سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة الفاتحة / تفسير وشرح (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) (1)

تفسير وشرح (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) (1)

 المصباح في تفسير آيات القرآن المجيد (1)

  (  أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ).

نتعرض في الاستعاذة إلى مطالب عدة

المطلب الاول: الاستعاذة لغة واصطلاحا لغة :

لغة : عوذ : عاذ به يَعُوذُ عَوْذاً وعِياذاً ومَعاذاً : لاذ به ولجأَ إِليه واعتصم ([1]).

 واصطلاحا :الاستجارة والالتجاء والاعتصام بالله تعالى من شرور الشيطان ،ولفظها وان كان خبرا ولكن يدل على الانشاء ومعناه الإنشاء، أي: اللهم أعذني من الشيطان الرجيم .

قال الداني :> اعْلَم ان الْمُسْتَعْمل عِنْد الحذاق من اهل الاداء فِي لَفظهَا >اعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم< دون غَيره وَذَلِكَ لموافقة الْكتاب وَالسّنة فاما الْكتاب فَقَوْل الله عز وَجل لنَبيه عَلَيْهِ السَّلَام {فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }([2]). واما السّنة فَمَا رَوَاهُ نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن ابيه عَن النَّبِي ’ انه استعاذ قبل الْقِرَاءَة بِهَذَا اللَّفْظ بِعَيْنِه< ([3]).

المطلب الثاني : الشيطان مصدر الشر

 الشيطان مصدر الشر في الكون والخراب والفساد والضلال . وهدف الشيطان وغايته ان لا يصل الانسان الكمال في طاعته وعبوديته لله تعالى .

قال تعالى حاكيا ذلك عن ابليس{ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}  ([4]).

وقال تعالى : { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ([5]).  وقال تعالى: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ،ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}  ([6]).

ووسائل الشيطان كثيرة جدا قد نتعرض لها عندما تمر علينا الايات التي سوف تتعلق بالشيطان ولكن على العموم الشيطان له وسائل كثيرة لاسقاط الانسان في وحل المعصية والجريمة والبعد من الله تعالى منها التزين ،كما ذكر الله تعالى(وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ) ([7]). وكذلك قوله تعالى وقوله تعالى : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) ([8]).

فالشيطان يحسن المعاصي في نفس وقلب الانسان ويخفي معائبها حتى يجعل المعصية بالنسبة للانسان مستساغة لا غضاضة فيها بل يوما بعد اخر يستذوق منها وعلى سبيل المثال يحسن للانسان جمع المال حتى ولو كان من حرام ثم يوقعه في البخل والشح وبقية الرذائل .

واما تقبيح الحسن وهو ان يصرف ويبعد الانسان عن الواجبات الالهية من العبادات واداء الحقوق الواجبة كما في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : «يعقد الشيطان على رأس أحدكم ثلاث عقد إذا نام، بكلِّ عقدة يضرب عليك ليلاً طويلا، فإن استيقظ فذكر الله عز وجل انحلَّت عقدة، وإذا توضَّأ انحلت عقدتان، فإن صلَّى انحلت العقد، فأصبح نشيطًا طيِّب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان»([9]).

المطلب الثالث : لماذ يستعيذ العبد 

فالانسان يستعيذ ويستعين بالله لانه ضعيف ،كما قال تعالى: { (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}  ([10]). ولذلك تراه دائما يلتجيء الى عشيرته واهله وقومه واصحابه وما شابه ذلك من اسباب القوة التي يستند اليها في وجوده وحركته .فالانسان ومهما ادعى القوة فهو ضعيف يحتاج الى القوي كي يستعين به على اعدائه .فكيف بهذا الشيطان الخفي الذي ترى اثاره ولا يرى شكله ومظهره .فمن الاولى ان يستعين عليه .

المطلب الرابع : الانسان يستعين بالله على الشيطان

   الله مصدر الخير وقوة الانسان المؤمن في الكون فالعبد المؤمن يلتجيء الى الله من اجل ان يعصمه الله من كل الشرور التي تحدث في الكون .واحد اهم مصادر الشر في الوجود هو الشيطان ،وقد حذر ونبه الله من الشيطان في ايات كثيرة .منها قال تعالى :{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير} ([11]).  وهنا يستعين العبد بالله على الشيطان كي لا يقع في فخه فيخسر الدنيا والاخر .

المطلب الخامس: الشيطان لا يرى الا من خلال خطواته

الشيطان خلقته ليست كخلقة الانسان بل الشيطان له تاثير خفي على النفوس لانه يرى الانسان ولكن الانسان لا يستطيع رؤيته وانما يستطيع ان يتحسس وجوده من خلال خطواته واثاره ، كما قال تعالى: { يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} ([12]).

ونستخلص مما تقدم : ان الشيطان حقيقة موجوده في عالم الامكان وليس وهما ورمزا كما توهم البعض ،وهو يختلف عن خلقة الملائكة وخلقة الانسان ،لانه من الجن كما في قوله تعالى{  إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } ([13]). وعندما ابى السجود لادم طرده الله تعالى من رحمته ، ولذلك طلب من الله النظرة الى يوم القيامة : { قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} ([14]). وقد استجاب الله له ذلك  {قَالَ فإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}  ([15]).

المطلب السادس: الله يعلم العبد كيف يلجا اليه من شر الشيطان

ولكن وفي قبال ذلك ،علم الله العبد كيفية المواجهة عندما يتعرض الى اغواء الشيطان وهو ان يلتجيء الى الله كي يعصمه من اغوائه لانه المحيط بهذا العالم والقادر على كل شيء في الوجود كما في قوله تعالى:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ([16]). وقال تعالى{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ   فصلت}([17]).

ولا شك ان الله تعالى لن يخذل العبد عندما يطلب منه الاستعاذة والاعتصام : {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ([18]).

والنتيجة ان العبد الضعيف يلتجيء الى الله من شر الشيطان واغوائه ونزغه حتى لا يؤثر على افكاره وسلوكه ويحرفه عن الصراط ،وحتى لا تترجم هذه الافكار الى سلوك في ارض الواقع .

اللهم وفقنا الى السلوك القويم ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين ابدا بحق محمد وال محمد صلواتك عليهم اجميعين.

___________________________________

([1]) لسان العرب ، ابن منظور ، ج3 ،ص498 .

([2]) سورة النحل ، الاية 98 .

([3])التيسير في القراءات السبع ،أبو عمرو الداني ،ج 1،ص 17 .

([4])  سورة الحجر : الاية 39 .

([5])سورة  ص : الاية 82 .

([6])سورة الأعراف : 16 ، 17 .

([7])سورة الانفال : الاية 48 .

([8])سورة العنكبوت : الاية 38 .

([9])البدايه والنهايه ط هجر ، ابن كثير ،ج 1  ،ص 147

([10])  سورة النساء 28 .

([11]) سورة فاطر 22 .

([12])  سورة الأعراف : 27 .

([13])سورة الحجر : الاية 36  .

([14])سورة الحجر : الاية 37  .

([15])سورة  الأعراف : الاية 15 .

([16]) سورة الاعراف : الاية 200  .

([17])  سورة فصلت : الاية 36 .

([18]) سورة آل عمران : (101) .

 1,410 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) (4)

ان الله تعالى لم يذكر (الدنيا) في سورة الفاتحة وينسبها اليه مع ان الله مالك للدنيا ومالك للدين (يوم القيامة ) وانما ذكر ونسب الاخرة والقيامة اليه .فقال(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) لان عالم الاخرة العالم الحقيقي والدائمي والسرمدي وعالم الجمال الذي لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر والذي ينبغي ان يتوجه اليه الانسان بكله اليه، واما عالم الدنيا فهي محطة قصيرة جدا يمر فيها الانسان ولا ينبغي ان ينشغل الانسان فيها الا بقدر ما تكون وسيلة ويسخر فيها كل ما يستطيع الى عالم الاخرة .

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *