سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة الفاتحة / تفسير قوله تعالى (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ….) (6)

تفسير قوله تعالى (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ….) (6)

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (6)

قال تعالى (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ….)سورة الفاتحة من الاية  4 الى الاية 5 .

  نتعرض الى عدة مطالب

المطلب الاول:قصر الاستعانة على الله

اي ان الاستعانة يجب ان تكون في الله وبالله ومن الله ومن استعان بغير الله ذل ،لان الله واهب الحياة وواهب القدرة والقوة في هذه الحياة ولو رفع قدرته(آنا ما ) ساخت الارض باهلها وزال كل شيء في الوجود وهذا معنى(الله لا اله الا هو الحي القيوم ) ([1]). فالانسان لم يخلق قدرته وقوته وطاقته بل قدرته موهوبة من الله تعالى والله تعالى يستطيع ان ينتزع هذه القدره والقوة في اي لحظة منه ،فالمصباح يبقى مشتعلا ما دامت الطاقة موجودة ولكن اذا زالت الطاقة منه ينطفا المصباح.

قال برهان الدين : ( وإياك نستعين إشارة إلى أن عبادته لا تتهيأ إلا بمعونته وإلى أن ملاك الهداية بيده) ([2]).

وقال مكارم الشيرازي : ( يواجه الإِنسان في مسيرته التكاملية قوى مضادة داخلية (في نفسه)، وخارجية (في مجتمعه)، ويحتاج في مقاومة هذه القوى المضادة إلى العون والمساعدة، ومن هنا يلزم على الإِنسان عندما ينهض صباحاً أن يكرر عبارة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)ليعترف بعبوديته لله سبحانه، وليستمد العون منه في مسيرته الطويلة الشاقة. وعندما يجنّ عليه الليل لا يستسلم للرقاد إلاّ بعد تكرار هذه العبارة أيضاً. والإِنسان المستعين حقّاً، هو الذي تتضاءل أمام عينيه كلّ القوى المتجبّرة المتغطرسة. وكل الجواذب المادية الخادعة، وذلك ما لا يكون إلاّ حينما يرتفع الإِنسان إلى مستوى القول: (إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعْالَمِينَ) ([3]).([4]).

المطلب الثاني: الاستعانة بالله لا يعني الغاء الوسائط

عندما نقول يجب الاستعانة بالله لا يعني الغاء الاسباب والوسائل والوسائط الطبيعية التي خلقها الله في الوجود ،فالله خلق الماء وجعل منه كل شيء حي ،وهو رافع للعطش ،والله خلق الطعام وجعله رافعا للجوع ،وخلق الدواء وجعله رافعا للداء ،وخلق الدابة وجعلها مفيدة ورافعة لتعب الطريق الطويل ،واعطاك القوة والذكاء لكي تحصل على المال، وهكذا في كل الاشياء التي نستعين بها في الحياة .ولكن عندما نستعين بها لا يعني اننا نستعين بها مستقلة عن الله تعالى وفي عرض الله، بل في طول الله وبما انها مخلوقة لله تعالى وقد سخرها الله لنا .وكما في الحديث القدسي (خلقت الاشياء لاجلك) ([5]).  وقال تعالى (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ([6]).

المطلب الثالث : الاستعانة بالانبياء والاولياء في طول الاستعانة بالله  

الاستعانة بالانبياء والاولياء في طول الاستعانة بالله تعالى وذلك لان الانبياء والاولياء عليهم السلام يحملون الاسماء والصفات الالهية وهي موهوبة لهم من الله تعالى ونحن عندما نستعين بالانبياء والاولياء انما نستعين بالاسماء والصفات والمقامات، ولذلك لا مانع من الطلب من النبي او الامام او الولي بشكل مباشر لانه واسطة ووسيلة في الفيض الالهي وهم ابواب الله التي منها يؤتى ، وعلى هذا فالانسان المؤمن سواء جعل الانبياء والاولياء وسيلة وواسطة الى الله ام طلب منهم بشكل مباشر لا يعد هذا الانسان مشركا بالله تعالى .

وفي الدعاء المنسوب الى الامام الحجة عليه السلام المروي عن الشيخ الطوسي مما يشير الى المقامات والاسماء الالهية للانبياء والاولياء (بسم الرّحمن الرّحيم ادع في كلّ يوم من أيّام رجب : اللهمّ إنّي أسئلك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك المأمونون على سرّك المستبشرون [ المستسرّون – خ ل ] بأمرك الواصفون لقدرتك المعلنون لعظمتك ، وأسألك بما نطق فيهم من مشيّتك ، فجعلتهم معادن لكلماتك وأركانا لتوحيدك وآياتك ومقاماتك الَّتي لا تعطيل لها في كلّ مكان يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلَّا أنّهم عبادك وخلقك ، فتقها ورتقها بيدك بدؤها منك وعودها إليك ……)

ولذلك يقول القيصري في شرح الفصوص ( ومرتبة الإنسان الكامل عبارة عن جمع جميع المراتب الإلهية والكونيّة من العقول والنفوس الكلَّية والجزئية ، ومراتب الطبيعة إلى آخر تنزلات الوجود ويسمّى بالمرتبة العمائية أيضا فهي مضاهية للمرتبة الإلهيّة ، ولا فرق بينهما إلَّا بالربوبيّة والمربوبيّة لذلك صار خليفة اللَّه)  ([7]).

____________________________

([1])  سورة البقرة : الاية 255 .
([2]) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ، برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي ،ج1 ، ص34 ،دار الكتاب الإسلامي .
([3]) سورة الانعام ، الاية 162 .
([4])تفسير الأمثل ، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ،ج 1 ،ص 3 .
([5])  مكيال المكارم ، ميرزا محمد تقي الأصفهاني ، ج1 ، ص373 ، تحقيق : السيد علي عاشور ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : 1421 ، الناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت .
([6]) سورة الجاثية : الاية (13)
([7]) شرح فصوص الحكم ، محمد داوود قيصري رومي ، ص 24 ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : 1375 ش ،
الناشر : شركة انتشارات علمي وفرهنگي .

 601 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير وشرح ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)(3)

كل الوجود من الذرة الى المجرة مظهر من مظاهر الرحمة الالهية ،فهو الموجد لها وهو الممد لها في بقائها ، يقول الله تعالى ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) وفي دعاء الجوشن (يا من وسعت رحمته كل شيء ) .ويقول الامام علي عليه السلام في دعاء كميل من اجل استنزال الرحمة الالهية (اللهم اني اسالك برحمتك التي وسعت كل شيء ) بل ان الامام عليه السلام يقول ( اللّهم إن لم أكن أهلاً أن أبلغ رحمتك فإنَّ رحمتك أهلٌ أن تبلغني وتسعني لأنها وسعت كلّ شيء»

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *