سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى( َولَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ …….) (105)

تفسير قوله تعالى( َولَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ …….) (105)

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (105)

قال تعالى( َولَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً([1]) لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ )سورة البقرة من الاية من 223 الى 225 .

نتعرض في هاتين الايتين الى مطالب عدة

الاول : الجهل سبب للجرأة على الله

الانسان العالم والعارف بالله تبارك وتعالى يوقر الله تعالى ويعظم الله تعالى ويهاب الله تعالى ويخشى ويخاف من الله تعالى كما قال علي عليه السلام :> مَنْ ذا يَعْرِفُ قَدْرَكَ فَلا يَخافُكَ ، وَ مَن ذا يَعْلَمُ ما اَنْتَ فَلا يَهابُكَ <([2])  . لانه يدرك ان الله تعالى محيط بكل شيء وقادر على كل شيء وبيده الموت والحياة وهو اقرب للانسان من حبل الوريد ، ولذلك فهذا الانسان لا يمكن ان يجعل الله عرضة للاسباب التافة ومنها الايمان بالله تبارك وتعالى ،وهذا بخلاف الانسان الجاهل بالله والذي لا يعرف قدر الله تعالى وجلاله وهيبته فهو يتجرأ على الله بانواع مختلفة من الجرأة ومنها انه يجعل الله عرضة للايمان لكل الاسباب في الحياة .

الثاني :فلسفة النهي عن القسم

ان اهم الحكم من وراء النهي عن القسم بالله تعالى حتى يعظم الله تعالى في قلب الانسان المؤمن وحتى ينطلق في عمل الخير والمعروف والصلاح في واقع المجتمع والحياة ولا يكون القسم والحلف بالله المانع لعمل الخير والاحسان والتقوى ،وحتى لا يتعود على القسم بالله صادقا ام كاذبا ،  لان الحلف مقدمة لكل سوء قد يفعله الانسان كما قال تعالى ( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ ) ([3])  .

ومن هنا قيل في سبب نزول الاية المباركة الكريمة انها نزلت َّفي عبد اللّه بن رواحة الذي حلف أن لا يدخل على ختنه -صهره ونسيبه- ولا يكلمه ولا يُصلح بينه وبين امرأته؛ فكان يقول: إني حلفت بهذا فلا يحلّ لي أن أفعله فنزلت الآية …………….) ([4])  .

الثالث : احاديث في ذم الحلف واليمين

قد تجد الحلف متفشيا عند الكثير من الناس سواء كانوا من عوام الناس او خواصهم ومن اجل ذلك نجد ان النبي ’ والائمة الاطهار ذموا هذه الظاهرة في المجتمع .

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي ! لا تحلف بالله كاذبا ولا صادقا من غير ضرورة، ولا تجعل الله عرضة ليمينك فإن الله لا يرحم ولا يرعى من حلف باسمه كاذبا([5])  .

وقال الحواريون لعيسى بن مريم: أوصنا ؟ فقال: قال موسى (عليه السلام) لقومه: لا تحلفوا بالله كاذبين، وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين([6])  .

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين، فإنه عزوجل يقول: * (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) ([7])

الرابع : اليمين اللغوي لا كفارة عليه

في هذه الاية المباركة( لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ) يبين الله حقيقة قرآنية يعيشها الانسان في سلوكه ،فقد لا يتطابق لسانه مع نيته القلبية، وقد يتطابق ،فاذا تطابق لسانه مع قلبه هنا تجب المؤاخذة كما قال تعالى (ولكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) ،ونتيجة هذا القسم الكفارة التي يتحملها الانسان كما قال تعالى (لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ولكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ ) ([8])  . وعلى هذا فكل عاقل بالغ قاصد مختار إذا حلف وخالف فعليه أن يكفر بعتق رقبة ، أو اطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، فان عجز عن ذلك صام ثلاثة أيام .

قال الخوئي : كفارة الايلاء وكفارة اليمين وكفارة النذر حتى نذر صوم يوم معين اجتمع فيها التخيير والترتيب، وهي عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات([9]).

الخامس : لا ينعقد اليمين الا بالحلف بالله

من الامور المهمة التي تعرض لها الفقهاء هو ان القسم لا ينعقد الا اذا كان المحلوف به ذات الله تعالى إما بذكر اسمه العلمي المختص به كلفظ الجلالة أو بذكر الأوصاف والأفعال المختصة به

قال الامام الخميني : لا تنعقد اليمين إلا إذا كان المقسم به هو الله جل شأنه إما بذكر اسمه العلمي المختص به كلفظ الجلالة، ويلحق به ما لا يطلق على غيره كالرحمان، أو بذكر الأوصاف والأفعال المختصة به التي لا يشاركه فيها غيره كقوله: ومقلب القلوب والأبصار، والذي نفسي بيده، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة وأشباه ذلك، أو بذكر الأوصاف والأفعال المشتركة التي تطلق عليه تعالى وعلى غيره لكن الغالب إطلاقها عليه بحيث ينصرف عند الاطلاق إليه تعالى كالرب والخالق والبارئ والرازق والرحيم، ولا تنعقد بما لا ينصرف إليه كالموجود والحي والسميع والبصير والقادر إن نوى بها الحلف بذاته المقدسة على إشكال، فلا يترك الاحتياط([10]).

السادس : حلم الله وعدم المؤاخذة

الله تعالى حليم واسع الرحمة فهو لا يكلف عباده ما لا يطيقون وكذلك فهو لا يعجل لهم العقوبة عندما يخطأون وهذا لطف الله تعالى بعباده .

 قال الاندلسي : ( وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) * جاءت هاتان الصفتان تدلان على توسعة الله على عباده حيث لم يؤاخذهم باللغو في الإيمان ، وفي تعقيب الآية بهما إشعار بالغفران ، والحلم عن من أوعده تعالى بالمؤاخذة ، وإطماع في سعة رحمته ، لأن من وصف نفسه بكثرة الغفران والصفح مطموع في ما وصف به نفسه ، فهذا الوعيد الذي ذكره تعالى مقيد بالمشيئة ، كسائر وعيده تعالى([11]).

_________________________________________________

([1]) لا تجعلوا اليمين بالله قوة لأنفسكم ، وعدة في الامتناع من البر .

([2]) بحار الأنوار – ط مؤسسةالوفاء (العلامة المجلسي) ، الجزء : 94 ، الصفحة : 245

([3]) سورة القلم : الاية 10 .

([4]) مجمع البيان في تفسير القرآن المؤلف : الشيخ الطبرسي    الجزء : 2  صفحة : 566

([5]) ميزان الحكمة المؤلف : محمدي الريشهري    الجزء : 1  صفحة : 678

([6]) مستدرك سفينة البحار (الشيخ علي النمازي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 367

([7]) الكافي- ط الاسلامية (الشيخ الكليني) ، الجزء : 7 ، الصفحة : 434

([8]) سورة المائدة : الاية 89 .

([9]) سورة المائدة : الاية 89 .

([10]) سورة المائدة : الاية 89 .

([11]) تفسير البحر المحيط ، أبي حيان الأندلسي ، ج 2 ، ص 191 .

 

 701 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *