سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله : (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ …..)17

تفسير قوله : (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ …..)17

في رحاب تفسير آيات القران المجيد (17)

قال تعالى : ( وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) سورة البقرة الاية (35) .

في هذه الاية المباركة مطالب عدة

اولا : خلق الله حواء لتكون الى جانب ادم

طبيعة خلق الرجل تحتاج الى وجود المرأة معه ،فبدون خلق المراة يبقى الرجل ناقصا الى شيء يكمله ولا يمكن تكميله الا بوجود المراة الى جواره وقربه لكي تكون له انسا وسكنا يسكن اليها ، كما قال تعالى:> وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ) ([1])  وقال تعالى :(وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )([2]) ؟ ولذلك وظيفة المراة ان تعرف كيف تكون سكنا للرجل وانساً وتكون الى جواره وقربه في كل ظروفه،وكما قيل؛ فان وراء كل رجل عظيم امراة ،عرفت وظيفتها وتكليفها .؟فعن الإمام الصادق عليه السلام: (جاء رجل إلى رسول الله ’ فقال: إن لي زوجةً إذا دخلت تلقتني وإذا خرجت شيعتني وإذا رأتني مهموماً قالت: ما يهمك؟ إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هماً فقال رسول الله ’ : بشرها بالجنة وقل لها: إنك عاملة من عمال الله ولك في كل يومٍ أجر سبعين شهيداً”([3])

ثانيا : كيف خلقت امنا حواء

المشهور من مفسري العامة يذهبون الى ان حواء خلقت من ضلع الرجل عندما كان ادم نائما وانها خلقت من ضلع اعوج وناقص وهكذا …….؟ .

قال القرطبي : ( وزوج آدم عليه السلام هي حواء عليها السلام ، وهو أول من سماها بذلك حين خلقت من ضلعه([4]).

وقال ابن كثير: ( وخلق منها زوجها ، وهي حواء عليها السلام خلقت من ضلعه الأيسر من خلقه وهو نائم فاستيقظ فرآها فأعجبته فأنس إليها وأنست إليه([5]).

وقد استفادوا ذلك من روايات يمكن المناقشة فيها كما روى البخاري عن أبي هريرة عن النّبيّ’ قال: «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر، فلا يؤذي جاره، واستوصوا بالنّساء خيرًا، فإنّهنّ خلقن من ضلعٍ، وإنّ أعوج شيءٍ في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء خيرًا»([6]).

والصحيح كما عليه المحققون من العلماء ان خلقة امنا حواء هي من نفس جنس وطينة وخلقة ادم عليه السلام ،كما يدل عليه قوله تعالى : (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً )([7]). وكذلك  تبعا لروايات اهل البيت عليهم السلام عن الباقر عليه السلام : انه سئل عن أي شيء خلق الله حواء فقال: أي شيء يقولون هذا الخلق؟ قلت: يقولون إن الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم، فقال: كذبوا كان يعجز أن يخلقها من غير ضلعه، ثم قال: أخبرني أبي عن آبائه عليه السلام قال : قال رسول الله ’: ان الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه وكلتا

يديه يمين فخلق منها آدم وفضل فضلة  فضلة من الطين فخلق منها حواء»([8]).

ثالثا : جنة ادم ارضية وليست سماوية

الجنة تطلق ويراد منها البستان والحديقة الجميلة الغناء ذات الشجر والنخيل والذي فيه ما لذ وطاب كما في قوله تعالى:( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا ) ([9])

ولعل اصحاب التفسير من العامة الاكثر يذهبون أن الجنة التي كان فيها آدم، قبل المعصية، هى جنة واقعة وراء الحس، أي أنها من تلك الجنات السماوية، التي وعد المتقون بها فى الآخرة.

قال ابن كثير : ( وقد اختلف في الجنة التي أسكنها آدم أهي في السماء أو في الأرض فالأكثرون على الأول وحكى القرطبي عن المعتزلة والقدرية القول بأنها في الأرض )([10])

وكذلك اختلف العلماء من مدرسة اهل البيت عليهم السلام في جنة ادم هل هي سماوية ام ارضية لاختلاف الروايات في ذلك .

لذلك قال صاحب البحار : ( اختلف في جنة آدم  هل كانت في الارض أم في السماء ؟ ثم قال ؛ فالجزم بأحد المذاهب لا يخلو من إشكال ،والله تعالى يعلم  )([11])

وعلى كل حال يمكن القول بان الجنة التي كان فيها ادم وحواء عليهم السلام جنة ارضية وليست سماوية ،فالجنة السماوية تاتي بعد التكليف ، واذا دخل فيها الشخص لا يخرج منها ، وهو المروي عن ابي عبد اللَّه عليه السّلام قال : سألته عن جنّة آدم ؟ فقال : جنّة من جنان الدّنيا يطلع عليها الشمس والقمر ولو كانت من جنان الخلد ما خرج منها أبدا ) ([12])

رابعا : النهي عن القرب من الشجرة ارشادي وليس مولويا

الفرق بين النهي المولوي والارشادي ،ان النهي المولوي يستلزم التحريم والعقاب الالهي كما في قوله تعالى : (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) ([13]) ، واما النهي الارشادي يستلزم الاثر الوضعي كشخص يقول لابنه الصغير (لا تقرب النار )فالاقتراب من النار ليس محرما ولكن اذا اقترب من النار سوف يحترق بها، وهكذا كان النهي من الله لادم وحواء عليهم السلام،اذ بعد الاقتراب امر الله ادم وحواء بالنزول من الجنة الى الارض الطبيعية التي فيها العناء والتعب والشقاء ،وكان الاولى لهما ان لا يقتربا من الشجرة حتى لا يتعرضا للبلاء النفسي والظلم لانفسهما ،وما ذهبنا اليه هو ما ذهب اليه صاحب الميزان السيد الطباطبائي وغيره من العلماء رضوان الله عليهم .؟

قال الطباطبائي : ( التدبر في آيات القصة والدقة في النهي الوارد عن أكل الشجرة يوجب القطع بأن النهي المذكور لم يكن نهيا مولويا وانما هو نهي إرشادي يراد به الارشاد والهداية إلى ما في مورد التكليف من الصلاح والخير لا البعث والارادة المولوية ) ([14]) .

__________________________________

([1]) سورة الاعراف : الاية 189 .

([2]) سورة الروم : الاية 21 .

([3])  تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشّريعة ، الشيخ الحر العاملي ، ج 13 ،ص 32 .

([4])   الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) ، القرطبي ، ج1 ، ص301 .

([5])   تفسير القرآن العظيم ( تفسير ابن كثير ) ، ابن كثير ، ج1 ، ص458 .

([6]) صحيح البخاري ، البخاري ، ج6 ،ص145 .

([7]) سورة النحل: 72 .

([8])   تفسير القرآن العظيم ( تفسير ابن كثير ) ، ابن كثير ، ج1 ، ص458 .

([9]) سورة الكهف : الاية 35 .

([10]) تفسير ابن كثير : ابن كثير :ج 1 :ص 82 .

([11])بحار الأنوار – ط مؤسسةالوفاء : العلامة المجلسي :ج 11: ص 144 .

([12])بحار الأنوار, ج6, ص284, تفسير الميزان, ج1, ص119.

([13]) سورة الاسراء : الاية 32 .

([14]) الميزان في تفسير القرآن  :السيد محمد حسين الطباطبائي : ج 1 : ص 136 .

 1,672 total views,  3 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *