سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرائيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى …..) 119 .

تفسير قوله تعالى(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرائيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى …..) 119 .

 في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (119)

قال تعالى(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرائيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّه قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّه وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) سورة البقرة من الاية 245 الى الاية 246 .

نتعرض في هذه الاية الى مطالب عدة

اولا : ازدواجية الانسان بين القول والفعل

اطلاق الكلام كما يقولون لا توجد عليه اي ضريبة ولكن العمل وتطبيق الكلام يحتاج الى نفوس قوية قد تدربت على العمل المطابق للقول ، ولذلك من السهولة ان يقول الانسان اني صادق ،وامين ، وعفيف ،وقوي ،ومخلص ، واني قادر على تطبيق العدل والنظام وتحقيق السعادة والامن للمجتمع وما شابه هذه الامور ولكن عندما ينزل الى ارض الواقع ويقع في الاختبار والابتلاء قد لا تكون لهذه المقولات أي مصداقية .؟

 ومن هذا القبيل جاء بعض من بني اسرائيل الى نبي لهم وقد قال بعض المفسرين انه صموئيل فقالوا له نريد اميرا تقيمه علينا نقاتل في سبيل الله كما في قوله تعالى( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرائيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّه ، ) .

قال القرطبي:  قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ﴾ أَيْ فُرِضَ عَلَيْهِمْ (الْقِتالُ تَوَلَّوْا) أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لَمَّا فَرَضَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالَ وَرَأَوُا الْحَقِيقَةَ وَرَجَعَتْ أَفْكَارُهُمْ إِلَى مباشرة الحرب وأن نفوسهم رُبَّمَا قَدْ تَذْهَبُ “تَوَلَّوْا” أَيِ اضْطَرَبَتْ نِيَّاتُهُمْ وَفَتَرَتْ عَزَائِمُهُمْ، وَهَذَا شَأْنُ الْأُمَمِ الْمُتَنَعِّمَةِ الْمَائِلَةِ إِلَى الدَّعَةِ تَتَمَنَّى الْحَرْبَ أَوْقَاتَ الْأَنَفَةِ فَإِذَا حَضَرَتِ الْحَرْبُ كَعَّتْ وَانْقَادَتْ لِطَبْعِهَا “([1]) .

ثانيا : الانبياء يعرفون حقيقة الناس

الانبياء عليهم السلام اكثر الناس معرفة بباطن النفوس البشرية وواقع الانسان ولذلك فهم يضعون الاشياء في مواضعها الصحيحة ويصدر الكلام منهم بواقعية وليس جزافا كما يصدر من الناس الاخرين ،وبالتالي فهم يعرفون ان الكلام شيء بسيط ولكن الفعل يحتاج الى ارادة قوية وشجاعة قد لا تتوفر في الاعم الاغلب من الناس ، ولذا فعندما جاء بعض القوم من بني اسرائيل الى النبي صموئيل يطلبون منه القتال ،قال لهم اني اخشى ان لا تستجيبوا للقتال اذا فرضه الله عليكم ، لان القتال فيه خسائر كثيرة قد لا تتحملها نفوسكم ،فقالوا ( قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّه وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا) .؟فكان جوابهم انهم انما يريدون القتال لاستعادة مكانتهم وموقعهم في الواقع الاجتماعي والديني في الحياة وذلك انهم تعرضوا للاضطهاد من قبل الاخرين .؟

قال الطبرسي : (قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقتلوا) أي: لعلكم إن فرض عليكم القتال مع ذلك الملك ألا تقاتلوا وتجبنوا، بمعنى: أتوقع جبنكم عن القتال، فأدخل (هل)  مستفهما عما هو متوقع عنده ومظنون، وأراد بالاستفهام التقرير وأن يثبت أن المتوقع كائن، قالوا: * (وما لنا ألا نقتل في سبيل الله) وأي داع لنا إلى ترك القتال، وأي غرض لنا فيه * (وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا) “([2]) .

الثالث : تمني لقاء العدو

الشريعة لا تحث على نزال وملاقاة العدو لان ملاقاة العدو ليست امرا سهلا بل ملاقاة العدو فيها قتل وذهاب الاموال وغيرها مما يجب بذله .

نعم الشريعة حثت على الصبر والثبات اذا كان ولا بد من منازلة الاعداء .

  قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ” لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذ لقيتموهم فاثبتوا واذكروا الله”([3]) .

الرابع : الثبات للعدد القليل في كل الازمان

واقع الحياة والتجربة والتاريخ هو ان القليل من يصمد ويصبر امام الابتلاء والامتحان والاختبار وان الاغلبية والاكثرية هي التي تنهزم عندما تخضع للتجربة ، وذلك لاسباب كثيرة ويجمع هذه الاسباب حب الدنيا والتعلق بها وعدم اليقين بالله وبرسله ومعرفة خطة الله في الارض ولذلك هؤلاء الذين طلبوا القتال من صموئيل عندما فرض الله القتال عليهم بدأوا بالتشكيك والانهزامية وعدم قبول الاوامر الالهية لذلك قال تعالى (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ).

وفي التفاسير ان هؤلاء الذين صمدوا هم الذين اغترفوا اختبرهم طالوت بماء النهر فغرفوا غرفة من الماء وقد بقي مع طالوت  ثلاثمائة وثلاثة عشر .

﴿إلا قَلِيلا مِنهُمْ﴾ وهُمُ الَّذِينَ جاوَزُوا النَّهْرَ، وكانُوا ثَلاثَمِائَةٍ وثَلاثَةَ عَشْرَةَ عِدَّةَ أهْلِ بَدْرٍ، ﴿واللَّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ﴾ ومِنهُمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا بِالتَّوَلِّي عَنِ القِتالِ وتَرْكِ الجِهادَ، وتَنافَتْ أقْوالُهم وأفْعالُهُمْ”([4]) .

__________________________________________

([1]) تفسير القرطبي (القرطبي) ، الجزء : 3 ، الصفحة : 245

([2]) تفسير جوامع الجامع : الشيخ الطبرسي ، ج 1 ، ص 228 .

([3]) تفسير ابن كثير المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 328

([4]) تفسير الآلوسي (الآلوسي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 166

 707 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *