سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ……) 114 .

تفسير قوله تعالى(لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ……) 114 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (114)

قال تعالى(لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ، وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) سورة البقرة من الاية 235 الى الاية 237 .

نتعرض في هاتين الايتين الى عدة مطالب

الاول : لا حدود للمهر

المهر ملك للزوجة والزوجة بعد اجراء العقد يصبح ملكها تضع المهر اين ما تريد ،بالاضافة ان المهر لا حدود له في جانب الكثرة ، فيجوز للمرأة ان تطلب مهرا كبيرا على الزوج ، ولكن الافضل من اجل تيسير الزواج قلة المهر كما ورد في الكثير من الاحاديث ومنها قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ( إنَّ من يُمن المرأة تيسير خطبتها ، وتيسير صداقها ) ([1]) . وقال أيضاً ( أفضل نساء أُمتي أحسنهن وجهاً ، وأقلهن مهراً ) ([2]) ، وقال الإمام الصادق عليه السلام : « الشؤم في ثلاثة أشياء : في الدابة ، والمرأة ، والدار. فأمّا المرأة فشؤمها غلاء مهرها… »([3]) .

وكذلك يجوز ان يكون المهر تعليم الصنعة من الصنائع او تعليم سورة من سور القران ويجوز كذلك ان يكون المهر زيارة او حجة او عمرة .

قال السيستاني : كل ما يمكن ان يملكه المسلم يصح ان يجعله مهراً بشرط ان يكون متمولاً عرفاً على الاحوط لزوماً ، عيناً كان أو ديناً ، أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان أو نحوها ، ويصح جعله منفعة الحرّ حتى عمل الزوج نفسه كتعليم صنعة أو سورة ونحوه من كل عمل محلل ، بل الظاهر صحة جعله حقاً مالياً قابلاً للنقل والانتقال كحق التحجير ونحوه »([4]) .

الثاني : لا يوجد في المهر غائب   

المهر موضوع واحد ؛  ولا يوجد فيه حاضر وغائب ،ولكن من اجل التسهيل على الزوج من قبل الزوجة ،ولان المهر حق للزوجة يجوز لها ان تطالب ببعضه وتجعل الباقي على الزوج ضمن فترة محددة لانه دين يجب ان يحدد ؟ولذلك على القضاة في المحاكم والمشايخ الذين يجرون العقد الالتفات الى ذلك وان يحددوا فترة اعطاء الزوج المهر المؤجل للزوجة ضمن فترة زمانية محددة لانه دين في رقبة وذمة الزوج، وليس المؤجل والغائب يعني الزام الزوج دفعه عند الطلاق ، بل هو في ذمة الزوج تطالب به الزوجة متى ما شاءت اذا لم تحدد الفترة الزمنية للمهر المؤجل .

الثالث : يجوز للمرأة اسقاط المهر  

يجوز للزوجة اسقاط المهر كله او بعضه عن الزوج  بل قد ورد ان اسقاط المهر عن الزوج فيه ثواب كبير .

عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أيما امرأة تصدقت على زوجها بمهرها قبل أن يدخل بها إلا كتب الله لها بكل دينار عتق رقبة »([5]) .

  وقال عليه‌السلام : ثلاث من النساء يرفع الله عنهن عذاب القبر ، ويكون محشرهن مع فاطمة بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : امرأة صبرت على غيرة زوجها ، وامرأة صبرت على سوء خلق زوجها ، وامرأة وهبت صداقها لزوجها ، يعطي الله كل واحدة منهن ثواب ألف شهيد ، ويكتب لكل واحدة منهن عبادة سنه»([6]) .

الرابع : يجوز العقد بدون ذكر المهر

الزواج بين الرجل والمراة علاقة روحية وليس علاقة مادية لانها تجانس بين روحين ونتائجها في ارض الواقع الالفة والمحبة والمودة وايجاد مجتمع مصغر من الاطفال الصالحين ولذلك لا مانع من وجود العقد بينهم بدون ذكر المهر في متن العقد ،وهذا ما صرح به الفقهاء .

  قال لطف الله الصافي : ذكر المهر ليس شرطا في صحة العقد الدائم، فلو عقد عليها ولم يذكر مهرا اصلا، بان قالت الزوجة للزوج مثلا: زوجتك نفسي، أو قال وكيلها: زوجت موكلتي فلانة، فقال الزوج: قبلت، صح العقد، بل لو صرحت بعدم المهر بان قالت: زوجتك نفسي بلا مهر، فقال: قبلت، صح، ويقال لايقاع العقد بلا مهر تفويض البضع  ([7]) .

الخامس : المتعة استحقاق  الزوجة  

لو جرى العقد بين الرجل والمرأة بدون ذكر المهر في متن العقد، وقد حصل بين الزوجين فسخ للعقد قبل الدخول فيجب على الزوج ان يعطي للزوجة مقدارا من المال وكل انسان بحسبه وما يستطيع وكما عبر القران بالمتاع او كما عبر الفقهاء بالمثل لذلك قال تعالى( لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) .

قال الامام الخميني : لو وقع العقد بلا مهر لم تستحق المرأة قبل الدخول شيئا إلا إذا طلقها، فتستحق عليه أن يعطيها شيئا بحسب حاله من الغنى والفقر واليسار والاعسار من دينار أو درهم أو ثوب أو دابة أو غيرها، ويقال لذلك الشئ: المتعة، ولو انفسخ العقد قبل الدخول بأمر غير الطلاق لم تستحق شيئا، وكذا لو مات أحدهما قبله، وأما لو دخل بها استحقت عليه بسببه مهر أمثالها([8]) .

قال البيضاوي : ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ عَطْفٌ عَلى مُقَدَّرٍ أيْ فَطَلِّقُوهُنَّ ومَتِّعُوهُنَّ، والحِكْمَةُ في إيجابِ المُتْعَةِ جَبْرُ إيحاشِ الطَّلاقِ، وتَقْدِيرُها مُفَوَّضٌ إلى رَأْيِ الحاكِمِ ويُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: ﴿عَلى المُوسِعِ قَدَرُهُ وعَلى المُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ أيْ عَلى كُلٍّ مِنَ الَّذِي لَهُ سِعَةٌ، والمُقْتِرُ الضَّيِّقُ الحالِ ما يُطِيقُهُ ويَلِيقُ بِهِ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأنْصارِيٍّ طَلَّقَ امْرَأتَهُ المُفَوَّضَةَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّها «مَتِّعْها بِقَلَنْسُوَتِكَ»([9]) .

السادس : نصف المهر قبل الدخول بالزوجة

واما اذا الزوج اجرى العقد وذكر مهرا معينا ثم طلقها من قبل ان يدخل بها ويمسها فلها نصف المهر المسمى بالعقد والاتفاق ، لذلك قال تعالى ( وإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) .

نعم يجوز للزوجة ان تعفو وتسقط حقها بالمطالبة بنصف مهرها لذلك قال تعالى ( إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ) .

وكذلك يجوز ان يعفو الذي بيده عقد النكاح وهو فيما اذا كانت الزوجة صغيرة فيجوز لولي الامر وهو الاب او الجد للاب من اسقاط المهر فقال تعالى  ( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ )

 ( وأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ) . وهو خطاب للجميع بان العفو هو من اجمل الخصال ،فالمال لا قيمة له في قبال العفو لان العفو انتصار للنفس على الانتقام والعقوبة .

قال ابن عاشور : وقَوْلُهُ ﴿وأنْ تَعْفُوا أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ تَذْيِيلٌ أيِ العَفْوُ مِن حَيْثُ هو، ولِذَلِكَ حَذَفَ المَفْعُولَ، والخِطابُ لِجَمِيعِ الأُمَّةِ، وجِيءَ بِجَمْعِ المُذَكَّرِ لِلتَّغْلِيبِ، ولَيْسَ خِطابًا لِلْمُطَلِّقِينَ ،ومَعْنى كَوْنِ العَفْوِ أقْرَبَ لِلتَّقْوى: أنَّ العَفْوَ أقْرَبُ إلى صِفَةِ التَّقْوى مِنَ التَّمَسُّكِ بِالحَقِّ؛ لِأنَّ التَّمَسُّكَ بِالحَقِّ لا يُنافِي التَّقْوى لَكِنَّهُ يُؤْذِنُ بِتَصَلُّبِ صاحِبِهِ وشِدَّتِهِ، والعَفْوُ يُؤْذِنُ بِسَماحَةِ صاحِبِهِ ورَحْمَتِهِ، والقَلْبُ المَطْبُوعُ عَلى السَّماحَةِ والرَّحْمَةِ، أقْرَبُ إلى التَّقْوى مِنَ القَلْبِ الصُّلْبِ الشَّدِيدِ ([10]) .

السابع : كيفية الحد من الطلاق

المشكلة التي يعيشها المجتمع بكله سواء على المستوى الديني او المستوى الاكاديمي او المستوى السياسي اننا نفتقد الى التفكير العلمي والعملي في وضع الاسس الصحيحة لبناء الامة والمجتمع ، فلعلنا نؤسس مؤسسات لا نفع لها وندعمها بالمال او ندخل مناهج دراسية لمواضيع لا تخدم المجتمع والطالب وقد نغفل عن امور المجتمع بأمس الحاجة اليها وهو موضوع كيفية الحد من ظاهرة اجتماعية رهيبة وهو موضوع الطلاق ،وعلى هذا كيف يمكن لنا ان نحد من ظاهرة الطلاق في المجتمع  .؟

1- ادخال منهج الحياة الزوجية والاسرية والتربوية في المدارس والجامعات حتى يكون الاختيار صحيحا من البداية من قبل الزوجين   .

2- ايجاد مؤسسات تعليمية وثقافية سواء كانت حكومية او دينية من اجل تعليم الرجال والنساء المقبلين على الزواج على فهم الحياة الزوجية والاختيار الصحيح وكل ما يتعلق بالزواج وتكوين الاسرة وما بعد ذلك .؟

_________________________________________

([1]) مسند أحمد ، الإمام أحمد بن حنبل ، ج 6 ، ص 77 .

([2]) بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 100 ، ص 237 .

([3]) الأمالي ، الشيخ الصدوق ، ص 311 .

([4]) منهاج الصالحين (السيد علي الحسيني‌ السيستاني) ، الجزء : 3 ، الصفحة : 90

([5])وسائل الشيعة ط-آل البيت المؤلف : العلامة الشيخ حرّ العاملي    الجزء : 21  صفحة : 284

([6]) وسائل الشيعة ط-آل البیت المؤلف : العلامة الشيخ حرّ العاملي    الجزء : 21  صفحة : 284

([7])  هداية العباد المؤلف : الشيخ لطف الله الصافي    الجزء : 2  صفحة : 168

([8]) تحرير الوسيلة المؤلف : السيد روح الله الخميني    الجزء : 2  صفحة : 298

([9]): تفسير البيضاوي انوار التنزيل واسرار التاويل (ناصر الدين البيضاوي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 146

([10]) التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 2  صفحة : 464

 1,176 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *