سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا ……..) 54 .

قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا ……..) 54 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (54)

قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)سورة البقرة الاية 126

في هذه الاية الكريمة مطالب

اولا : دعاء الانبياء لا يرد

دعاء الانبياء عليهم السلام لا يرد من قبل الله تعالى ،وذلك لان شروط استجابة الدعاء متوفرة فيهم واهم الشروط المعرفة بالله والتوجه له تعالى وكذلك النية الصادقة وطهارة القلب وعادة دعائهم ليس لانفسهم بل بما فيه الخير والصلاح للاخرين ،ومتى ما كان الدعاء متكامل الشروط ونابعا عن المعرفة فهو حتمي الاستجابة من الله تعالى كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله: ( لو عرفتم الله حق معرفته لمشيتم على البحور، ولزالت بدعائكم الجبال ) ([1]). وقد استجاب الله دعاء ابراهيم عليه السلام بما اراد ومنها .

1- جعل الله مكة بلدا امنا من الغزاة والطامعين ولذلك ذكر القران الكريم كيف ان الله تعالى انتقم من اصحاب الفيل عندما ارادوا غزو مكة فقال تعالى ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ) ([2])

2- جعل الله مكة مقرا تجاريا تجبى اليه الخيرات والارزاق بعد ان كانت ارض مكة جرداء لا ماء فيها ولا كلأ .وقد قال تبارك وتعالى (لإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَآءِ وَالصَّيْفِ* فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خوْفٍ) ([3]) .

قال الطوسي : فان قيل : هل كان الحرم آمنا قبل دعوة إبراهيم ( ع ) ؟ فيه خلاف فالقول الاول : كان آمنا لقول النبي صلى الله عليه وآله حين فتح مكة هذه حرم حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض ، وهو الظاهر في رواياتنا . وقال قوم : كانت قبل دعوة إبراهيم كسائر البلاد ، وإنما صارت حرما بعد دعوته ( ع ) كما صارت المدينة . لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال : ان إبراهيم ( ع ) حرم مكة ، واني حرمت المدينة([4]) .

ثانيا : اهمية الامن في البلد والمجتمع

الامن نعمة الهية كبرى في حياة الانسان الفرد والمجتمع ،فعندما يشعر الانسان في الامن و الامان في بلده ومجتمعه سوف يدعوه الى التطور والتقدم والازدهار في جميع مجالات الحياة العلمية والفكرية وتنمية الطاقات واستثمار الاموال والعمران ليواكب العصر والمجتمع البشري ،وبخلافه اذا شعر الانسان بعدم الامان فان ذلك سوف يؤثر على حياة المجتمع وتخلفه وتاخره وذلك لان الناس سوف يبحثون عن مناطق اخرى اكثر امان وطمانينة،وقد شاهدنا العراق ومنذ وصول البعث الفاسد بقيادة صدام وازلامه وكيف الكثير هاجروا من بلدهم الى بقاع شتى ،وحتى بعد زوال البعث لا زالت الهجرة قائمة لابنائه ولاسباب كثيرة سياسية واقتصادية وارهابية ،وعلى ابنائه ان يتعاونوا من اجل ايجاد عقد اجتماعي بينهم كي يعيشوا في امن وطمانينة كما يعيش الكثير من البلدان ؟.

ثالثا : نعمة المؤمن متواصلة في عالم الدنيا والاخرة

الكافر هو الذي رفض انبياء الله ورسله وكتبه والعمل باحكام الله تعالى ولذلك فهو وان كان يعيش بعض النعم الالهية في عالم الدنيا ولكن سوف تنقطع عنه في عالم الاخرة كما قال تعالى (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) بخلاف الانسان المؤمن فهو يعيش في نعمة موصولة في عالم الدنيا وعالم الاخرة فنعمته غير مقطوعة كما قال تعالى( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ([5]) .

قال بن زهرة : ومن كفر ، أي أن الرزق يعم ، البريء والسقيم ، والعادل والظالم ، والمؤمن والكافر ، بخلاف الإمامة التي تكون من الله تعالى ، فلا تكون إلا لمؤمن عادل  ،وإن ذلك ليس للمحبة ولا للرضا عن كفره ، ولكنه لاستدراجه ، والدنيا مهما طالت أمد قليل بالنسبة للآخرة التي هي الباقية الخالدة ، وعذابها خالد ، ونعيمها مقيم ، ثم أضطره إلى عذاب النار والعطف بـ ( ثم ) هنا للدلالة على تفاوت ما أعطاه من رزق وما ادخره من عذاب ، وأضطره معناها([6]) .

________________________________________________

([1])  ميزان الحكمة (محمدي الريشهري) ، الجزء : 3 ، الصفحة : 1888

([2]) سورة الفيل :من الاية 1- الى 5 .

([3]) سورة قريش : الاية من 1 – الى 4 ,

([4]) التبيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطوسي ، ج1 ، ص457 .

([5]) سورة الاعراف : الاية 32 .

([6]) تفسير القرآن ، زهرة التفاسير ، محمد أبو زهرة ، ج1 ، 403 ، دار الفكر العربي .

 415 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *