سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ …..) 75 .

تفسير قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ …..) 75 .

 في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (75)

قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ،ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) سورة البقرة الاية 174 الى 176.

تعرض في هذه الايات الى مطالب

الاول : اسوأ التجارة التجارة بالدين

اسوأ التجارة هي التجارة بالدين لمن لا دين له ،وذلك لان الذي لا دين له يقود المجتمع الى الضلال والانحراف باسم الدين ،وما يؤول اليه مثل هذا الوضع هو انقسام المجتمع بين تابع مطيع خاشع خانع يقدس تجار الدين متصورا ان بيدهم الدنيا والاخرة ،وان الخروج منهم خروج من الدين، وبين خارج ومنحرف من الدين وناقم على الدين واهل الدين الحقيقيين ،وهذه فتنة المجتمع على مر العصور …….؟

الثاني : كتم العلم

من الاسباب التي تؤدي الى كتم العلم هو حب الدنيا والرئاسة الباطلة فالبعض يكتم الحقيقة ولا يظهرها الى غيره لئلا تذهب مكانته الاجتماعية في المجتمع سواء هذه الحقيقة على مستوى الافراد او على مستوى المجتمع . واليهود هم اول من ماس هذه الصفة فقد كتموا امر النبي الاكرم صلى اله عليه وهذه الاية وان كانت في اليهود ولكن قد تسري الى غيرهم .

قال بن اكثير :  اليهود هم الذين كتموا صفة محمد صلى الله عليه واله في كتبهم التي بأيديهم ، مما تشهد له بالرسالة والنبوة ، فكتموا ذلك لئلا تذهب رياستهم وما كانوا يأخذونه من العرب من الهدايا والتحف على تعظيمهم إياهم ، فخشوا لعنهم الله إن أظهروا ذلك أن يتبعه الناس ويتركوهم([1]) .

الثالث : جزاء الذين يتاجرون في الدين

توعد الله تعالى في ايات كثيرة الذين يتاجرون في الدين ،وقد مرت علينا بعض الايات ومنها هذه الاية المباركة في قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ والْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ ويَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) ([2]). وكذلك ايات اخرى سوف تاتي ان شاء الله تعالى ، وفي هذه الاية المباركة التي هي بصدد البحث آثار اخرى توعد الله بها تجار الدين منها .

1-  النار في بطونهم : ما ياكلون في بطونهم الا النار؛ في هذا المقطع من الاية لعله اشارة الى تجسم الاعمال وان هذا الذي ياكل باسم الدين انما ياكل في بطنه نارا في الحال وان كان لا يشعر به ولكن هذا سوف يظهر في عالم الاخرة كما في عبرت عن اكل مال اليتيم بقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) ([3]).

وهناك قول اخر للشيخ الطوسي في قوله تعالى ( ما يأكلون في بطونهم إلا النار) : الاجر الذي أخذوه على الكتمان ، سمي بذلك ، لأنه يؤديهم إلى النار([4]).

2- لا يكلمهم الله : ولا يكلمهم الله يوم القيامة ؛وهنا كناية عن الغضب الالهي عن هؤلاء الذين كتموا الحق والحقيقة عن الناس وتسببوا في ضلال الناس . كما في قوله تعالى( قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ) ([5]).

3- لا يزكيهم الله : ولا يزكيهم ،التزكية بمعنى الطهارة ، والجنة لا يدخلها الا الانسان الطاهر ،وهؤلاء لا يطهرهم الله يوم القيامة والتي على اساسها يدخلون الجنة لانهم ماتوا وهم مصرون على كتمان الحقيقة وقد خانوا الله .

4- العذاب الاخروي : وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، نعوذ بالله من عذاب الله {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ} ([6])

الرابع : جرأة الانسان على الله

في هذه الاية المباركة يصور الله جرأة الانسان على الله  وهو انهم استبدلوا الهدى بالضلال واستبدلوا  المغفرة بالعذاب ، وبعبارة اخرى فمع ان هذا الانسان يعرف انه سوف يموت ويعرف انه سوف يحشر ويحاسب ومع ذلك ترى هذا الانسان يتجرأ على الله باشكال وانواع مختلفة من الجرأة ويجاهر الله في المعصية وكأن ليس وراءه جنة او نار ومن هنا يقول الله تعالى (فما اصبرهم على النار ) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه واله ( لَوْ أَنَّ الْبَهَائِمَ تَعْلَمُ مِنَ الْمَوْتِ مثل الَّذِي تَعْلَمُونَ , مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِينًا أَبَدًا) ([7])   .

الخامس : الاختلاف في الدين سبب الحقد والكراهية بين الناس

قال تعالى ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ) اختلف المفسرون في الكتاب ، هل هو القران او التوراة([8])   وكذلك اختلف المفسرون في الذين اختلفوا في الكتاب([9])

1- اهل الكتاب ،باعتباران اهل الكتاب هم الذين وقفوا وصدوا عن الرسالة الالهية الخاتمة وعدم الايمان بها مع معرفتهم للحق والحقيقة .؟

2- وبعضهم قال هم المسلمون ،فانهم اتفقوا على الرسول والقران ولكنهم اختلفوا بعد رحيل النبي على جملة من القضايا العقائدية والفكرية ،ولا شك ان الاختلاف يؤدي الى الشقاق والفتنة والحروب والتقل والحقد والكراهية وهذا ما نراه اليوم قائما بين المسلمين.

قال الزمخشري :وإن الذين اختلفوا فيه من المشركين – فقال بعضهم: سحر، وبعضهم: شعر، وبعضهم: أساطير([10])

__________________________________________________

([1]) تفسير ابن كثير (ابن كثير) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 212

([2]) سورة البقرة : الاية 159 .

([3]) سورة النساء : الاية 10 .

([4])التبيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطوسي ، ج 2 ، ص88 .

([5]) سوة المؤمنون : الاية 108 .

([6]) سوة الفجر : الاية 25 .

([7]) ميزان الحكمة (محمدي الريشهري) ، الجزء : 4 ، الصفحة : 2972

([8])تفسير مجمع البيان ، الشيخ الطبرسي ، ج1 ،ص480 .

([9])تفسير أبي السعود المؤلف : أبي السعود    الجزء : 1  صفحة : 192

([10])تفسير الزمخشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (الزمخشري) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 217

 523 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *