سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ …) 130 .

تفسير قوله تعالى(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ …) 130 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (130)

قال تعالى(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِاْئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )سورة البقرة من الاية260 الى 261

 نتعرض في هذه الاية الى مطالب

الاول: سر التاكيد الالهي على الانفاق

يمكن القول ان الانفاق يمثل قيمة عليا في الاسلام ،وذلك لان المال يعتبر وسيلة طبيعية ومهمة من وسائل تطور وحركة الحياة ، فانت اذا اردت ان تقوم باي مشروع تخدم فيه المجتمع اذا لم يكن عندك المال لا يمكن ان تقوم بهذا المشروع ،ولذلك جاءت الايات الكثيرة في طرح موضوع الانفاق ودعوة الناس الذين يؤمنون بالله وبالاسلام والدين من اجل الانفاق ،تارة بالترغيب اليه بان المنفق سوف يعوضه الله في الدنيا والاخرة ، وتارة بالترهيب للذين يبخلون ويمنعون اعطاء الحق الشرعي الذي اوجبه الله تعالى عليهم كما في هذه الاية المباركة (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ  سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ([1]).

 الثاني : السببية الطبيعية بين الاشياء

الله تعالى لا ينفي السببية والقوانين الطبيعية بين الاشياء ،فعالم الامكان الذي نعيش فيه مجموعة من الاسباب والمسببات فالمرض له سبب والصحة لها سبب والجوع له سبب والمطر له سبب والرزق له سبب والفقر له سبب والموت له سبب والحياة لها سببها وان كان الله هو خالق الاسباب.

قال النسفي ﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ﴾ أوْ مَثَلُهم كَمَثَلِ باذِرِ حَبَّةٍ ﴿أنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ في كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾ المُنْبِتُ هو اللهُ، ولَكِنَّ الحَبَّةَ لِما كانَتْ سَبَبًا أسْنَدَ إلَيْها الإنْباتَ كَما يُسْنِدُ إلى الأرْضِ وإلى الماءِ ([2]).

الثالث : لاحد لجزاء الانفاق في سبيل الله

لقد حد الله حدا وجزاء للانفاق وهو ان الذين ينفقون في سبيله تعالى وفي قبال كل نفقة سبعمائة حسنة حتى يندفع الناس في المتاجرة مع الله تعالى ،فقال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِاْئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ )

وفي الدعاء عن الامام السجاد عليه السلام (وأنت الذي زدت في السوم على نفسك لعبادك ، تريد ربحهم في متاجرتك  ، وفوزهم بزيادتك .فقلت  ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها ) ،ثم قلت : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة  وما أنزلت من نظائرهن في القرآن ([3]).

وقد يعترض البعض ؟هل توجد مثل هذه الحبة التي يخرج منها سبعمائة حبة ،والجواب ان الله عالم بكل معلوم فهذه المثال والصورة اما تكون موجودة ونحن لم نهتدي اليها ،واما جاء المثال من اجل تقريب الفكرة بهذا المثال حتى يندفع الانسان نحو الانفاق

 الرابع : النية واثرها في مضاعفة الاجر والثواب

   الانفاق في سبيل الله تتدخل فيه حركة الانسان ونيته ، كما في الأحاديث الكثيرة «فإنما الأعمال بالنيّات، إنما لكل امرىء ما نوى» ([4]). و«يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة» ([5]).      فرب دينار واحد من انسان صادق ومن تعب ورزق حلال افضل عند الله من مليون دينار .؟

وكما للنية دخل في مضاعفة الاجر والثواب كذلك مورد انفاق المال من حيث اهميته عند الله تعالى وزمانه ومكانه ،فرب دينار واحد انفق من اجل نشر الدين وفائدة المجتمع بحيث يبقى له الاثر في الحياة  افضل من الملايين التي تنفق على  موارد لا فائدة منها.؟ لذلك على الانسان ان يخلص في اخراج المال وكذلك انفاقه في المورد الذي يمكن ان يرضي الله اكثر من غيره حتى يفوز بالاجر المضاعف عند الله تعالى ، ومن اجل ذلك قال الله تعالى (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ).

قال البيضاوي:  ﴿واللَّهُ يُضاعِفُ﴾ تِلْكَ المُضاعَفَةَ. لِمَن يَشاءُ بِفَضْلِهِ وعَلى حَسَبِ حالِ المُنْفِقِ مِن إخْلاصِهِ وتَعَبِهِ، ومِن أجْلِ ذَلِكَ تَفاوَتَتِ الأعْمالُ في مَقادِيرِ الثَّوابِ. ﴿واللَّهُ واسِعٌ﴾ لايُضَيِّقُ

عَلَيْهِ ما يَتَفَضَّلُ بِهِ مِنَ الزِّيادَةِ. ﴿عَلِيمٌ﴾ بِنِيَّةِ المُنْفِقِ وقَدْرِ إنْفاقِهِ([6]) .

وعن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له أرأيت المؤمن له فضل على المسلم في شئ من المواريث والقضايا والاحكام حتى يكون للمؤمن أكثر مما يكون للمسلم في المواريث أو غير ذلك ؟ قال : لا هما يجريان في ذلك مجرى واحد إذا حكم الامام عليهما ولكن للمؤمن فضلا على المسلم في أعمالهما يتقربان به إلى الله ، قال : فقلت : أليس الله يقول : ” من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ” وزعمت أنهم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحج مع المؤمن ؟ قال : فقال : أليس الله قد قال : ” والله يضاعف لمن يشاء أضعافا كثيرة ” فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله لهم الحسنات لكل حسنة سبعين ضعفا ، فهذا من فضلهم ويزيد الله المؤمن في حسناته على قدر صحة ايمانه أضعافا مضاعفة كثيرة ، ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء([7]) .

______________________________

([1]) سورة ال عمران : الاية 180 .

([2])تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التاويل) (النسفي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 128

([3])  إقبال الأعمال ،  السيد ابن طاووس ،ج1 ، ص423 ، تحقيق : جواد القيومي الاصفهاني ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : رجب  1414 ، الناشر : مكتب الإعلام الإسلامي .

([4])ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار (العلامة المجلسي) ، الجزء : 6 ، الصفحة : 495

([5])ميزان الحكمة (المحمدي الري شهري، الشيخ محمد) ، الجزء : 4 ، الصفحة : 3410

([6]) تفسير البيضاوي (انوار التنزيل واسرار التاويل) (البيضاوي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 158

([7]) تفسير العياشي ،  محمد بن مسعود العياشي ، ج 1 ، ص147 .

 988 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *