سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ )31

تفسير قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ )31

في رحاب تفسير آيات القران المجيد (31)

قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )سورة البقرة،الاية 62

في هذه الاية مطالب عدة نتعرض لها

الاول : موقف الاسلام من  الديانات الالهية السابقة    

ظاهر الاية الشريفة ان النصارى، واليهود ،والصابئة ، ان كل ملة اذا آمنت بالله وباليوم الاخر وعملت صالحا فلهم الاجر وفي الاخرة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون حتى اذا لم يؤمنوا برسالة النبي ’ .

قال محمد رضا : إن أهل الأديان الإلهية – وهم الذين بلغتهم دعوة نبي على وجهها وبشرطها – إذا آمنوا بالله واليوم الآخر على الوجه الصحيح الذي بينه نبيهم وعملوا الأعمال الصالحة ، فهم ناجون مأجورون عند الله – تعالى – ، وإذا آمنوا على غير الوجه الصحيح ، كالمشبهة والحلولية والاتحادية وغيرهم ، فلا ينالهم من هذا الوعد شيء ، بل يتناولهم الوعيد المذكور في الآيات الأخرى([1]).

والجواب على ذلك من وجوه.

الوجه الاول: ان الشرائع الالهية متجددة بتجدد الزمان ولذلك فهي تواكب المجتمع في تطوره، وهذا يقتضي بعث الانبياء والرسل عليهم السلام بشكل مستمر وفق ما تقتضيه الحكمة الالهية من اجل ان يواكب عملية التطور في المجتمع البشري،وبالتالي فالشريعة اللاحقة تنسخ او تكمل الشريعة السابقة ،وهذا يوجب ان المجتمع اليهودي او النصراني او الصابئي او غيرهم من اهل الكتاب من الذين كانوا يؤمنون بالانبياء السابقين ان يؤمنوا باخر الانبياء حتى يمكن لهم ان يواصلوا عملية الايمان بالله تبارك وتعالى بشكل صحيح والعمل باحكامه الأخيرة الصادرة والتي جاء بها خاتم الانبياء لتنظيم حياة الإنسان على مستوى العبادة وغيرها .

الوجه الثاني : ان الايمان الحقيقي بالله واليوم الاخر يقتضي الايمان بكل الرسل والانبياء لانهم مبعوثون من قبل الله تعالى كما قال تعالى : ( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ([2]).

وقال تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ  كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ  وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ([3]).

الوجه الثالث : هناك ايات كثيرة تدل وتشير بدلالة واضحة ان الاسلام هو الدين الخاتم والكامل لكل البشر وان النبي صلى الله عليه واله خاتم النبيين وقد ارسل رحمة للعالمين ولا يمكن قبول ايمان الانسان بدون الانتماء والانتساب الى الدين الاسلامي وذلك لنقصان دينه  ، ومن هذه الآيات

(أ) {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ }([4]).

(ب) {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}([5]).

 (ج){مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ  وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}([6]).

(د) {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}([7]).

الثاني :معيار الايمان 

الاية بصدد بيان ان المعيار والمقياس عند الله تبارك وتعالى ليس العنوان -الاسلام او اليهودية او النصرانية او الصابئية في القرب من الله – وانما المقياس عند الله تعالى هو الايمان بالله تعالى والايمان باليوم الاخر والعمل الصالح ،ومما لا شك ولا ريب فيه ان الايمان بالله يقتضي الايمان برسله كلهم السابقين واللاحقين ولا يجوز التفريق بينهم لانهم كلهم مبعوثون من عند الله تعالى واحدهم يكمل الاخر في مسيرة الحياة والارتباط بالله تعالى . ومن هنا قال تعالى فلهم اجرهم عند الله ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون في الدنيا والاخرة فيما اذا عملوا بهذا المقتضى .

الثالث : اليهود والنصارى اهل كتاب 

لا خلا ف بين علماء الامة في اليهود والنصارى وانهم اهل كتاب ولكن وقع الخلاف في الصابئة فهل هم اهل كتاب ام لا .

قال العلامة الحلي : قال ابن الجنيد من علمائنا : الصابئون تؤخذ منهم الجزية ويقرون عليها ، كاليهود  النصارى – وهو أحد قولي الشافعي بناء على أنهم من أهل الكتاب وإنما يخالفونهم في فروع المسائل لا في أصولها([8]).

وقال السيد السيستاني : وأما الصابئة فلم يتحقق عندنا حقيقة دينهم ، وقد يقال : إنهم على قسمين ، فمنهم الصابئة الحرانيين وهم من الوثنية فلا يجوز نكاحهم ،ومنهم الصابئة المندلائيين وهم طائفة من النصارى فيلحقهم حكمهم ، فإن ثبت ذلك كان الحكم ما ذكر ، وإلا فالأحوط الترك مطلقا([9]).

وقال النووي من العامة : (والصابئون صنف من النصارى ، وتوقف الشافعي رضي الله عنه في موضع آخر في حكمهم ، فقال أبو إسحاق : إنما توقف في حكمهم قبل أن يتيقن أمرهم ، فلما تيقن أمرهم ألحقهم بهم . وحكى أن القاهر العباسي استفتى في الصابئة فأفتاه أبو سعيد الإصطخري أنهم ليسوا من أهل الكتاب . لأنهم يقولون : إن الفلك حي ناطق ، وإن الأنجم السبعة آلهة ، وهما الشمس والقمر والمشترى ( جوبتير ) وزحل والمريخ وزهرة وعطارد([10]).

الرابع :رايان في  اهل الكتاب

هناك رايان في نجاسة اهل الكتاب ،مشهور الفقهاء من الشيعة قالوا بنجاسة اهل الكتاب ، ولكن هناك جملة من الفقهاء من قالوا بطهارة اهل الكتاب من المتقدمين ابن عقيل وابن الجنيد،ومن المعاصرين منهم السيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه وهكذا السيد السيستاني والسيد الخامنئي وغيرهم .

وعلى القول بنجاسة اهل الكتاب فنجاستهم عرضية وليست ذاتية ، والدليل على ذلك ان الكافر عندما يسلم يكون طاهرا ،ولعل الحكمة في ذلك هو حصانة الانسان المؤمن من افكار الكفار العقائدية والدينية والاخلاقية ،وحتى يتجنبوا الاختلاط بهم.

_______________________________________________________

([1])تفسير المنار : محمد رشيد رضا : ج 1 :ص 281 .

([2]) سورة البقرة : الاية 136 .

([3]) سورة البقرة : الاية 285 .

([4])  سورة آل عمران : الاية ١٩ .

([5]) سورة آل عمران : الاية 85 .

([6]) سورة الأحزاب: الاية ﴿٤٠﴾

([7])سورة الأنبياء : الاية ﴿١٠٧﴾

([8])  تذكرة الفقهاء: العلامة الحلي ، ج9، ص 282 .

([9]) منهاج الصالحين ، : السيد السيستاني ، ج3 ، ص68 .

([10]) مجموع : النووي ، ج 16 ، ص236 .

 1,921 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *