سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ……) 63 .

تفسير قوله تعالى( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ……) 63 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (63)

قال تعالى( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ، وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ،كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ).  سورة البقرة من الاية 149 الى151

نتعرض في هذه الايات الى مطالب عدة

الاول : تكرار التوجه الى المسجد الحرام

طبيعة الذهن البشري حتى يترسخ فيه الشيء يحتاج الى التكرار،كما قيل (في الاعادة افادة وفي التكرار حقيقة) فكيف اذا كان الذهن قد تعامل مع موضوع سابق وهو الصلاة الى المسجد الاقصى فحتى تترسخ الحالة الجديدة يحتاج الذهن الى التكرار لاكثر من مرة ، ولعله والله العالم جاء تكرار الخطاب الالهي ثلاث مرات في الايات (1- وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام2- وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ3- وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) ………؟

  قال ابن الاندلسي: ثم تكررت هذه الآية تأكيدا من الله تعالى لأن موقع التحويل كان صعبا في نفوسهم جدا فأكد الأمر ليرى الناس التهمم به فيخف عليهم وتسكن نفوسهم إليه ([1]).  

ومن هنا؛انبثقت نظرية القرن الاكيد التي ابدعها الشهيد محمد باقر الصدر رحمه الله في العلاقة بين اللفظ والمعنى ،وخلاصتها ان علاقة السببية بين اللفظ والمعنى جاءت نتيجة تكرار اللفظ والمعنى واقترانهما مرارا وتكرارا في الذهن ،وليس كما النظريات الأخرى التي تحدثت عن علاقة اللفظ والمعنى .؟

قال الشهيد الصدر : والصحيح في حلّ المشكلة : أنّ علاقة السببية التي تقوم في اللغة بين اللفظ والمعنى توجد وفقاً لقانونٍ عامٍّ من قوانين الذهن البشري. والقانون العام هو : أنّ كلّ شيئين إذا اقترن تصوّر أحدهما مع تصوّر الآخر في ذهن الإنسان مراراً عديدةً ولو على سبيل الصدفة قامت بينهما علاقة ، وأصبح أحد التصوّرين سبباً لانتقال الذهن إلى تصوّر الآخر ([2]).  

الثاني : خشية الله تعالى

الخشية تاتي من المعرفة ،كلما زادت معرفة الانسان بالله تعالى وعالم الدنيا وعالم الاخرة وكذلك نهاية الحياة والانسان ومصيره ، كلما زادت خشيته من الله ولذلك يقول تعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) ([3]).لان العلماء الربانيين اعرف الناس بالله تعالى وبهذا العالم وفنائه وحضوره عند الله في يوم لا ينفع فيه الا من اتى الله بقلب سليم . ومن هنا جاء الحديث عن الصادق عليه السلام أنه قال :” الخشية ميراث العلم ، والعلم شعاع المعرفة وقلب الايمان ، ومن حرم الخشية لايكون عالما وإن شق الشعر في متشابهات العلم” ([4]).

ومن هنا الله تعالى يوجه المؤمنين بان يتوجهوا الى خشية الله تعالى ولا يهتموا بخشية الاخرين لان الاخرين ومهما كانوا فهم مخلوقون لله تعالى وفي محضر فلا يمكن ان يفعلوا اي شيء اذا كان الانسان يخشى الله تعالى فالله هو الكافي والناصر من كيد الاعداء والظالمين .

ثالثا : الرسول نعمة الهية على المجتمع

ان تغيير القبلة من المسجد الاقصى الى المسجد الحرام نعمة الهية على الامة الاسلامية من اجل ان لا تبقى تبعية ولو بسيطة الى الملل والاديان الاخرى ،وقد قلنا سابقا تبعا الى بعض الروايات ان اليهود كانوا ينظرون الى صلاة المسلمين الى جهة المسجد الاقصى نوع تبعية اليهم لذلك ومن اجل انتهاء هذه التبعية وجه الله النبي والمؤمنين الى التوجه الى الكعية الشريفة .

فكما ان هذه نعمة كبيرة من الله تعالى بها على المؤمنين ،كذلك بعث النبي هي من اكبر النعم الالهية على المجتمع البشري كله وذلك ان النبي هو الانسان الكامل الذي سوف يزكي النفوس ويخرجها من حالة الفساد الى حالة النقاء والطهارة ويبعدها عن مساويء الاخلاق وكذلك يعلمكم المنهج والطريق الصحيح الذي يوصلكم الى الله تبارك وتعالى حتى تضعوا اقدامكم على الصراط وكذلك يعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من العلوم والمعارف والامور الغيبية والتي لم تتعلموها وتعرفوها سابقا ،وهذه نعمة كبرى لا يمكن وصفها فعليكم ان تشكروا الله عليها الشكر العظيم والكبير .؟

قال ابن كثير: يذكر تعالى عباده المؤمنين ما أنعم به عليهم من بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إليهم ، يتلو عليهم آيات الله مبينات ويزكيهم ، أي : يطهرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس وأفعال الجاهلية ، ويخرجهم من الظلمات إلى النور ، ويعلمهم الكتاب وهو القرآن والحكمة وهي السنة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون . فكانوا في الجاهلية الجهلاء يسفهون بالقول الفرى ، فانتقلوا ببركة رسالته ، ويمن سفارته ، إلى حال الأولياء ، وسجايا العلماء فصاروا أعمق الناس علما ، وأبرهم قلوبا ، وأقلهم تكلفا ، وأصدقهم لهجة([5]).

____________________________________________________

([1])المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (ابن عطية الأندلسي) ، ج 1 ، ص 225 ، تفسير الثعالبي (الثعالبي) ، ج 1 ، ص : 332

([2]) دروس في علم الأصول ، السيد محمد باقر الصدر ، ج 1 ، ص66 .

([3]) سورة فاطر : الاية 28 .

([4])  بحار الأنوار – ط مؤسسةالوفاء (العلامة المجلسي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 52

([5])تفسير ابن كثير ط العلميه (ابن كثير) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 335

 895 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *