سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ….) 56 .

تفسير قوله تعالى ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ….) 56 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (56)

قال تعالى ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ،إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَآئِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ). سورة البقرة الاية من 130 الى134.

نتعرض الى هذه الايات بعدة مطالب

الاول : الجاهل الاحمق الذي يرفض شريعة ابراهيم

شريعة ابراهيم عليه السلام بما تحتويه من اساسات الدين والقيم والاحكام والاخلاق هي القاعدة التي تنطلق منها الاديان الالهية السماوية اليهودية والنصرانية والاسلام ،والاسلام يمثل الدين الخاتم لهذه الاديان والنبي يمثل خاتم الانبياء عليهم السلام والمفروض على الجميع سواء كان اليهود او النصارى او مشركي العرب ان يتبع النبي الاكرم صلى الله عليه واله ، والنبي هو دعوة ابراهيم عليه السلام، ولذلك الاحمق والجاهل هو الذي يرغب عن الاسلام الخاتم للاديان .؟

قال بن عاشور : والمقصود من قوله ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه تسفيه المشركين في إعراضهم عن دعوة الإسلام بعد أن بين لهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن الإسلام مقام على أساس الحنيفية وهي معروفة عندهم بأنها ملة إبراهيم قال تعالى ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا([1])

الثاني : الاصطفاء يأتي بعد التسليم لله تعالى

الانبياء عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامر الله يعملون فهم في قمة التسليم والانقياد والاذعان لله تعالى وهذا السبب الذي جعل الله يختار ويصطفي هؤلاء الانبياء عليهم السلام من دون البشر كي يصبحوا قدوة واسوة للمجتمع الانساني والبشري ،وكذلك فان الاخرة مرتبطة باعمال الدنيا وكما في الحديث (الدنيا مزرعة الاخرة ) ([2]). فعندما يكون الانسان والعبد مخلصا الى الله تعالى في الدنيا سوف يكون له الشان في عالم الاخرة .

قال الطبرسي : ومعنى أسلم استقم على الاسلام ، وأثبت على التوحيد ، كقوله سبحانه ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) . وقيل : إن معنى أسلم أخلص دينك بالتوحيد . وقوله : ( أسلمت لرب العالمين ) أي : أخلصت الدين لله رب العالمين ([3]).

الثالث : مهمة الاباء تربية الابناء على الدين القويم

الاباء عليهم مسؤولية ليس في توفير الطعام والشراب والملبس والمسكن لابنائهم فقط ؟ وانما مسؤوليتهم اكبر وهي تربية ابنائهم على الدين الصحيح والدلالة على الله والمنهج القويم للانبياء والاخلاق والقيم وايجاد الاجواء الايمانية لهم ويبدأ ذلك في اختيار المراة الصالحة المربية المؤمنة الى بقية الامور التي لها مدخلية في سلوكهم الصحيح،قال الإمام زين العابدين عليه السلام ( أما حق ولدك فان تعلم انه منك ، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره ، وانك مسؤول عنه من حسن الأدب ، والدلالة على ربه عز وجل ، والمعونة له على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم انه مثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه ) ([4]).

الرابع : وصية الانبياء لابنائهم الاستمرار في خط الاسلام ؟

الحياة مملوءة بالمغريات ،اموال ،مناصب ،ونساء ،واولاد واطفال وغيرها من الشهوات ؟ ومن جهة الاستمرار على منهج الدين الالهي والاخلاق والقيم قد يعرض الانسان الى القتل والسجن والهجرة والجوع والفقر وغيرها من الآلام ،لذلك ليس كل انسان يستطيع ان يصبر على هذا الطريق ؟ومن هنا قال يعقوب عليه السلام لابنائه عندما حضره الموت هل سوف تستمرون على المنهج الحق مهما كلفكم من ثمن  فكان الجواب من ابنائه (قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَآئِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ([5]).

قال الطبرسي : وفي هذه الآية دلالة على الترغيب في الوصية عند الموت ، وأنه ينبغي أن يوصي الانسان من يلي أمرهم بتقوى الله ولزوم الدين والطاعة .

الخامس : الموت في عز افضل من الحياة في ذل

الانبياء عليهم السلام عندما يقولون لابنائهم (فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ([6]).لانهم يعرفون حقيقة الدنيا ويعرفون حقيقة الاخرة ،فالدنيا حتى لو خسرها الانسان فيها كل شيء فهي ليست خسارة ؟ ولكن الخسارة الحقيقية خسارة الاخرة اذا خرج الانسان من عالم الدنيا وهو ملوث بالظلم والمعاصي والفسوق والتبعية للظلمة من الملوك وغيرهم الفاسدين، لذلك يقول الامام الحسين عليه السلام : موت في عز خير من حياة في ذل ، وأنشأ عليه السلام يوم قتل : الموت خير من ركوب العار * والعار أولى من دخول النار([7]).

_____________________________________________________

([1])التحرير والتنوير (ابن عاشور) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 726

([2])عوالي اللئالي (محمد بن علي بن ابراهيم ابن ابي جمهور الأحسائي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 267

([3]) تفسير مجمع البيان ، الشيخ الطبرسي ، ج1 ، ص397 .

([4]) الأمالي (الشيخ الصدوق) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 454

([5]) سورة البقرة : الاية 133 .

([6]) سورة البقرة : الاية 132 .

([7])مناقب آل ابي طالب المؤلف : ابن شهر آشوب    الجزء : 3  صفحة : 224

 510 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *