سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا ….) 11 .

تفسير قوله (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا ….) 11 .

في رحاب تفسير آيات القران المجيد (11)

قال تعالى (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) سورة البقرة الاية (25)

في هذه الاية المباركة نتعرض الى عدة مطالب

المطلب الاول :الله يبشر المؤمنين  بالجنة   

بعد ان تعرض الله تعالى الى حال الذين كفروا في الايات السابقة عطف على ذلك حال الذين امنوا وبشرهم بالجنة وما فيها من انواع النعم الالهية التي اعدت لهم كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه واله:(أَلَا بَشِّرِ الْمَشَّاءِينَ فِي الظُّلُمَاتِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)([1]).

وقد قال اهل التفسير ان البشارة تستعمل في الخير ، وأكثر استعماله في الخير ، وظاهر كلام الزمخشري أنه لا يكون إلا في الخير([2]).ولكن قد جاءت في الشر كما في قوله تعالى (فبشرهم بعذاب أليم([3]).لذلك قال صدر الدين الشيرازي اذا جاءت البشارة بالشر فهي )على التهكّم والاستهزاء الزائد للمغتاظ، كما يقول الرجل لعدوّه: “ابشر بقتل ذريّتِك ونهب مالِك”، أو على طريقة قوله:”تحيّة بينهم ضرب وجيع”([4]).

المطلب الثاني : الايمان والعمل الصالح مهر الجنه

 صحيح ان رحمة الله واسعة وكبيرة ولا يمكن تصورها ،ولكن عالم الاخرة قانون ،كالقوانين الرياضية (1+1 =2)، فلا يمكن للانسان الملوث باي سبب من التلوث سواء الكفر او المعاصي ان يدخل عالم الله الكامل والجميل والتي يعبر عنها (بالجنة) مالم يكن الانسان مؤهلا للدخول فيها.

فالانسان داخل في حركته في الحياة بعد ولادته الى ان تخرج نفسه وروحه ضمن دائرة الحركة الجوهرية ونهايته اما كما قال تعالى (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ،ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ،فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ،وَادْخُلِي جَنَّتِي)([5]).واما كما قال تعالى (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)([6]).

وقد ذكر الله تعالى ان للدخول للجنة شرطان .

1- الايمان بشرطه وشروطه ؛ فليس كل من دخل الاسلام فهو مؤمن كما قال تعالى في حق الاعراب (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم )

2- العمل الصالح ؛ فالايمان هو الاساس الذي يبنى عليه غيره والعمل الصالح والخالص كالبناء على الاساس ولا خير في اساس لا بناء عليه والسعي الى الجنة بلا عمل كساع الى الهيجاء بغير سلاحي . قال عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ’  (لْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ‌)([7]).

المطلب الثالث :بعض خصائص الاخرة  

لعالم الاخرة  خصائص متعددة بعد ان يدخل الانسان المؤمن فيها وقد تعرض القران الكريم الى عدة خصائص عظيمة وكبيرةفهي كما قال تعالى ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)([8]). وقد تعرض في هذه الاية الى عدة خصائص منها

1- المنظر الجميل 

 اول خصيصة في الاخرة هو المنظر الجميل الذي يسلب القلوب من البساتين والنخيل والاشجار والازهار والثمار والفاكهة المتنوعة ،والانسان بطبيعته يحب البساتين والازهار والانهار والماء كما هو هو الحال في عالم الدنيا ،لذلك قال تعالى (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ )

2- النعم الالهية المتعددة

والخصيصة الثانية ، النعم الالهية المستمرة والدائمة والكثيرة والتي هي لا مقطوعة ولا ممنوعة ، وربما يكون شكلها كما في عالم الدنيا من حيث الشكل والصورة وقطعا سوف يكون طعمها يختلف عن ثمار الدنيا ، لان عالم الاخرة متميز بشكل كامل عن عالم الدنيا ،لذلك قال تعالى (كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا )

وقد ذكر الشيخ الطبرسي عدة اراء في التشابه ، متشابها في اللون ، متشابه في الجودة، يشبه ثمر الدنيا غير أن ثمر الجنة ، يشبه بعضه بعضا في اللذة ، التشابه من حيث الموافقة ، فالخادم يوافق المسكن ،والمسكن يوافق الفرش([9]) .

 3- الازواج المطهرة

  الازواج المطهرة ، فالانسان المؤمن والذي حافظ على عفته وطهارته في عالم الدنيا يستحق ان يحصل على الزوجة الطاهرة في عالم الاخرة ،والزوجة المطهرة اما ان تكون من الحور العين او من المؤمنات الطاهرات في عالم الدنيا وهنا لعل المقصود بالطهارة المعنوية وقد يقصد الطهارة قوله (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ) قيل في الأبدان والأخلاق والافعال

قال الطوسي :(ولا يحضن ولا يلدن ولا يذهبن إلى غائط وهو قول جماعة المفسرينهارة المادية)([10]).

4- الخلود في الاخرة

الخلود في عالم الجنة ، فالذي يدخل الى الجنة باقي ببقاء الله تعالى لا يعتريه الموت او الفناء والزوال والاضمحلال بخلاف عالم الدنيا تماما ، ولذلك قال ( وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ذلك الفوز العظيم .

 قال القرطبي ،والخلود : البقاء ومنه جنة الخلد . وقد تستعمل مجازا فيما يطول ، ومنه قولهم في الدعاء : خلد الله ملكه أي طوله . قال زهير :

 ألا لا أرى على الحوادث باقيا     ولا خالدا إلا الجبال الرواسيا

وأما الذي في الآية فهو أبدي حقيقة([11]).

__________________________________________

([1])  ثواب الأعمال و عقاب الأعمال ، الشيخ الصدوق ،ج 1 ،ص27 .

([2])  تفسير القرآن الکريم ، الملاصدرا ،ج 2 ،ص 172 .

([3])  ال عمران ،21، التوبة 34 ، الانشقاق ،24 .

([4])  تفسير القرآن الکريم ، الملاصدرا ،ج2 ،ص172 .

([5]) سورة الفجر ، الاية 27 الى 29 .

([6]) سورة الانعام ، الاية 93 .

([7])  عيون أخبار الرضا(ع) المؤلف : الشيخ الصدوق    الجزء : 1  صفحة : 227

([8])الآية 17 من سورة السجدة :

([9]) تفسير مجمع البيان ، الشيخ الطبرسي ، ج 1 ، ص132 .

([10]) التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي ، ج1 ، ص110 .

([11])  تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي    الجزء : 1  صفحة : 241

 908 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *