سرخط خبرها
خانه / نصوص و مقالات / المقالات الفکریة / دروس من عاشوراء ،الناس عبيد الدنيا (13)

دروس من عاشوراء ،الناس عبيد الدنيا (13)

من عطاء وملحمة عاشوراء (13)

الناس عبيد الدنيا

الدنيا عبارة عن مجموعة أشياء حسية ومادية مغرية ،والنفس تتوق الى الامور المادية والحسية ،واما القيم والمباديء وعالم الغيب والاخرة فهي قضايا معنوية غير ملموسة وتحتاج لكي يصل اليها الانسان فيشعر بقيمتها الى التعب الكثير وتهذيب النفس ، ولذلك فالانسان يفضل الامر المحسوس على الامر المعنوي والغيبي ويفضل القريب على الشيء البعيد ومن هنا اصبح الانسان عبدا لهذه الدنيا الفانية .؟

ومن عاشوراء الامام الحسين نستفيد درسا تاريخيا متجددا ،ان الناس لا تجتمع حول القيم الاخلاقية والالهية ، وانما اغلب الناس تجتمع حول من بيده ،المال ؟ والقوة ؟ والسلطة ،وتسعى من اجل ذلك بكل قوتها ،وهناك امثلة كثيرة برزت يوم عاشوراء نقتصر على بعضها ،منهم عمر بن سعد بن ابي وقاص الزهري قائد جيوش يزيد بن معاوية لقتل سيد الشهداء الحسين بن علي عليه السلام ،وهذا كان ممن يعرف الحسين عليه السلام وقيمته المعنوية في الوجود ولكن هذا الشخص فضل الحياة وملذاتها على القيم السامية،وقد اشتهرت له هذه الابيات التي بها يعرب عن امنياته ، مع اختلاف في بعضها بحسب المصادر

فواللّه ما أدري وإني لحائر *** أفكّر في أمري على خطرين

أأترك ملك الرّي والرّي منيتي *** أم أرجع مأثوماً بقتل حسين

حسين ابن عمي والحوادث جمّة *** لعمري ولي في الرّي قرة عين

وإنَّ إله العرش يغفر زلّتي *** ولو كنت فيها أظلم الثقلين

ألا إنما الدنيا بخير معجّل *** وما عاقل باع الوجود بدين

يقولون إن اللّه خالق جنة *** ونار وتعذيب وغلّ يدين

فإن صدقوا فيما يقولون فإنني *** أتوب إلى الرحمن من سنتين

وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمة *** وملك عظيم دائم الحجلين

وقد قتله المختار بن أبي عبيدة الثقفي سنة خمس وستين في الكوفة في ثورته ولم يحصل على الدنيا ولا على الاخرة.

والشخص الثاني الذي يمكن ان يكون مثالا لحب الدنيا والذي باع القيم والمباديء والاخرة هو انس بن سنان والذي حز راس الحسين عليه السلام مع علمه ان الحسين هو اشرف انسان موجود في الكون في زمانه،ومع ذلك فلم يكن مكترثا انه قتل افضل الناس بل كان يفتخر في ذلك ، ولذلك لما أدخل رأس الحسين بن علي عليهما السلام على عبيد الله ابن زياد ( لعنه الله ) تمثل هذا المجرم والقاتل بهذه الابيات امام عبيد الله بن زياد .؟

املأ ركابي فضة وذهبا * * إني  قتلت الملك المحجبا

قتلت خيرا الناس أما وأبا * * وخيرهم إذ ينسبون نسبا

فقال له عبيد الله بن زياد : ويحك ! فإن علمت أنه خير الناس أبا وأما ، لم قتلته إذن ؟ ! فأمر به فضربت عنقه ، وعجل الله بروحه إلى النار .

ويمكن الاخذ بنتيجة واقعية ؛فنقول ان الناس حتى لو رايتها في ظرف معين تجتمع حول الدين فليس لان الناس قد فهموا قيم الدين واستوعبوه وعملوا به، وانما لان الدين في هذا الظرف اصبح هو المسيطر في الواقع والمجتمع وله السلطة والقوة والمال ،ولكن هؤلاء الناس بمجرد حدوث الامتحانات والاختبارات المختلفة والمتعددة سوف ينقلبون ويتخلون عن الدين الا ما رحم ربي .

وهذا ما وقع فعلا في كربلاء ،فان الناس عندما رات ان السلطة والمال والقوة بيد بني امية فتغير ولائها من نصرة الامام الحسين عليه السلام الى نصرة الفاسدين والظالمين والمناقين يزيد بن معاوية و عبيدالله بن زياد وتخلت عن القيم والمباديء وعن حامل هذه القيم والمباديء ؟

وهذا ما سوف نراه الى زمن ظهور الامام المهدي عليه السلام ،فان البلاءات والامتحانات سوف تكشف الكثير من الناس على حقيقتهم وهل هم اهل مباديء او من اهل المصالح المادية والدنيوية .

ولذلك الامام الحسين عليه السلام يعطينا قانونا عاما في حقيقة الناس فلا ننصدم بهم عندما يتخلون عن القيم والمباديء ويذهبون الى عالم المادة وعشقها والفناء فيها فيقول عليه السلام ( إِنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيَا، وَالدِّينُ لَعْقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُونَ ).؟

اللهم بحق الحسين عليه السلام اشف صدر الحسين بظهور الامام المهدي عليه السلام .

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

السر في الابداع والنجاح والتوفيق وقطف الثمار وبقاء الاثر هو الاخلاص .

الاخلاص السر في الابداع والنجاح والتوفيق وقطف الثمار وبقاء الاثر هو الاخلاص . هذه احد ...

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *