سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ …………)66 .

تفسير قوله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ …………)66 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (66)

قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ،الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) سورة البقرة من الاية 155الى 157 .

نتعرض في هذه الايات الى مطالب عدة

اولا : دور البلاء في صناعة الانسان المؤمن

قد يستغرق صناعة اكبر جهاز في العالم بضع سنوات قليلة ، ولكن يحتاج الانسان حتى يصل الى مراتب الكمال الاخلاقي الى سنوات طويلة بل كل العمر من التدريب والتهذيب ومراقبة النفس ومحاسبتها ، ومعمل صناعة الانسان ،هي شتى انواع المحن والمصائب والبلاءات حتى يخرج من نفسه كل تعلق بالدنيا التي هي راس كل خطيئة ،وكذلك من اجل ان يتحلى بكل صفة من صفات الكمال والاخلاق الحميدة .

ثانيا : الايات المباركة تجري مجرى الليل والنهار

قد يقول شخص ان هذه الاية المباركة هل تحققت في زمن النبي؟ او سوف تتحق في الزمن المستقبل من الايام ؟او لا تختص بزمان دون زمان ؟

اقول : ان سر قوة القران الكريم ان آياته تجري مجرى الليل والنهار ولا تختص بزمن دون زمن حتى وان كانت بعض الايات تتحدث عن واقعة معينة حدثت في زمن النزول وعالجت موقفا معينا من المواقف ،عن أبي بصير، عن الصادق (عليه السلام): “ولو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية لمات الكتاب، ولكنه حي يجري فيمن بقي، كما جرى فيمن مضى “([1])  وعن أبي عبد الله (عليه السلام): “إن القرآن حي لم يمت، وإنه يجري كما يجري الليل والنهار وكما تجري الشمس والقمر، ويجري على آخرنا كما يجري على أولنا. “([2])  

ثالثا : البلاء في اخر الزمان وقبل ظهور المهدي

لو راجعنا الروايات التي تتحدث عن ما قبل ظهور الامام المهدي عليه السلام راينا ان المصائب تشتد بشكل كبير في بعض المناطق ولا سيما في منطقة الشرق الاوسط ولا سيما في العراق والشام كما عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) ، قال : « إن قدام [ قيام ] القائم علامات ، بلوى من الله تعالى لعباده المؤمنين » .قلت : وما هي ؟ قال : « فذلك قول الله عز وجل : ( ولَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ والْجُوعِ ونَقْصٍ مِنَ الأَمْوالِ والأَنْفُسِ والثَّمَراتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )([3])  

وعن جابرالجعفي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن قول الله تعالى : ” ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ” فقال : يا جابر ذلك خاص وعام فأما الخاص من الجوع بالكوفة ، يخص الله به أعداء آل محمد فيهلكهم ، وأما العام فبالشام ، يصيبهم خوف وجوع ما أصابهم به قط ، وأما الجوع فقبل قيام القائم عليه السلام ، وأما الخوف فبعد قيام القائم عليه السلام) ([4])  

رابعا : انواع البلاء الذي تعرضت اليه الايات

ان البلاء الذي سوف يتعرض اليه الناس ،هو قليل لان الباء(بشيء) للتبعيض هو ( الخوف)وكما نرى ان الخوف متحقق من الاعداء ولا سيما اليهود والفكر الوهابي الداعشي ومن يمولهم ويدعمهم وكذلك (الجوع )بسبب الازمة الاقتصادية (ونقص من الاموال) قلة الواردات المالية ،وكذلك ( والانفس) بالجهاد والارهاب وكما نشاهد اليوم القتل الكثير ،وكذلك (الثمرات ) وهنا المراد والمقصود بها اما الطعام واما أراد به موت الأولاد ، لأنّ الولد ثمرة القلب كما عن النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : إذا مات ولد العبد قال اللَّه تعالى للملائكة : أقبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم ، فيقول اللَّه : أقبضتم ثمرة قلبه ؟ فيقولون : نعم ، فيقول اللَّه : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع ، فيقول اللَّه عزّ وجلّ : ابنوا لعبدي بيتا في الجنّة وسمّوه بيت الحمد  ([5])  

خامسا : كيف نواجه البلاء

1- بالعلم والوعي والبصيرة : فهذه الحياة من سننها البلاء ،فلا يوجد انسان في الارض الا وهو مبتلى ؟لذلك نجاح الانسان هو في كيفية تعامله مع الاحداث وتغيير ما يمكن تغييره.

2- بالصبر : “وبشر الصابرين”وهو توطين النفس على البلاء والمصيبة والمصيبة

3- الدعاء والتوسل الى الله تعالى : فالدعاء الى الله تعالى له الدور الكبير في تخيف المصائبوكذلك التمسك باوليائه عليهم السلام

4- الصدقة : فالصدقة لها دور مهم في دفع البلاء والفتنة والامتحان او تخيف ذلك على الانسان .

5- تذكر الاجر والثواب العظيم والتعويض للصابر على البلاء وان الجزع سوف لن يغير الواقع بل بالعكس سوف يؤثر على نفس وروح الانسان وعمله امام الله.

عن أم سلمة عن زوجها أبي سلمة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول ما من أحد من المسلمين يصاب بمصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم إني أحتسب مصيبتي عندك اللهم أبدلني بها خيرا منها إلا أبدله الله عز وجل بها خيرا منها قال فلما توفي أبو سلمة قالت أم سلمة إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم إني أحتسب مصيبتي في أبي سلمة عندك اللهم أبدلني به خيرا منه فجعلت أقول في نفسي من خير من أبي سلمة فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبني فتزوجته )([6])

سادسا : افاضة الطاقة الايجابية على الصابر

الانسان المؤمن الصابر عندما يواجه المصيبة والبلاء بحسن القبول والاحتساب عند الله ولا يصيبه الجزع والاشمئزاز والاعتراض بقضاء الله وقدره ، سوف يفيض الله عليه من رحمته ومغفرته وبركاته واحسانه،وهو كناية عن افاضة الطاقة الايجابية على نفس المؤمن لوجود القابلية لذلك ،وفي نفس الوقت فهؤلاء يعيشون الهداية الالهية لانهم استسلموا لقضاء الله وقدره ولم يجزعوا ،قال أمير المؤمنين عليه السّلام : من ضرب بيده على فخذه عند مصيبة فقد حبط أجره ، والمصيبة لا تكون مصيبة يستوجب صاحبها أجرها إلا بالصبر والاسترجاع عند الصدمة([7]).

ولذلك قال تعالى كناية عن الافاضة الالهية : (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) .

قال الماوردي :> أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة <الصلاة اسم مشترك المعنى فهي من الله تعالى الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الناس الدعاء، كما قال تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما([8]).

_________________________________________________

قال الطبرسي : ( وأولئك هم المهتدون ) أي : المصيبون طريق الحق في الاسترجاع . وقيل : إلى الجنة والثواب([9]).

([1])  الکافی- ط دارالحدیث (الشيخ الكليني) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 472

([2])تفسير الحبري المؤلف : حسين بن حكم الكوفي الحبري    الجزء : 1  صفحة : 106

([3]) الغيبة للنعماني (محمد بن إبراهيم النعماني) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 250

([4])إثبات الهداة (الشیخ الحر العاملی) ، الجزء : 5 ، الصفحة : 363

([5])تفسير البغوي احياء التراث (البغوي ، أبو محمد) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 186

([6])كتاب الدعاء المؤلف : أبو القاسم الطبراني    الجزء : 1  صفحة : 371

([7])تحف العقول المؤلف : ابن شعبة الحراني    الجزء : 1  صفحة : 403

([8])تفسير الماوردي النكت والعيون (الماوردي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 210

([9]) تفسير مجمع البيان ، الشيخ الطبرسي ، ج 1 ، ص442 .

 2,145 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *