سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ….)47 .

تفسير قوله تعالى (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ….)47 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (47)

قال تعالى ( وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ، بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) سورة البقرة الاية من 111الى 113.

في هذه الايات الكريمة مطالب عدة نتعرض لها

الاول : الاعتماد على الاماني خصال الحمقى

الانسان الكيس العاقل هو الذي يحدد الاهداف ويستخدم الوسائل الصحيحة ويعتمد على الادلة من اجل البلوغ الى الغاية ،واما الذي يعتمد على الاماني والامنيات فهو الانسان الاحمق والذي لا يقدر الامور حق تقديرها ،قال امير المؤمنين عليه السلام (وإِيَّاكَ والِاتِّكَالَ عَلَى الْمُنَى فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكَى ) ([1]). والنوكى اي الحمقى .

قال الشاعر: ما كل ما يتمنى المرء يدركة * تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن

قال الطبرسي : حكى سبحانه نبذا من أقوال اليهود ودعاويهم الباطلة ، فقال : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) وهذا على الإيجاز ، وتقديره : قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا ، وقالت النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا ([2]).   

الثاني : كل دعوى تحتاج الى دليل

الانسان العاقل عندما يتخذ دينا او يتبع اشخاصا او يقبل فكرة ما علمية او غيرها ، يجب ان ينطلق من الدليل والحجة والبرهان في صحتها وكل بحسبه،والاحمق والجاهل هو الذي لا يسال عن الدليل والبرهان والحجة ، ولذلك أكد القران الكريم على اهمية الدليل والبرهان في الحياة (قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ).

فكل دعوى تحتاج الى دليل ايها اليهود وليس قولكم هذا يمكن ان ينطلي على العقل السليم بل يمكن ان ينطلي على الاحمق والمغفل .؟

قال البيضاوي : قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ على اختصاصكم بدخول الجنة. إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعواكم فإن كل قول لا دليل عليه غير ثابت ([3]).  

الثالث : ضابطة الرضا الالهي

الاجر والثواب والامن في الدنيا ولاخرة يتوقف على امرين

1- الايمان بالله والانبياء والاحكام الالهية وهو معنى التسليم

2- العمل الصالح ،وهو معنى الاحسان .

قال الكاشاني : ( بَلى )إثبات لما نفوه من دخول غيرهم الجنّة  ( مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَه لِلَّه ) أخلص له نفسه ، بأن لا يشرك به غيره ، أو قصده ( وهُوَ مُحْسِنٌ ) في عمله ( فَلَه أَجْرُه ) الَّذي وعد له على عمله ( عِنْدَ رَبِّه ) ثابتا عنده لا يضيع ولا ينقص ([4]).

الرابع: كل حزب بما لديهم فرحون

عالم الدنيا عالم التدافع وكل جماعة تدعي انها الحق والهدى وغيرها يمثل الباطل والضلال وهذا ليس لانهم يحرصون على الله وعلى دينه وعلى قيمه وانما تدفعهم المصالح الضيقة والشخصية والمالية والمواقع والمناصب ، وما قاله اليهود والنصارى لا يجري عليهم فقط بل هو جاري على المشركين الذين عاصروا النبي ’ وهذا عين ما جرى بعد وفاة رسول الله ’ والى هذا اليوم بين طوائف المسلمين وهم من ملة واحدة ،واليوم كل ملة وطائفة وكل جماعة وكل حزب يدعي انه الحق وغيره يمثل الضلال ..؟

ولذلك قال تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) .

قال الزمخشري : وروي أن وفد نجران لما قدموا على رسول الله ’أتاهم أحبار اليهود، فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم، فقالت اليهود: ما أنتم على شيء من الدين، وكفروا بعيسى والإنجيل، وقالت النصارى لهم نحوه، وكفروا بموسى والتوراة([5]).

الخامس : عالم القيامة سوف يكشف حقيقة الناس

عالم الدنيا قد تضيع فيه الكثير من الحقائق،ويختلط الحق مع الباطل كما نرى اليوم فكل يدعي وصلا بليلى ،ولكن عالم الاخرة عالم التمييز وعالم احقاق الحق واظهار الحقائق والاعتراف بالصدق اذ في ذلك العالم لا يمكن الازدواجية للاشخاص والجماعات بل كشف الحقائق هو السائد لان ظاهر الانسان وباطنه مصور عند الله تعالى فمهما اخفى الانسان وجمل صورته في عالم الدنيا سوف تظهر حقيقته في عالم الاخرة عند من لا تخفى عليه خافية .

قال القاسمي : فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون أي يفصل بينهم بقضائه العدل ، فيحكم بين المحق والمبطل فيما اختلفوا فيه . وهذه الآية كقوله تعالى في سورة الحج : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد وكما قال تعالى : قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ([6]).

_______________________________________________________

([1])نهج البلاغة ط-دار الكتاب اللبناني ، السيّد الرضيّ  ،ج 1  ،ص 402

([2]) تفسير مجمع البيان ، الشيخ الطبرسي ، ج 1 ، ص349 .

([3]) تفسير البيضاوي انوار التنزيل واسرار التاويل ، ناصر الدين البيضاوي ج 1  ،ص 101

([4]) زبدة التفاسير ، الملا فتح الله الكاشاني ، ج 1 ،ص214 .

([5])تفسير الزمخشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (الزمخشري) ، ج 1 ، ص 179.

([6]) تفسير القاسمي ، محمد جمال الدين القاسمي ، ج1، ص 226 ، دار إحياء الكتب العربية ،سنة النشر: 1376 هـ – 1957 م ، رقم الطبعة: الطبعة الأولى، عدد الأجزاء: سبعة عشرة جزءا

 508 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *