سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ )110

تفسير قوله تعالى(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ )110

 في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (110)

قال تعالى(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ، وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) سورة البقرة من الاية 230 الى 232 .

نتعرض في هاتين الايتين الى مطالب عدة

الاول : المراة كيان ضعيف

مهما بلغت المراة من مناصب وشهادات علمية وحصلت على جوائز رياضية تبقى المرأة هي المرأة كيان ضعيف وعاطفي بالقياس الى الرجل ،ولذلك ورد عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله (أوصيكم بالضعيفين نسائكم وما ملكت ايمانكم ) ([1]) وهكذا ورد عن علي عليه السلام (فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ ولَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ ) ([2]) ومن هنا جاء الاسلام العظيم من اجل ان يقف مع المرأة في شؤونها الزوجية ويرفع عن المراة الظلم والحيف الذي ربما يقع عليها من قبل الرجال الذين يظلمونها او يحتكرونها او يستغلونها بشتى الاستغلال .؟

الثاني: الاسلام يرفض الاضرار بالغير

الاسلام بشكل عام يرفض الاضرار بالاخر بدون مبرر ، لان الاضرار بالغير والاخر ظلم فكيف اذا كان الاضرار بالغير على المرأة الضعيفة التي تعيش في كنف الرجل ،ومن هنا جاء القران الكريم محذرا الرجال بانكم ايها الرجال اذا طلقتم النساء وقاربت العدة في الانتهاء فانتم بالخيار بين ان تمسكوا النساء وتقيموا حدود الله وتتعاملوا بالمعروف والاحسان معهن او تتركوهن الى سبيل حالهن كي يخترن الطريق المناسب لهن ،ولا يجوز لكم ان تراجعوهن من اجل الاعتداء عليهن وايذائهن فان هذا العمل من الظلم النفس  .

وقد ورد في معنى الاضرار المقصود في الاية المباركة ما عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته ثم يراجعها ، وليس له فيها حاجة ، ثم يطلقها ، فهذا الضرار الذي نهى الله عز وجل عنه ، إلا أن يطلق ثم يراجع وهو ينوي الإمساك »([3]).

والاية على ما في التفاسير نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن بشار، طلّق امرأته، حتى إذا انقضت عدّتها إلاَّ يومين أو ثلاثة، راجعها، ثُمَّ طلقها، ففعل ذلك بها حتى مضت له تسعة أشهر مضارة يضارها؛ فأنزل اللّه تعالى ذكره: وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ  ([4]).

الثالث : ايات الله للعمل وليس للاستهزاء 

الله تعالى عندما شرع الاحكام والقوانين انما هي للعمل بها في ارض الواقع فهي الضمانة للمجتمع من الفوضى في الحياة ، وهذه الايات ليست للهو واللعب والاستهزاء ولذلك قال تعالى ﴿وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾ .

قال البلاغي: ( ولا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّه ) بما بين فيها من احكامكم في صلاحكم ونظام اجتماعكم ( هُزُواً ) بل خذوا حظكم ورشدكم من العمل بها فإن من لم يسعد بالعمل بها كان كالمستهزئ او مستهزءا بها ([5]).

الرابع : التذكير بنعمة الله 

النعم الالهية كثيرة على الانسان سواء كانت هذه النعم ظاهرة ام باطنة كما قال تعالى ( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) ([6]). واهم نعمة على الانسان نعمة الدين والانتماء الى الشريعة الالهية لان بها الخروج من الضلال والظلمات ولاجل ذلك قال تعالى ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾ .

قال البيضاوي : (واذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ ) التي من جملتها الهداية ، وبعثة محمد صلَّى اللَّه عليه واله وسلَّم بالشكر والقيام بحقوقها . ( وما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ والْحِكْمَةِ ) * القرآن والسنة أفردهما بالذكر إظهارا لشرفهما . * ( يَعِظُكُمْ بِه )  بما أنزل عليكم ([7]).

 الخامس : تقوى الله في كل الامور

التاكيد على التقوى في كل الامور دليل ان التقوى هي المحور في سلوك الانسان  وهي التي تستبطن جميع ملكات الانسان فالانسان المتقي هو الذي يشاهد الله في حركة من حركاته في واقع الحياة . ولذلك قال تعالى ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ .

  قال السعدي:  ( واتقوا الله ) * في جميع أموركم * ( واعلموا أن الله بكل شيء عليم ) * فلهذا بين لكم هذه الأحكام بغاية الإتقان والإحكام التي هي جارية مع المصالح في كل زمان ومكان [ فله الحمد والمنة ] ([8]).

السادس: المراة المطلقة حرة في اختيار الحياة المناسبة لها

المراة قبل الزواج غير المراة بعد الزواج ، قد يختلف الفقهاء في موضوع المرأة قبل الزواج هل للاب ولاية وشراكة عليها في تزويجها او لا ولاية له عليها في تزويجها .؟ ولكن عندما تطلق المراة وتصبح ثيبا لا احد من الفقهاء يقول بولاية الاب او الاخ او العم او غيرهم عليها بل للمراة الولاية على نفسها وتختار الحياة المناسبة لها .

ومن هنا فهذه المراة بعد طلاقها وانتهاء عدتها هي حرة اذا ارادت ان تقبل بزوجها الاول فياتي خاطبا من جديد وبمهر جديد وبعقد جديد، او لا تقبل به وليس لاهلها وعشيرتها دخل بها في اختيار الحياة المناسبة لها والتي ترومها .

والخلاصة لا يجوز عضل المرأة من قبل اهلها اذا ارادت هذه الزوجة الرجوع الى الزوج الاول ( فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَجَهُنَّ ) وقد رد في التافاسير ان هذه الاية نزلت في معقل بن يسار ، أنه زوج أخته رجلا من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فكانت عنده ما كانت ، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت العدة فهويها وهويته ، ثم خطبها مع الخطاب فقال له : يا لكع أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها والله لا ترجع إليك أبدا آخر ما عليك ، قال فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها ، فأنزل الله تبارك وتعالى (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَجَهُنَّ ) فلما سمعها معقل قال سمعا لربي وطاعة ، ثم دعاه فقال : أزوجك وأكرمك “([9]).

__________________________________________

([1]) تحف العقول عن آل الرسول ( ص ) ، ابن شعبة الحراني ، ص199 .

([2]) نهج البلاغة ، خطب الإمام علي ( ع ) ( تحقيق صالح ) ، ص405 .

([3]) من لا يحضره الفقيه : الشيخ الصدوق ، ج 3 ، ص 501 .

([4]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، محمد بن جرير الطبري، ج2 ، ص653 .

([5]) آلاء الرحمن في تفسير القرآن ، محمد جواد البلاغي النجفي ، ج 1 ، ص208 .

([6]) سورة لقمان : الاية 20 .

([7])أنوار التنزيل وأسرار التأويل ، عبد الله بن محمد الشيرازي الشافعي البيضاوي ، ج1 ، ص143

([8]) تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان ، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص103 .

([9]) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، جلال الدين السيوطي ، ج1 ، ص 286 .

 1,006 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *