سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ….) 15

تفسير قوله تعالى (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ….) 15

في رحاب تفسير آيات القران المجيد (15)

قال تعالى ( وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ، قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) سورة البقرة الاية (31)الى (33).

نتعرض في هذه الايات الى مطالب عدة

الاول :  قابلية الانسان اعظم من قابلية الملائكة في العلم

مع ان الملائكة عقول مجردة ولكن قابليتها محدودة في العلم ، بخلاف الانسان الخليفة الذي خلقه الله تعالى في احسن تقويم فان قابليته غير محدودة في العلم والمعرفة، ولذلك قال الله لنبيه صلى الله عليه واله اطلب الزيادة في العلم : (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) ([1]) .

عن عبد الله بن مسعود قال : استدعى رسول الله صلى الله عليه وآله عليا فخلا به ، فلما خرج إلينا سألناه ما الذي عهد إليك ؟ فقال :(علمني ألف باب من العلم ، فتح لي كل باب ألف باب)([2]) .والانسان الكامل لانه اوجد المقدماتالصحيحة ولذلك استحق ان يتلبس فعلا بهذه العلوم والمعارف والاسماء والصفات ؟.

ولكن الناس في الاعم الاغلب انهم لم يشتغلوا من اجل الدخول الى العلوم والمعارف باوسع ابوابها واكتفوا بالشيء البسيط والضئيل مما يقوم حياتهم من العلوم المادية ،بل اشتغلوا على حب الدنيا والسياسية وجمع المال والشهوات والملذات وهذه مما لا شك سوف تعطل نور العلم والمعرفة في قلبه وعقله ،والله تعالى لا يعطي العلم والمعارف لمن اشتغل بالدنيا .

الثاني :كيف علم الله ادم عليه السلام

تعليم الله لادم عليه السلام تعليما تكوينيا ، اي ان الله اودع في نفس ادم عليه السلام العلوم الهاما ووحيا بلا واسطة في الفيض الالهي كما قال تعالى : ( وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا )([3]) .وقال تعالى : (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ) ([4]) .

الثالث : ما الاسماء التي تعلمها ادم عليه السلام

ان الله علم ادم الاسماء والمعاني وكل شيء في الوجود ولا يمكن تحديد العلم الذي تعلمه ادم من الله تعالى ،وان ما تعلمه ادم عليه السلام كان من الغيب المستور عن الملائكة مما هو عند الله تعالى ، وبهذه الميزة فضل الله الانسان على الملائكة وحتى تقر الملائكة بفضل ادم عليه السلام والا فسوف تبقى الملائكة في نفسها شيئا ان الله لماذا خلق الانسان الذي سوف يفسد ونحن نسبح لله ونقدس له .

ومن الغيب المستور عن الملائكة خلق الانوار المحمدية وهم ارواح طاهرة قدسية تضيء بالقدس والطهارة والنور وحتى يعرفوا وجه الحكمة من خلق الانسان . عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال إن اللّه تبارك و تعالى كان و لا شي‌ء فخلق خمسة من نور جلاله و لكل واحد منهم اسما من أسمائه المنزلة فهو الحميد و سمى محمدا ’ و هو الأعلى و سمى أمير المؤمنين عليا و له الأسماء الحسنى فاشتق منها حسنا و حسينا و هو فاطر فاشتق لفاطمة اسما من أسمائه فلما خلقهم جعلهم في الميثاق فإنهم عن يمين العرش و خلق الملائكة من نور فلما أن نظروا إليهم عظموا أمرهم و شأنهم و لقنوا التسبيح فذلك قوله‌ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ‌ فلما خلق اللّه تعالى آدم (عليه السلام) نظر إليهم عن يمين العرش فقال يا رب من هؤلاء قال يا آدم هؤلاء صفوتي و خاصتي خلقتهم من نور جلالي و شققت لهم اسما من أسمائي. سر من سري لا يطلع عليه غيرك إلا بإذني قال نعم يا رب قال يا آدم أعطني على ذلك عهدا فأخذ عليه العهد ثم علمه أسماءهم ثم عرضهم على الملائكة و لم يكن علمهم بأسمائهم‌ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ([5]) .

وقال القرطبي في تفسير الاية لقد اختلف المفسرون في الاسماء التي تعملها ادم من ربه  فقال ابن عباس وعكرمة وقتادة ومجاهد وابن جبير : علمه أسماء جميع الأشياء كلها جليلها وحقيرها . وروى شيبان عن قتادة قال : علم آدم من الأسماء أسماء خلقه ما لم يعلم الملائكة ، وسمى كل شيء باسمه وأنحى منفعة كل شيء إلى جنسه . قال النحاس : وهذا أحسن ما روي في هذا . والمعنى : علمه أسماء الأجناس وعرفه منافعها ، هذا كذا ، وهو يصلح لكذا . وقال الطبري : علمه أسماء الملائكة وذريته ، واختار هذا ورجحه([6])

الرابع : ادم افضل من الملائكة

لقد صار ادم عليه السلام افضل من الملائكة بالعلم وليس بشيء اخر لان العلم والمعرفة يؤدي الى السلوك الصحيح والاستقامة في الحياة والا فالانسان بما هو انسان لا فرق بينه وبين بقية المخلوقات في الوجود ولذلك مدح الله العلم فقال : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) ([7]) وقال(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)([8]) .

قال البيضاوي : واعلم أن هذه الآيات تدل على شرف الإنسان، ومزية العلم وفضله على العبادة، وأنه شرط في الخلافة بل العمدة فيها، وأن آدم أفضل من هؤلاء الملائكة لأنه أعلم منهم، والأعلم أفضل لقوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ وأنه تعالى يعلم الأشياء قبل حدوثها([9]).

____________________________________

([1]) سورة طه 114 .

([2]) الإرشاد ، الشيخ المفيد، ج1 ،ص 34 .

([3]) سورة الكهف ، الاية 65 .

([4]) سورة النساء ، الاية 113 .

([5])مسند الإمام الصادق أبي عبد الله جعفر بن محمد(ع) عزيز الله عطاردي ،ج 6  ،ص 215.

([6])تفسير القرطبي ، القرطبي ،ج 1 ،ص 282 .

([7]) سورة الزمر ، الاية 9 .

([8]) سورة المجادلة : الاية 11 .

([9])تفسير البيضاوي انوار التنزيل واسرار التاويل ،ناصر الدين البيضاوي ، ج 1 ، ص 70 .

 1,734 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *