سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ……….) 124 .

تفسير قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ……….) 124 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (124)

قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) سورة البقرة من الاية 253 الى 254 .

نتعرض في هذه الاية الى مطالب

اولا : الله يخاطب المؤمنين بالانفاق

الايمان بفكرة يقتضي الايمان بكل لوازم الفكرة فلا يمكن ان يؤمن الانسان بفكرة معينة ويلتزم ببعضها ولا يلتزم بالبعض الاخر فهذا يناقض مبدأ الايمان ويجعل الانسان لا يعيش الايمان الصحيح والكامل ،ومن هنا يخاطب الله المؤمنين بان عليكم ايها المؤمنون ان تلتزموا بقوانين السماء التي فيها سعادتكم في الدنيا والاخرة فالايمان بالله فيه تكلفة وليس مجرد القول الفارغ .

ثانيا : الانفاق واجب ومستحب

يؤكد الله تعالى على موضوع الانفاق بشكل كبير في القران الكريم فلو طالعنا القران نرى عشرات الايات في موضوع الانفاق وهذا دليل على ان موضوع الانفاق له اهمية كبيرة جدا على الانسان الفرد وعلى المجتمع .؟والانفاق في الشريعة الاسلامية على مستويين .

الاول : هو الانفاق الواجب : كالخمس والزكاة _ كما قال تعالى ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ »([1]) . وهذا لا يمكن اسقاطه باي شكل من الاشكال على الانسان المتمكن وتبقى ذمة الانسان رهينة ومديونة الى يوم القيامة بل في بعض الروايات انه لا يجوز للانسان ان يشتري شيئا قبل ان يعطي الحق الشرعي فعن أبي جعفر عليه السَّلام «لا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل إلينا حقّنا»([2]) . بل في بعض الاخبار ان المانع للحق الشرعي لا يشم الجنة ففي الخبر عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر ـ عليه السَّلام ـ : ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال ـ عليه السَّلام ـ : «من أكل من مال اليتيم درهماً و نحن اليتيم»([3]) .

والاية المباركة الكريمة قوله تعالى ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ) كما عن جملة من المفسرين تشير الى الانفاق الواجب .

قال الالوسي : ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ﴾ قِيلَ: أرادَ بِهِ الفَرْضَ كالزَّكاةِ دُونَ النَّفْلِ لِأنَّ الأمْرَ حَقِيقَةٌ في الوُجُوبِ ولِاقْتِرانِ الوَعِيدِ بِهِ وهو المَرْوِيُّ عَنِ الحَسَنِ، وقِيلَ: يَدْخُلُ فِيهِ الفَرْضُ والنَّفْلُ وهو المَرْوِيُّ عَنِ اِبْنِ جُرَيْجٍ واخْتارَهُ البَلْخِيُّ »([4]) .

الثاني : الانفاق المستحب ، وهذا المستحب لا يعاقب الله عليه إذا تركه الإنسان ولكن مع ذلك ففي العطاء المستحب فوائد كثيرة على حياة الإنسان وسلامته في عالم الدنيا وكذلك لرفع الدرجات في عالم الاخرة.

ثالثا : الانسان يستظل بظل اعماله في الاخرة

الدنيا عالم الاعمال والاخرة عالم الحساب ، كما في الحديث ( اليوم عمل ولا حساب ،والاخرة حساب ولا عمل )ولذلك فرصة الانسان هي عالم الدنيا فعليه ان لا تغره الحياة الدنيا فينسى موقفه في الاخرة وعليه ان يستغل كل اوقاته من اجل راحته وسعادته في عالم الاخرة فاعماله في الدنيا ظله في الاخرة سوف يستظل بها ، ومن ضمنها الرزق المادي والاموال ،فهذه الاموال هي رزق الله تعالى وهي بيد الانسان وديعة يجب على الانسان ان يتصرف بها التصرف الصحيح ،والتصرف الصحيح ان ينفق منها على نفسه وينفق على غيره من الفقراء والمستحقين من بني جنسه ، ولا يحرم الفقراء والمحتاجين من رزقهم الذي اوجبه الله لهم في امواله فيكون ظالما للفقراء والمحتاجين وكافرا بنعم الله تعالى لانه لم يؤدي شكر النعم والرزق الالهي عليه ،ومن ثَم سوف لا ينفعه شيء في عالم الاخرة من فدية ، او مودة ، او واسطة للتخلص من العقاب الالهي كما قال تعالى ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ) .

قال القاسمي : وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ﴾ هو يَوْمُ القِيامَةِ: ﴿لا بَيْعٌ فِيهِ﴾ أيْ: فَتُحَصِّلُونَ ما تُنْفِقُونَهُ أوْ تَفْتَدُونَ بِهِ مِنَ العَذابِ: ﴿ولا خُلَّةٌ﴾ حَتّى يُعِينَكُمُ الأخِلّاءُ ﴿الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهم لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلا المُتَّقِينَ»([5]) . ﴿ولا شَفاعَةٌ﴾ حَتّى تَتَّكِلُوا عَلى شُفَعاءَ: ﴿إلا مَن أذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ ورَضِيَ لَهُ قَوْلا﴾»([6]) . ﴿والكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ أرادَ: والتّارِكُونَ الزَّكاةَ هُمُ الظّالِمُونَ وإيثارُهُ عَلَيْهِ لِلتَّغْلِيظِ والتَّهْدِيدِ»([7]) .

________________________________

([1]) سورة الذاريات : الاية 19 .

([2])  مسند ابي بصير (المحمدي المازندراني، بشير) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 195

([3])كمال الدّين وتمام النّعمة المؤلف : الشيخ الصدوق    الجزء : 1  صفحة : 522

([4]): تفسير روح المعاني (الألوسي، شهاب الدين) ، الجزء : 3 ، الصفحة : 4

([5]) سورة الزخرف: ٦٧ .

([6]) سورة طه: ١٠٩ .

([7])تفسير القاسمي محاسن التاويل (القاسمي) ، الجزء : 2 ، الصفحة : 189

 1,012 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *