سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ …….) 74 .

تفسير قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ …….) 74 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (74)

قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ، إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة البقرة الاية 172 الى 173 .

نتعرض في هاتين الايتين الى مطالب

الاول : تخصيص المؤمنين بالاكل

 في الاية السابقة خاطب الله تعالى جميع الناس بالاكل مما احله من الطيبات بقوله تعالى > يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا ….. »([1]) . وان لا يتبعوا خطوات الشيطان ، فان ذلك يؤدي الى الهلاك .

  وفي هذه الاية المباركة يخاطب الله تعالى المؤمنين خاصة ، لأنهم الذين يطيعون الله تعالى وينتفعون بالتوجيهات الالهية والربانية بخلاف غيرهم من الناس فهم لا ينتفعون بها .

 قال الشوكاني : قَوْلُهُ: كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ هَذَا تَأْكِيدٌ لِلْأَمْرِ الأول، أعني قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤْمِنِينَ هُنَا لِكَوْنِهِمْ أَفْضَلَ أَنْوَاعِ النَّاسِ»([2]) .

الثاني  : شكر الله واجب عقلي

بعد ان تعرضت الايات الى السابقة الى اباحة الاكل الى الجميع بما فيهم المؤمن والكافر ،ولكن هذه الاية اختصت بدعوة المؤمنين الى اكل الطيبات التي هي رزق الله تبارك وتعالى وشكر الله على هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى ، وشكر الله تعالى واجب عقلي ،فالعقل يدرك ان شكر المنعم واجب حتى لو لم يامر الله بالشكر، ولكن الله تعالى يذكر الانسان بشكر المنعم حتى لا تاخذه الغفلة وينسى الشكر ،فطبيعة الانسان في الاعم الاغلب هو غلية النسيان الا ما رحم الله تعالى .وقد ورد في الحديث عن أنس عن النبي صلى الله عليه واله وسلم : يقول الله تعالى : إني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر غيري  »([3]) .

واقل الشكر ان لا يستخدم الانسان نعم الله في معاصي الله تعالى كما ورد في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام « أقلّ ما يلزمكم للَّه ان لا تستعينوا بنعمه على معاصيه »([4])  .

الثالث : المحرمات من الاكل

عقيدتنا بالله تعالى انه كمال وجمال مطلق ،و لذا فيستحيل على الله ان يحرم طعاما الا لوجود المفسدة والضرر فيه، وقد ورد في الحديث عن الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام «إن الله تبارك وتعالى لم يبح أكلا ولا شربا إلا لما فيه المنفعة والصلاح، ولم يحرم إلا ما فيه الضرر والتلف والفساد»([5]) .وقد توصل العلم الحديث الى ضرر هذه اللحوم التي حرمها الله تبارك وتعالى ويمكن الاطلاع عليها في العلوم المختصة .؟ والمحرمات التي ذكرت في هذه الاية المباركة والتي لا يجوز اكلها اربعة وهي

1- الميتة ، وهي الحيوان الذي مات من غير ذبح شرعي .

2- الدم ،لا يجوز شربه واما التبرع به ونقله من شخص الى اخر فيجوز .

3- الخنزير لحمه وشحمه وجميع أجزائه .

4- ما أهلّ به لغير اللَّه ،ويعني عند الذبح ذكر غير الله ،اصنام ام غيرها .

الرابع : المحرمات ليست محصورة في الاية

هناك بعض المحرمات من الماكولات لم تذكر في القران الكريم وانما ذكرت في روايات عن النبي صلى الله عليه واله واهل بيته الكريم ومنها

1- برية ،  ويحرم منها السباع، وهى ما كان مفترسا وله ظفر وناب قويا كان كالاسد والنمر والفهد والذئب، أو ضعيفا كالثعلب والضبع وابن آوى. وكذا يحرم الارنب وان لم يكن من السباع، وتحرم الحشرات كلها كالحية والفارة والضب واليربوع والقنفذ والصراصير والجعل والبراغيث والقمل وغير ذلك من انواعها الكثيرة ([6]).

 2- بحرية ، يحرم الجري والمار ماهي والزهو على قول، ولا السلحفاة والضفدع والسرطان، والجلال من السمك حتى يستبرأ بأن يطعم علفا طاهرا في الماء يوما وليلة. والبيض تابع، ولو اشتبه أكل الخشن دون الاملس

قال السيستاني : ولا يحل ما ليس له فلس في الاصل كالجري والزمير والزهو والمارماهي ، وإذا شك في وجود الفلس وعدمه بنى على العدم([7]).

3- الطيور ، ويحرم منه الخفاش والطاووس وكل ذي مخلب، سواء كان قويا يقوى به على افتراس الطير كالبازي والصقر والعقاب والشاهين والباشق أو ضعيفا لا يقوى به على ذلك كالنسر والبغاث([8]).

الخامس :عند الضرورات تباح المحظورات

كل قاعدة لها استثناء ،والمضطر هو الانسان الذي يخاف على نفسه الموت والهلاك اذا لم يتناول المحرم ،ولكن بالمقدار الذي يرتفع معه الضرر ولذا قال العلماء ان الضرورة تقدر بقدرها > فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ » . فالباغي من يرتكب الحرام من غير ضرورة ، والعادي من يتجاوز مقدار الحاجة .

 قال القاسمي : ولما كان هذا الدين يسرا لا عسر فيه ولا حرج، رفع حكم هذا التحريم عن المضطر. فقال : فمن اضطر أي: ألجأه ملجئ بأي ضرورة كانت إلى أكل شيء مما حرم بأن أشرف على التلف، فأكل من شيء منه حال كونه: غير باغ أي: غير طالب له راغب فيه لذاته. ولا عاد أي: مجاوز لسد الرمق وإزالة الضرورة: فلا إثم عليه وإن بقيت حرمته، لأنه إذا تناوله حال الاضطرار لا يؤثر فيه الخبث لأنه كاره بالطبع، ان الله غفور لما أكله حال الضرورة: رحيم حيث رخص لعباده في ذلك إبقاء عليهم([9]).

_____________________________________

([1]) سورة البقرة : الاية 168 .

([2])  فتح القدير للشوكاني المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 195

([3])تفسير الزمخشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (الزمخشري) ،ج 1 ، ص 214

([4])موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (الشيخ باقر شريف القرشي) ، ج 6 ، ص 96

([5])الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (مؤسسة آل البيت عليهم السلام) ، ج 1 ، ص 254 .

([6])هداية العباد المؤلف : الشيخ لطف الله الصافي    الجزء : 2  صفحة : 290

([7]) منهاج الصالحين ـ العبادات المؤلف : السيد علي السيستاني    الجزء : 3  صفحة : 292

([8])تحرير الوسيلة المؤلف : السيد روح الله الخميني    الجزء : 2  صفحة : 157

([9]) تفسير القاسمي ، محمد جمال الدين القاسمي ، ج3 ،ص383 . دار إحياء الكتب العربية ، سنة النشر: 1376 هـ – 1957 م ، رقم الطبعة: الطبعة الأولى .

 

 876 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *