سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى ( أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ …..) 36 .

تفسير قوله تعالى ( أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ …..) 36 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (36)

قال تعالى (أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ،وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ،فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ِليَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ )سورة البقرة ،الاية 77الى 79.

نتناول في هذه الايات عدة مطالب

الاول : الفرق بين العلم والايمان

الاية الاولى (او لا يعلمون ….) تكملة للاية السابقة ،والتي تحدثت عن بعض اليهود الذين كانوا يقولون لبعض المسلمين ان صفات النبي الاكرم ’ موجودة في التوراة ولكن لم يقبل بذلك كبرائهم ،ولذلك وبخ الله تعالى هؤلاء الكبراء وقال لهم (او لا يعلمون ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ) فسواء اسررتم الامر واخفيتموه ام اعلنتموه فالله يعلم بذلك وسوف يحاسبكم عليه ، فهؤلاء الكبراء كانوا يعلمون ان الله يعلم ولكن لا يوجد عندهم اليقين والايمان بعلم الله تعالى، ولو كان عندهم الايمان والتصديق واليقين لما فعلوا ذلك ، والفرق بين العلم والايمان ، ان العلم قضية ذهنية حدودوها القالب الذهني من الانسان ولكن الايمان قضية قلبية يعقد القلب عليها .

قال تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ ) ([1]) .

وقال تعالى : ( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) ([2]) .

ثانيا : الجهل اكبر مشكلة تؤدي بالانسان الى الانحراف

يمكن تقسيم المجتمع الى عدة اقسام ،فقسم يعيشون الوعي والمعرفة والعلم والايمان ولكن هؤلاء هم الاقلية في كل زمان ، وقسم اخر الانتهازيون والمنافقون واهل المصالح ،وقسم هم الضالون المضلون وهم الذين يزينون الباطل بثوب الحق وهم القساوسة والكهنة والمعممون المزيفون،والقسم الاكبر من الناس هم الجهلة والذين ياخذون دينهم من افواه الرجال والتقليد الاعمى من الاباء والاجداد والبيئة التي يعيشونها كما في قوله تعالى ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) ([3]) ، فهؤلاء اخذوا دينهم من ابائهم وليس بالتحقيق العلمي فهم يميلون مع كل ريح ، فلا يوجد لديهم العلم بل يوجد لديهم الضلال والانحراف والكذب الذي اخذوه من هؤلاء المضلين ،ولذلك عنتهم الاية المباركة فقالت (ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب ……..) ، أَيْ: مِنَ الْيَهُودِ أُمِّيُّونَ لَا يُحْسِنُونَ الْقِرَاءَةَ وَالْكِتَابَةَ، جَمْعُ: أُمِّيٍّ، مَنْسُوبٌ إِلَى الْأُمِّ كَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَا انْفَصَلَ مِنَ الْأُمِّ لَمْ يَتَعَلَّمْ  كِتَابَةً ولا قراءة ([4]).

روي أنّ رجلا قال للصّادق عليه السّلام : إذا كان هؤلاء العوامّ  من اليهود  ، لا يعرفون الكتاب إلا ما يسمعونه من علمائهم ، لا سبيل لهم إلى غيره ، فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ؟ وهل عوامّ اليهود إلَّا كعوامّنا ؟ يقلَّدون علماءهم . فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم ، لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم . فقال عليه السّلام : بين عوامّنا وعلمائنا وبين عوامّ اليهود وعلمائهم ، فرق من جهة وتسوية من جهة : أمّا من حيث استووا ، فإنّ اللَّه قد ذمّ عوامّنا بتقليدهم علماءهم كما قد ذمّ عوامّهم . وأمّا من حيث افترقوا ، فلا .

قال : بيّن لي ذلك ، يا بن رسول اللَّه ! قال عليه السّلام : إنّ عوامّ اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصّراح وبأكل الحرام والرّشاء وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشّفاعات والعنايات والمضايقات .

وعرفوهم بالتّعصّب الشّديد الَّذي يفارقون به أديانهم . وأنّهم إذا تعصّبوا أزالوا حقوق من تعصّبوا عليه وأعطوا ما لا يستحقّه من تعصّبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم .

وعرفوهم يقارفون المحرّمات واضطرّوا بمعارف قلوبهم إلى أنّ من فعل ما يفعلونه ، فهو فاسق ، لا يجوز أن يصدق على اللَّه ولا على الوسائط بين الخلق وبين اللَّه . فلذلك ذمّهم لمّا قلَّدوا من قد عرفوا ومن قد علموا أنّه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته ولا العمل بما يؤدّيه إليهم عمّن لم يشاهدوه . ووجب عليهم النّظر بأنفسهم ، في أمر رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله – إذ كانت دلالته أوضح من أن تخفى وأشهر من أن لا تظهر ( ص ) لهم . وكذلك عوامّ أمّتنا ، إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظَّاهر والعصبية الشّديدة والتّكالب على حطام الدّنيا وحرامها وإهلاك من يتعصّبون عليه . وإن كان لإصلاح أمره مستحقّا . وبالرّفق    والبر والإحسان على من تعصّبوا له . وإن كان للإذلال والإهانة مستحقّا . فمن قلَّد من عوامّنا مثل هؤلاء الفقهاء ، فهم مثل اليهود الَّذين ذمّهم اللَّه تعالى بالتّقليد لفسقة فقهائهم .

وأمّا من كان من الفقهاء ، صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا على هواه ، مطيعا لأمر مولاه ، فللعوامّ أن يقلدوه . وذلك لا يكون إلَّا بعض فقهاء الشيعة ، لا جميعهم . فأنّ من يركب من القبائح والفواحش ، مراكب فسقة فقهاء  العامّة ، فلا تقبلوا منهم عنّا شيئا ولا كرامة لهم ) ([5])

ثالثا : الكذب على الله تعالى

الكذب باي صورة وقع فهو قبيح ،فكيف اذا كان الكذب على الله ،نعم ان الكذب على الله من اقبح القبائح وذلك لان الكذب على الله سوف يؤدي الى الضلال والفساد في الدين والقيم والاخلاق والمبادي ، والانحراف في الدين ليس ضلالا لشخص واحد بل ضلال امة كاملة ولذلك كرر الله الويل لمن يفتري على الله الكذب والزور ويدعي الادعاءات الباطلة وينسب ذلك الى الله تعالى وتكرار الويل دلالة على عظيم هذا الفعل والعمل ؟.

ومن هنا جاءت الرويات الكريمةعن اهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام والتي حذرت فيها من الافتاء والحكم والقول بغير علم ،وان من افتى بغير علم اكبه الله على منخريه يوم القيامة ،وفروا من الفتيا كالفرار من الاسد …………..؟

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتقوا تكذيب الله، قيل: يا رسول الله ! وكيف ذاك ؟ قال: يقول أحدكم: قال الله، فيقول الله: كذبت لم أقله، أو يقول: لم يقل الله، فيقول عز وجل: كذبت قد قلته ([6]) .

عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال : من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء وملائكة الأرض([7])  وسأل رجل أعرابي ربيعة بن عبد الرحمن([8]) . عن مسألة فأجابه فقال الاعرابي : إن فعلت هذا ، فهو في عنقك ؟ فسكت ربيعة فرددها عليه وهو ساكت  ، وأبو عبد الله جعفر بن محمد ×   يسمعه ، فقال : يا أعرابي ، هو في عنقه ، قال ذلك أو لم يقل([9]) .

___________________________________________________

([1]) سورة الروم : الاية 56 .

([2]) سورة الحجرات : الاية 14 .

([3]) سورة الروم : الاية 56 .

([4]) تفسير البغوي احياء التراث : البغوي ، أبو محمد : ج 1  : ص 136 .

([5]) الاحتجاج : الطبرسي : ج 2  :ص 263 .

([6]) معاني الأخبار : الشيخ الصدوق ، ص390 .

([7]) دعائم الإسلام ، القاضي النعمان المغربي ، ج1 ، ص96 .

([8])ربيعة بن فرّوخ التيمى المدني، هو ربيعة بن بن فروخ التيمي مولاه أبي عثمان المدني، المعروف بربيعة الرأي، إمام حافظ، وفقيه مجتهد كنيته أبو سليمان، يعتبر ربيعة بن أبي عبد الرحمن من الطبقة الخامسة من طبقات رواة الحديث النبوي

([9]) دعائم الإسلام ، القاضي النعمان المغربي ، ج1 ، ص96 .

 1,040 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *