سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ………) 133

تفسير قوله تعالى(يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ………) 133

 في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد  (133)

قال تعالى(يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأرضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ، الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) سورة البقرة الاية من الاية 267 الى 268 .

 نتعرض في هاتين الايتين الى مطالب عدة

الاول: مناسبة نزول الاية

  عن أبي عبد الله عليه (…. قال كان في أناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتصدقون بأشر ما عندهم من التمر الرقيق القشر، الكبير النواء يقال له المعافارة ففي ذلك انزل الله ” ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ” ([1]).

عن أبي الصباح عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله ” ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ” قال: كان الناس حين أسلموا عندهم مكاسب من الربا، ومن أموال خبيثة، فكان الرجل يتعمدها من بين ماله فتصدق بها، فنهيهم الله عن ذلك وان الصدقة لا تصلح الا من كسب طيب) ([2]).

ثانيا : الانفاق من الطيب والحلال

يجب ان يكون الانفاق فيه عدة خصائص من اهم هذه الخصائص .

1-  ان يكون الانفاق من المال الحلال وليس من الحرام بانواعه .

2- ان يكون الانفاق من الطيب وليس من الخبيث ومما لا يرغب فيه الا للضرورة .

وهنا يجب ان ينطلق الانسان المؤمن المنفق من الحديث الوارد عن اهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام حيث يقو ( فاحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك) ([3]). فكما تحب ان تاكل الطيب ولا تحب ان تاكل الخبيث يجب ان تحب لاخيك ذلك ، وكذلك يجب ان يعرف الانسان المؤمن المنفق ان الخير والبر لا يصل اليه الانسان الا اذا انفق الانسان مما يحب كما قال تعالى ( لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) ([4]).

فالانسان الاناني هو الذي يحب لنفسه الطيب ويحب للاخرين الفتات وبقايا ما لا يستفيد منه بحيث لو لم ياتي الفقير فيكون مكان هذه الاشياء القمامة وسلة المهملات ،لذلك يحتاج الانسان الى قهر النفس من اجل الانفاق الطيب والذي يمكن ان يستفيد منه المحتاج والفقير

 ولذلك قال تعالى{وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ} أي تقصدوا الخبيث وتجعلوه صدقتكم منه خاصة دون الطيبب والجيد {مِنْهُ تُنفِقُونَ} وتعتقدون ان هذا الانفاق يمكن ان يجر لكم الخير مع ان هذا المال الخبيث لا تقبلونه لكم لو عرض عليكم من قبل الاخرين {وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} نعم قد تقبلوا الرديء والخبيث في الظرف الحرج وتغمضوا عيونكم عن خصائصه للحاجة الشديدة اليه .

ثم قال تعالى (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) فالله تعالى ليس محتاجا لاموالكم فهو الغني بالذات عن كل مخلوق فله ما في السموات والارض ، ولكن الله يريد صلاحكم وصلاح المجتمع عبر التكافل الاجتماعي .

قال القاسمي : يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم هذا بيان لحال ما ينفق منه، إثر بيان أصل الإنفاق وكيفيته، أي: أنفقوا من جياد ما كسبتم، لقوله تعالى: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فمقتضى الإيمان الإنفاق من الجيد، ولا تيمموا أي: لا تقصدوا: الخبيث أي: الرديء من أموالكم منه تنفقون ولستم بآخذيه أي: بقابليه يعني الرديء إذا أهدي إليكم: إلا أن تغمضوا فيه أي: إلا بأن تتسامحوا في أخذه وتترخصوا فيه. واعلموا أن الله غني عن إنفاقكم، وإنما يأمركم به لمنفعتكم ([5]).

 ثالثا : الشيطان يتحرك في دائرة الانسان  

الشيطان يتحرك في دائرة الانسان كما في الحديث الشريف عن طريق العامة ( أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) ([6]).

 وفي رواية اخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن للشيطان لمة من ابن آدم ، وللملك لمة ، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله وليحمد الله ، ومن وجد الأخر فليتعوذ بالله .ثم قرأ:”الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء”([7]).

 وفي حديث الصدوق بسنده إلى أبي عبد الرحمن قال: قلت لأبي عبد الله جعفر الصادق(ع): إني ربما حزنت، فلا أعرف في أهل ولا مال ولا ولد، وربما فرحت، فلا أعرف في أهل ولا مال ولا ولد، فقال: إنه ليس من أحد إلا ومعه ملك وشيطان، فإذا كان فرحه كان دنوّ الملك منه، وإذا كان حزنه كان دنوّ الشيطان منه، وذلك قول الله: تبارك وتعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَآءِ }([8]).

 لذلك الشيطان يوحي للانسان باهمية المال الموجود عنده وان اعطاء المال يعني الافتقار والحاجة وبالتالي يبقى هذا الانسان يعيش النظرة المادية الضيقة في حياته فحساباته كلها قائمة على اساس المادة ، ومن هنا اذا قبل هذا الانسان ايحاء الشيطان ومنعه من الاعطاء والانفاق فسوف يكون بداية الضلال والانحراف في السلوك العملي والقيمي والاخلاقي والفكري الذي على اساسه يستقيم الانسان في حركة الحياة ،لذلك قال تعالى( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاء ) .

قال الماوردي : قوله عز وجل: الشيطان يعدكم الفقر وهو ما خوف من الفقر إن أنفق أو تصدق. ويأمركم بالفحشاء يحتمل وجهين: أحدهما: بالشح. والثاني: بالمعاصي([9]).

رابعا : الانسان المؤمن يصدق بوعد الله تعالى

يجب على الانسان المؤمن ان يتيقن بوعد الله تعالى وقد وعد الله الانسان المنفق والذي ينفق الحلال والطيب وفي سبيل مرضاته فقال تعالى ( وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ويمكن معرفة تفصيلات هذه الوعود منها الطهارة و والخلف للمنفق .

1-  يكفر الله عن الانسان الخطايا كما قال تعالى « خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيهِمْ بِها ) ([10]).

2- ان الله وعد الانسان المؤمن أن يخلف على المنفق خيرا مما أنفق كما قال تعالى« وما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ([11]).

وهكذا في الحديث عن الائمة الاطهار عليهم السلام عن زرارة ، عن الصادق عليه‌السلام ـ في حديث قال : استنزلوا الرزق بالصدقة ، من أيقن بالخلف جاد بالعطيّة ، إنّ الله ينزل المعونة على  قدر المؤونة )([12]).

(والله يعدكم) * في الإنفاق * (مغفرة) * لذنوبكم وكفارة لها * (وفضلا) * وأن يخلف عليكم أفضل مما أنفقتم، وقيل: وثوابا عليه في الآخرة )([13]).

_________________________________________________

([1]) تفسير العياشي، محمد بن مسعود العياشي، ج 1  ،ص 148 . وسائل الشيعة – ط الإسلامية المؤلف : الحر العاملي، الشيخ أبو جعفر    الجزء : 6  صفحة : 142

([2]) تفسير العياشي، محمد بن مسعود العياشي، ج 1  ،ص 149 .

([3])تحف العقول المؤلف : ابن شعبة الحراني    الجزء : 1  صفحة : 74

([4])  آل عمران (92)

([5])تفسير القاسمي محاسن التاويل (القاسمي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 207

([6])بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 70  ،ص 49 .

([7])تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر المؤلف : الطبري، ابن جرير    الجزء : 5  صفحة : 572

([8])مناقب آل ابي طالب (ابن شهرآشوب) ، الجزء : 3 ، الصفحة : 384

([9])تفسير الماوردي النكت والعيون (الماوردي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 343

([10]) سورة التوبة : الاية 104

([11])سورة  سبأ : الاية 39   .

([12])وسائل الشيعة ط-آل البيت ،  العلامة الشيخ حرّ العاملي ،ج 9 ،ص 370 .

([13])تفسير جوامع الجامع المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 1  صفحة : 246

 808 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *