سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ……)51

تفسير قوله تعالى (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ……)51

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (51)

(الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) سورة البقرة الاية 121

في هذه الاية الكريمة مطلبان

الاول :الذين اتيناهم الكتاب

سواء قلنا ان الذين اوتوا الكتاب هم اهل الكتاب كما ذهب اليه بعض المفسرين، او قلنا ان الذين اوتوا الكتاب هم المسلمون ، فهؤلاء يتلون كتاب الله حق تلاوته وهو يعني العمل باحكام القران والتدبر والتامل في قصصه وان يكون المنهج والطريق في الحياة وليس فقط الاهتمام بالقراءة وتحسين الصوت ودراسته وهو عين ما ورد في الحديث عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في قوله تعالى( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَه حَقَّ تِلاوَتِه ) قال : (يرتلون آياته ، ويتفقهون به ، ويعملون بأحكامه ، ويرجون وعده ، ويخافون وعيده ، ويعتبرون بقصصه ، ويأتمرون بأوامره ، وينتهون بنواهيه ؟ ما هو – والله – حفظ آياته ، ودرس حروفه ، وتلاوة سوره ، ودرس أعشاره وأخماسه ، حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده ، وإنما هو تدبر آياته والعمل بأحكامه »([1]) .

قال بن عطية : وقال قتادة: المراد ب الَّذِينَ في هذا الموضع من أسلم من أمة محمد صلى الله عليه واله وسلم، والْكِتابَ على هذا التأويل القرآن، وقال ابن زيد: المراد من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل، والْكِتابَ على هذا التأويل التوراة، وآتَيْناهُمُ معناه أعطيناهم، وقال قوم: هذا مخصوص في الأربعين الذين وردوا مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في السفينة، فأثنى الله عليهم، ويحتمل أن يراد ب الَّذِينَ العموم في مؤمني بني إسرائيل والمؤمنين من العرب»([2]) . ؟

الثاني : ما قاله امير المؤمنين عليه السلام في القران

لم يصف احد القران كما وصفه امير المؤمنين في الكثير من خطبه وكلامه عليه السلام فقال عليه السلام من ضمن كلام له في القران …………؟

 قال عليه السلام > واعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لَا يَغُشُّ – والْهَادِي الَّذِي لَا يُضِلُّ والْمُحَدِّثُ الَّذِي لَا يَكْذِبُ ، ومَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ عَنْه بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ – زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى ، واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ – ولَا لأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنًى ، فَاسْتَشْفُوه مِنْ أَدْوَائِكُمْ ، واسْتَعِينُوا بِه عَلَى لأْوَائِكُمْ ، فَإِنَّ فِيه شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ  وهُوَ الْكُفْرُ والنِّفَاقُ والْغَيُّ والضَّلَالُ – فَاسْأَلُوا اللَّه بِه وتَوَجَّهُوا إِلَيْه بِحُبِّه ، ولَا تَسْأَلُوا بِه خَلْقَه إِنَّه مَا تَوَجَّه الْعِبَادُ إِلَى اللَّه تَعَالَى بِمِثْلِه ، واعْلَمُوا أَنَّه شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وقَائِلٌ مُصَدَّقٌ ،وأَنَّه مَنْ شَفَعَ لَه الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُفِّعَ فِيه – ومَنْ مَحَلَ بِه الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُدِّقَ عَلَيْه – فَإِنَّه يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ – أَلَا إِنَّ كُلَّ حَارِثٍ مُبْتَلًى فِي حَرْثِه وعَاقِبَةِ عَمَلِه – غَيْرَ حَرَثَةِ الْقُرْآنِ – فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِه وأَتْبَاعِه – واسْتَدِلُّوه عَلَى رَبِّكُمْ واسْتَنْصِحُوه عَلَى أَنْفُسِكُمْ – واتَّهِمُوا عَلَيْه آرَاءَكُمْ واسْتَغِشُّوا فِيه أَهْوَاءَكُمْ ….. وساق الخطبة إلى قوله : وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ – فَإِنَّه حَبْلُ اللَّه الْمَتِينُ وسَبَبُه الأَمِينُ – وفِيه رَبِيعُ الْقَلْبِ ويَنَابِيعُ الْعِلْمِ – ومَا لِلْقَلْبِ جِلَاءٌ غَيْرُه مَعَ أَنَّه قَدْ ذَهَبَ الْمُتَذَكِّرُونَ – وبَقِيَ النَّاسُونَ أَوِ الْمُتَنَاسُونَ »([3]) .

الثالث : ظاهرة  تكرار الايات في القران

 من الامور التي نلاحظها في القران الكريم وقد يعيب عليها البعض ممن لا فهم له ظاهرة تكرار بعض الايات في القران الكريم ومنها هذه الايات الكريمة ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ، (122) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)….سورة البقرة 122 الى 123 .

قال السوطي : التَّكْرِيرُ وَهُوَ أَبْلَغُ مِنَ التَّأْكِيدِ وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ الْفَصَاحَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ مَنْ غَلِطَ

وَلَهُ فَوَائِدُ: مِنْهَا التَّقْرِيرُ ، وَقَدْ قِيلَ: الْكَلَامُ إِذَا تَكَرَّرَ تَقَرَّرَ وَقَدْ نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى السَّبَبِ الَّذِي لِأَجْلِهِ كَرَّرَ الْأَقَاصِيصَ وَالْإِنْذَارَ فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: {وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً.} وَمِنْهَا التَّأْكِيدُ ، وَمِنْهَا زِيَادَةُ التَّنْبِيهِ عَلَى مَا يَنْفِي التُّهْمَةَ لِيَكْمُلَ تَلَقِّي الْكَلَامِ ِالْقَبُولِ وَمِنْهُ: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ} فَإِنَّهُ كَرَّرَ فِيهِ النِّدَاءَ لِذَلِكَ ،وَمِنْهَا إِذَا طَالَ الْكَلَامُ وَخُشِيَ تناسى الأول أعيد ثانيا تَطْرِيَةً لَهُ وَتَجْدِيدًا لِعَهْدِهِ وَمِنْهُ: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا} {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا} ومنها : التعظيم والتهويل نحو ( الْحَاقَّةُ . مَا الْحَاقَّةُ ) ، ( الْقَارِعَةُ . مَا الْقَارِعَةُ ) ، (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ) ([4]) .

وفي درة التنزيل : يقول مؤلفنا أبو عبد الله الخطيب رحمه الله تعالى: (إذا أو رد الحكيم- تقدست أسماؤه- آية على لفظة مخصوصة، ثم أعادها في موضع آخر من القرآن، وقد غير لفظة عما كانت عليه في الأولى فلا بد من حكمة هناك تطلب، وإن أدركتموها فقد ظفرتم، وإن لم تدركوها فليس لأنه لا حكمة هناك، بل جهلتم) »([5]) .

وقال السيد مصطفى الخميني : فبالجملة : القرآن ليس كتابا لسرد القصص ، حتى لا يتكرر قصته ، بل القرآن ناظر إلى خواص القصص وآثارها ، وإلى هداية الناس إلى كمالاتهم ، فيراعى جوانب اخر غير جانب التأليف والتصنيف المتعارف ، فهو كتاب هداية وموعظة ونور ، ومعجون جامع فيه المكررات كثيرا في شتى النواحي ومختلف الجوانب ، إلا أنها لكل ذلك سرا وتحت كل تكرار نكتة ، فلا يجوز قياسه بسائر المقاييس الملحوظة في سائر الرسائل والكتب ، وكن على بصيرة من أمرك ، تجد إلى حل هذه المشاكل سبلا واضحة»([6])

_____________________________________________

([1]) ميزان الحكمه : محمد محمدی ری شهری ، ج 9 ، ص 350 .

([2]) تفسير ابن عطيه المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ، ابن عطية ، ج 1 ، ص 204 .

([3]) نهج البلاغة ، خطب الإمام علي ( ع ) ( تحقيق صالح )، ص254 .

([4]) الاتقان في علوم القران ، السيوطي ، ج 3 ، ص 225 .

([5]) دره التنزيل وغره التاويل ، الخطيب الإسكافي ، ج 1 ،ص 11 .

([6]) تفسير القرآن الكريم ، السيد مصطفى الخميني ، ج5 ، ص45 .

 511 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *