سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ……..) 115 .

تفسير قوله تعالى( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ……..) 115 .

 في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (115)

قال تعالى( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ،فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) سورة البقرة من الاية 237 الى 239.

نتعرض في هاتين الايتين الى مطالب

الاول : مناسبة النزول

عن الزبرقان قال: إن رهطا من قريش مر بهم زيد بن ثابت فأرسلوا إليه رجلين يسألانه عن الصلاة الوسطى. فقال زيد: هي الظهر. فقام رجلان منهم فأتيا أسامة بن زيد فسألاه عن الصلاة الوسطى فقال: هي الظهر. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير، فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان، الناس يكونون في قائلتهم وفي تجارتهم، فقال رسول الله:”لقد هممت أن أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة بيوتهم! قال: فنزلت هذه الآية:”حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى”([1]) .

ثانيا : صلاة الجماعة حياة للمجتمع

الاسلام يعطي اهمية كبيرة للجانب الاجتماعي في حركة الانسان من خلال عدة وسائل ومنها حضور الانسان في المسجد ، والذي يعد نقطة ارتكاز في الانطلاق لبناء المجتمع في الكثير من قضاياه السياسية والاجتماعية والتعاون والالفة والمحبة وقضاء حوائج المؤمنين ، وكلما كان امام المسجد عالما تقيا ورعا يدعو الى الخير والعلم والمعرفة والاخلاق كلما كان كان بناء المجتمع المحيط به يكون سليما ، ومن هنا جاء التاكيد في روايات النبي واهل البيت عليهم السلام على حضور صلاة الجماعة ،عن أنس بن مالك ، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)  صلاة الرجل في جماعة خيرمن صلاته في بيته أربعين سنة ، قيل : يا رسول الله : صلاة يوم ؟ فقال: « صلاة واحدة » ثم قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، إذا كان العبد خلف الإمام كتب الله تعالى له مائة ألف ألف وعشرين درجة »”([2]) .

عن رسول الله ’ فيما قاله عن ثواب صلاة الجماعة ……..( وإذا كانوا عشرة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ستة وسبعين ألفاً وثمانمائة صلاة، فإن زادوا على العشرة فلو صارت السماوات كلها قرطاسا والبحار مدادا والأشجار أقلاما والثقلان مع الملائكة كتابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة، يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خير من ستين ألف حجة وعمرة وخير من الدنيا وما فيها بسبعين ألف مرة، وركعة يصليها المؤمن مع الإمام خير من مائة ألف دينار يتصدق بها على المساكين، وسجدة يسجدها المؤمن مع الإمام في جماعة خير من عتق مائة رقبة »([3]) .

الثالث : الاختلاف في تحديد مصداق الصلاة الوسطى

وقع الاختلاف بين علماء النفسير من السنة والشيعة في تحديد ما المراد من الصلاة الوسطى ،وقد تعددت الاقوال في ذلك فبعضهم قال صلاة الظهر وبعضهم قال العصر وبعضهم قال المغرب وبعضهم قال العشاء وبعضهم قال الصبح، ولكل قول دليله واما علماء الشيعة فمنهم من قال صلاة العصر وهو السيد المرتضى حيث قال الصلاة الوسطى عند أهل البيت (عليهم السلام)، هي صلاة العصر ، و الحجة على ذلك إجماع الشيعة الإمامية على ذلك ([4]) .

والاكثر من علماء الشيعة قال بانها صلاة الظهر([5]). وفي حقيقة الامر لا توجد ثمرة من حيث الاثر الشرعي في تحديد المراد من صلاة الوسطى لان الصلوات كلها واجبة على الانسان المسلم .

واما علماء العامة : فقال ابن عاشور وأصَحُّ ما في هَذا الخِلافِ: ما جاءَ مِن جِهَةِ الأثَرِ وذَلِكَ قَوْلانِ: أحَدُهُما أنَّها الصُّبْحُ. هَذا قَوْلُ جُمْهُورِ فُقَهاءِ المَدِينَةِ، و القَوْلُ الثّانِي: أنَّها العَصْرُ، وهَذا قَوْلُ جُمْهُورٍ مِن أهْلِ الحَدِيثِ والأصَحُّ مِن هَذَيْنِ القَوْلَيْنِ أوَّلُهُما . وأمّا مِن جِهَةِ مَسالِكِ الأدِلَّةِ المُتَقَدِّمَةِ، فَأفْضَلِيَّةُ الصُّبْحِ ثابِتَةٌ بِالقُرْآنِ، قالَ تَعالى، مُخَصِّصًا لَها بِالذِّكْرِ ﴿وقُرْآنَ الفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا﴾([6]). وفي الصَّحِيحِ أنَّ مَلائِكَةَ اللَّيْلِ، ومَلائِكَةَ النَّهارِ، يَجْتَمِعُونَ عِنْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ، وتَوَسُّطُها بِالمَعْنى الحَقِيقِيِّ ظاهِرٌ، لِأنَّ وقْتَها بَيْنَ اللَّيْلِ والنَّهارِ، فالظُّهْرُ والعَصْرُ نَهارِيَّتانِ، والمَغْرِبُ والعِشاءُ لَيْلِيَّتانِ، والصُّبْحُ وقْتٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الوَقْتَيْنِ([7]).

الرابع : القنوت  لله  في الصلاة

إنّ للقنوت في اللغة عدّة معانٍ، الإمساك والسكوت عن الكلام ، والدّعاء في الصّلاة. والخشوع والإقرار بالعبوديّة، والقيام بالطاعة التي ليس معها معصية، قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ([8]).

قال في مجمع البيان : قال ابن عباس: معناه داعين، والقنوت هو الدعاء في الصلاة حال القيام، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وقيل طائعين، وقيل خاشعين، وقيل ساكنين، وقال في الكشاف (قوموا لله قانتين) ذاكرين الله في قيامكم، والقنوت أن تذكر الله قائما ([9]).

وعلى كل حال ينبغي للانسان عندما يتوجه الى الله تعالى في صلاته يتوجه بكامله بقلبه وروحه وعقله من اجل ان يكون حاضرا في محضر الله تعالى ويبتعد عن كل ما يبعده عن ساحة الله تعالى

  الخامس : كيفية صلاة الخوف

الله يريد من العبد البقاء في خط العبودية لله تعالى حتى في حالات الخوف والقلق والحرب لان البقاء في خط الاتصال به تعالى له اثار معنوية في الصمود والقوة امام الاعداء ،وكيفية

صلاة الخوف كما قال تعالى ( فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا ) وهو ان يصلي الانسان راجلاً أو راكباً بما يستطيع من الصلاة، ولو بالإيماء؛ وصلاة الخوف تصلى قصرا في الحرب والسفر إلاَّ في المغرب فإنها ثلاث ركعات.وقد روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: فات النّاس مع أمير المؤمنين(ع) يوم صفين، يعني صلاة الظهر والعصر، والمغرب والعشاء الآخرة، فأمرهم عليّ أمير المؤمنين(ع) فكبّروا وهلّلوا وسبّحوا رجالاً وركباناً، لقول اللّه: ] فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا[ ، فأمرهم عليّ(ع) فصنعوا ذلك) ([10]).

السادس : نعمة الامن

الامن نعمة الهية كبيرة على الافراد والمجتمع  فهو سبب من اسباب الرزق وطيب الطعام والشراب ، فاذا فقد الامن فقدت كل الامور ولم يستلذ بطعام ولا شراب . والامن من اهم ما يطلبه الانسان في حياته وبالامن يستطيع الانسان ان يعبد الله تعالى تعالى وبالشكر والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة الحدود والدعاء والتوسل الى الله يستتب الامن في المجتمع .

 لذلك قال تعالى : فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ، أي فاذا زالَ خَوْفُكُمْ،فَصَلُّوا صَلاةَ الأمْنِ ، مِثْلَ ما عَلَّمَكم مِنَ الشَّرائِعِ، وكَيْفِيَّةِ الصَّلاةِ حالَتَيِ الأمْنِ والخَوْفِ .

قال ابن كثير : وقوله ” فإذا آمنتم فاذكروا الله ” أي أقيموا صلاتكم كما أمرتم فأتموا ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها وخشوعها وهجودها ” كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ” أي مثل ما أنعم عليكم وهداكم للايمان وعلمكم ما ينفعكم في الدنيا والآخرة فقابلوه بالشكر والذكر  ([11]).

___________________________________________________

([1]) تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 5  صفحة : 207

([2]) مستدرك الوسائل (المحدّث النوري) ، الجزء : 6 ، الصفحة : 446

([3]) بحار الأنوار – ط مؤسسةالوفاء (العلامة المجلسي) ، الجزء : 88 ، الصفحة : 15

([4]) رسائل الشريف المرتضى المؤلف : السيد المرتضى    الجزء : 1  صفحة : 275

([5]) انظر :الخلاف : الطوسي :ج1،ص294 ،الحدائق الناظرة: البحراني ،ج6، ص24 .

([6]) سورة الإسراء: الاية ٧٨ .

([7])التحرير والتنوير (ابن عاشور) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 468

([8])سورة النحل،120.

([9])بحار الأنوار – ط دارالاحياء التراث المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 82  صفحة : 196

([10]) تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشّريعة المؤلف : الشيخ الحر العاملي    الجزء : 29  صفحة : 448

([11]): تفسير ابن كثير المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 303

 2,586 total views,  2 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *