقتراب منها حتى لا تكونا ملكين او تكونا خالدين في الجنة ،فاذا اكلتم منها سوف تكونا كذلك واقسم لهما بذلك فقبلا منه ذلك .؟ ونحن قلنا ان ادم عليه السلام ترك الاولى في الاقتراب من الشجرة ولم يكن ما فعله كالذنب المتعارف عليه من قبل الناس .؟

ثالثا : الهبوط من الجنة

لا شك ان الجنة التي كان يعيش فيها ادم عليه السلام فيها كل وسائل النعيم والراحة ولكن كانت بشرط ان لا يقترب من الشجرة ،ولكن بعد الاقتراب من الشجرة عليه ان يتحمل تبعات الامر وهو الهبوط من الراحة والنعيم الى الشقاء والتعب والبلاء والمحنة والعمل والتكليف ،وقد جاءت كلمة الهبوط في القرآن كما في قوله : ( اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ )  ([5]). والهبوط هو من المكان العالي الى المكان الداني ومن الافضل الى الادنى .؟

قال البيضاوي:  ( وقلنا اهبطوا خطاب لآدم عليه الصلاة والسلام وحواء لقوله تعالى: قال اهبطا منها جميعا . وجمع الضمير لأنهما أصلا الجنس فكأنهما الإنس كلهم ، أو هما وإبليس أخرج منها ثانيا بعد ما كان يدخلها للوسوسة، أو دخلها مسارقة أو من السماء )([6]).

رابعا : عداوة الشيطان للانسان

لا يمكن اجراء مصالحة بين الانسان وبين الشيطان فالعدواة مستحكمة الى يوم القيامة وقد طلب الشيطان من الله النظرة الى يوم الدين وقد وافق الله على طلبه  : ( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) ([7])وقد نبه الله الانسان لهذه العداوة بقوله تعالى: ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) ([8])

خامسا : الارض مكان الصراع بين الانسان والشيطان

المكان الذي يتصارع فيه الانسان مع الشيطان هو عالم الدنيا وكوكب الارض بما فيها من مغريات ومشتهيات واموال ومناصب وحق وباطل وشبهات وجهل ،ولذلك يحتاج الانسان حتى يتخلص من شرك الشيطان الى الوعي والتعقل والعمل بالقوانين الالهية ،فالدنيا عمل ولا حساب ،والاخرة حساب ولا عمل ولذلك قال تعالى 🙁 وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ) يعني الى يوم البعث والموت .؟ اسال الله ان يعيننا على انفسنا ويخلصنا من كيد الشيطان.؟

_______________________________

([1]) صحيح البخاري ، البخاري ، ج 8 ، ص114 .وفي رواية عن أبي جعفر 8 قال : إن آدم (ع) قال : يارب سلطت علي الشيطان و اجريته مني مجرى الدم  فاجعل لي شيئا ، فقال : يا آدم جعلت لك أن من هم من ذريتك بسيئة لم تكتب عليه ، فإن عملها كتبت عليه سيئة ، ومن هم منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة ، وإن هو عملها كتبت له عشرا. قال : يارب زدني ، قال : جعلت لك أن من عمل منهم سيئة ثم استغفر غفرت له ، قال : يارب زدني ، قال : جعلت لهم التوبة وبسطت لهم التوبة حتى تبلغ النفس هذه ، قال : يارب حسبي .  بحار الأنوار – ط مؤسسةالوفاء ، العلامة المجلسي ، ج 6  ،ص 19 .

([2]).  بحار الأنوار – ط مؤسسةالوفاء ، العلامة المجلسي ، ج 17 ،ص 44.

([3]) سورة الكهف ، الاية 114 .

([4]) الاعراف : الاية 20 ، 21 .

([5]) سورة البقرة : الاية 61 .

([6]) تفسير البيضاوي انوار التنزيل واسرار التاويل ، ناصر الدين البيضاوي ،ج 1  ،ص 73 .

([7]) سورة الحجرات : الاية 35 الى 40 .

([8]) سورة فاطر : الاية 6 .

 800 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *