سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ ……..) 103

تفسير قوله تعالى(وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ ……..) 103

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (103)

قال تعالى(وَلَا تَنْكِحُوا([1]) الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) سورة البقرة من الاية 220 الى الاية 221 .

نتعرض في هذه الاية الى مطالب عدة

الاول : سبب نزول الاية المباركة

عن ابن عباس : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعث رجلاً من غَنِيّ يقال له : مرثد بن أبي مرثد ، حليفاً لبني هاشم ، إلى مكة ليخرج نَاساً من المسلمين بها أُسَرَاء ، فلما قَدِمَها سمعت به امرأة يقال لها : عَنَاق ، وكانت خليلة له في الجاهلية ، فلما أسلم أعرض عنها ، فأتته فقالت : ويحك يا مرثد ألا نخلو؟ فقال لها : إن الإسلام قد حال بيني وبينك وحرمه علينا ، ولكن إن شئت تزوجتك ، إذا رجعت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ،استأذنته في ذلك ثم تزوجتك فلمّا رجع استأذن في التزوّج بها ، ؟ فأنزل الله ينهاه عن ذلك قوله(وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) ([2])

الثاني : احكام تتعلق بالزواج من غير المسلمين

قال السيد السيستاني

1- يجوز للمسلم التزوج باليهودية والمسيحية ، زواجاً مؤقتاً وليس زواجا دائما ، والأحوط وجوباً ترك التزوج بغير المسلمة دواماً.

2- أما المرأة الكافرة غير الكتابية ، فلا يجوز للمسلمِ التزوج بها مطلقأ سواء مؤقتا او دائما

3- وأما المرأة المسلمة فلا يجوز لها أن تتزوج بالرجل الكافر بتاتاً سواء زواجا مؤقتا او دائما.. ([3])؟

4- لا يجوزللمسلم المتزوج من مسلمة ، التزوج ثانية من الكتابية كاليهودية والمسيحية من دون إذن زوجته المسلمة ، والأحوط وجوباً ترك التزوج بها ولو مؤقتاً ، وإن أذنت به الزوجة المسلمة ، ولا يختلف الحكم في ذلك بين وجود الزوجة معه وعدمه ([4]).

الثالث: المقياس الالهي في الزواج

المقياس الالهي في الزواج بين الرجل والمرأة يجب ان يكون قائما على اساس الدين والايمان والاخلاق ووحدة الهدف في الحياة والذي سوف ينعكس على تكوين الاسرة الصالحة المرتبطة بالله تعالى ،وهذا يتحقق من خلال زواج المؤمن بالمؤمنة وزواج المؤمنة من المؤمن ، ومن هنا نهى الله عن الاقتران بالمراة المشركة ولو كانت هذه المراة صاحبة جمال ومال وحسب ونسب ونهى من تزويج المؤمنة من الكافر ولو كان الزوج من اصحاب المال والجمال والحسب والنسب لذلك قال تعالى (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ …..)

  وقال السدي نزلت في عبد الله بن رواحة كانت له أمة سوداء فلطمها في غضب ثم ندم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره وقال هي تصوم وتصلي وتشهد الشهادتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه مؤمنة فقال ابن رواحة لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل فطعن عليه ناس فنزلت الآية فيه ([5]).

ثم قال تعالى : وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ، أي: لا تزوّجوا الكفار- بأيّ كفر كان- من المسلمات حَتَّى يُؤْمِنُوا ويتركوا ما هم فيه من الكفر وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ مع ما به من ذلّ الرّقيّة خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ بداعي الرغبة فيه الدنيوية، فإن ذهاب الكفاءة بالكفر غير مجبور بشيء منها([6]).

الرابع :سبب عدم الزواج من الكافر

 اختلاف الدين بين الزوجين يؤدي الى اختلاف الهدف في الحياة واذا اختلفت الاهداف بين الزوج والزوجة فالنتيجة عدم تكوين الاسرة الصالحة وضياع الاولاد في متاهات الضلال والكفر والسلوك المنحرف فلا يعلمون هؤلاء الاطفال  مع معتقد ابيهم يذهبون ام مع معتقد امهم التي لها التاثير على سلوكهم وافكارهم وحياتهم في الحياة .

ولذلك قال تعالى : أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ .

قال الكاشاني : ( أُولئِكَ ) * إشارة إلى المشركين والمشركات * ( يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) * أي : الكفر المؤدّي إلى النار ، فلا يليق موالاتهم ومصاهرتهم * ( واللَّه يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ والْمَغْفِرَةِ ) * أي : إلى الاعتقاد والعمل الموصلين إليهما . أو أولياء اللَّه – يعني : المؤمنين – يدعون إليهما بالإرشاد والهداية ، فهم الأحقّاء بالمواصلة([7]).

الخامس : القوانين الالهية جاءت من اجل الانسان

من القوانين المهمة في الحياة والتي جاء بها الاسلام العظيم وكشف عنها النبي صلى الله عليه واله والائمة الاطهار عليهم السلام في كثير من الروايات قانون كيفية الاختيار والزواج بين الرجل بالمراة والمراة بالرجل وهو شرط الدين والايمان والاخلاق من اجل حياة كريمة وسعيدة وتكوين اسرة صالحة كما جاء في الحديث الشريف: «إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه وإن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»([8]).

والابتعاد عن المراة غير الصالحة ،كما روي عن النبي صلى الله عليه واله قال:«أيها الناس إياكم وخضراء الدمن. قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء فى منبت السوء»([9]).

ولكن المشكلة التي يعاني منها المجتمع الاسلامي هو عدم قراءة وفهم هذه القوانين والغفلة عنها ثم عدم تطبيقها في ارض الواقع وبالتالي بروز المشاكل الاجتماعية الكبيرة في المجتمع وهم لا شك يتحملون النتائج سواءعلى مستوى الدنيا ام على مستوى الاخرة لان الله تعالى وانبياءه واوليائه بينوا لهم هذه الحقائق .

 ___________________________________

([1])  النكاح : اسم للعقد ثم استعير للجماع . لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ (49) الأحزاب) .

([2]) أسباب نزول القرآن : ابی حسن الواحدی ، ج 1 ، ص 75 ، مجمع البيان في تفسير القرآن (الشيخ الطبرسي) ، ج 2 ، ص 560 .

([3]) الفقه للمغتربين المؤلف : عبد الهادي محمد تقي الحكيم    الجزء : 1  صفحة : 260 .

([4]) الفقه للمغتربين المؤلف : عبد الهادي محمد تقي الحكيم    الجزء : 1  صفحة : 261

([5]) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (ابن عطية الأندلسي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 297

([6])تفسير القاسمي محاسن التاويل المؤلف : القاسمي    الجزء : 2  صفحة : 116

([7]) زبدة التفاسير ، الملا فتح الله الكاشاني ، ج 1 ، ص 352 .

([8]) الكافي ،  الشيخ الكليني، ج 5 ، ص 347 .

([9]) عوالي اللئالي ، ابن أبي جمهور الأحسائي، ج 1 ، ص 259 .

 1,128 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *