سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ ….)46 .

تفسير قوله تعالى ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ ….)46 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (46)

قال تعالى ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) سورة البقرة الاية 110 .

نتعرض في هذه الاية الى عدة مطالب

اولا : العلاقة بين الصلاة والزكاة

القران الكريم كما يظهر ويبرز المعاني البلاغية، كذلك يظهر الحقائق الالهية والترابط بين الايات والاحكام والتشريعات الالهية، ولذلك نجد في ايات كثيرة ربطا بين الصلاة والزكاة ولعلها تصل الى عشرات الايات قلما نجد ربطا بين الاحكام الاخرى ، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على اهمية الصلاة والزكاة في الاسلام وسلوك الانسان المسلم ،فلا يمكن اقامة الصلاة والنفس شحيحة على المال ، ولا يمكن قبول الصلاة وانت تعيش البطر وهناك الفقراء لا يجدون رغيفا من الخبز يقاتون عليه ،لذلك اذا كنت تريد ان تقف بين يدي الله تعالى عليك كما تتقرب بالصلاة عليك ان تزكي اموالك وتعطيها للفقراء والمحرومين ولذلك اصبح الصوم والصلاة والحج والزكاة من اعظم الفرائض في الاسلام .

قال الاندلسي  🙁 لما أمر بالعفو والصفح ، أمر بالمواظبة على عمودي الإسلام : العبادة البدنية ، والعبادة المالية ، إذ الصلاة فيها مناجاة الله تعالى والتلذذ بالوقوف بين يديه ، والزكاة فيها الإحسان إلى الخلق بالإيثار على النفس ، فأمروا بالوقوف بين يدي الحق وبالإحسان إلى الخلق ) ([1])

ثانيا: الانسان يدخر عمل الخير لنفسه

علينا ان ندرك ونتيقن ونفهم ونربي انفسنا سلوكا وثقافة، ان ما نقوم به من عمل صالح وصوم وصلاة وصدقة ومعروف وصلة ارحام واصلاح بين الناس وقضاء حوائج الناس وغيرها من الاعمال الخيرة مدخرة عند الله و هي لانفسنا في يوم نحتاج فيه الى عمل الخير والذي سوف يتخلى عنا اقرب الناس الينا ومن كنا نقوم بخدمتهم في الحياة الدنيا ،ولذلك الانبياء والائمة الاطهار لما عرفوا ذلك كانوا يفتشون ويبحثون عن الفقير والمحتاج وكانوا يفرحون بقدوم السائل ،وكان الامام السجاد إذا أتاه السائل يقول : مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة ([2]) وعن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « كان عليّ بن الحسين ( عليهما السلام ) يقول : الصّدقة تطفىء غضب الرّب ، قال : وكان يقبل الصّدقة قبل أن يعطيها السّائل ، قيل له : ما يحملك على هذا ؟ قال : فقال : لست أقبل يد السّائل ، إنّما أقبل يد ربي ، إنها تقع في يد ربي ، قبل أن تقع في يد السّائل ) ([3]) .

روي أنّ عنبسة العابد قال : قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام : أوصني ، فقال أعدّ جهازك ، وقدّم زادك ، وكن وصىّ نفسك ، ولا تقل لغيرك يبعث إليك بما يصلحك ([4]) .

قال ابو العتاهية  :

              اسعد بِمَالِكَ فِي حَيَاتِكَ إِنَّمَا … يَبْقَى وَرَاءَكَ مُصْلِحٌ أَوْ مُفْسِدُ

              وَإِذَا تَرَكْتَ لِمُفْسِدٍ لَمْ يُبْقِهِ …   وَأَخُو الصَّلَاحِ قَلِيلُهُ يَتَزَيَّدُ

           وَإِنِ اسْتَطَعْتَ فَكُنْ لِنَفْسِكَ وَارِثًا … إِنَّ الْمُوَرِّثَ نَفْسَهُ لَمُسَدَّدُ

ثالثا : الله بصير بكل ما يقوم به الانسان

كل العالم بل العوالم والاكوان ما نرى وما لا نرى من الذرة الى المجرة بيد الله تعالى وتحت نظره ورعايته تبارك وتعالى ، فحتى لو عمل الانسان الاعمال الصالحة وكان سرا بينه وبين ربه تبارك وتعالى فسوف تكون هذه الاعمال مدخرة عند الله تعالى ،فسواء عمل الانسان الخير بشكل علني او بشكل سري فسوف يعرفه الله ولا يعزب عن الله تعالى اي عمل صالح بل الاعمال كل ما كانت خافية عن الناس كانت اكثر اخلاصا لله تعالى، ولذلك الانبياء والاولياء والصالحين يحرصون كل الحرص على ان تكون اعمالهم في خفاء ،ولذلك كان نرى الامام زين العابدين عليه السلام يقوم بالاعمال ليلا ولا يعرفه احدا ،وكان يخرج في غلس الليل البهيم فيوصل الفقراء بهباته وعطاياه، وهو متلثم، وقد اعتاد الفقراء على صلته لهم في الليل فكانوا يقفون على أبوابهم ينتظرونه فإذا رأوه تباشروا وقالوا: جاء صاحب الجراب .

قال ابن شهر اشوب : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ‌ أَنَّهُ كَانَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَعِيشُونَ لَا يَدْرُونَ مِنْ أَيْنَ مَعَاشُهُمْ فَلَمَّا مَاتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَقَدُوا مَا كَانُوا يُؤْتَوْنَ بِهِ بِاللَّيْلِ. وَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُوتُ مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ وَ قِيلَ كَانَ فِي كُلِّ بَيْتٍ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ.وفي الْحِلْيَةِ قَالَ إِنَّ عَائِشَةَ سَمِعَتْ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ مَا فَقَدْنَا صَدَقَةَ السِّرِّ حَتَّى مَاتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ. و فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ‌ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ كَذَا وَ كَذَا بَيْتاً يَأْتِيهِمْ رِزْقُهُمْ وَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ لَا يَدْرُونَ مِنْ أَيْنَ يَأْتِيهِمْ فَلَمَّا مَاتَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ فَقَدُوا ذَلِكَ فَصَرَخُوا صَرْخَةً وَاحِدَةً.

وَ فِي خَبَرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‌ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ فَيَحْمِلُ الْجِرَابَ عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بَاباً فَيَقْرَعَهُ ثُمَّ يُنَاوِلُ مَنْ كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ وَ كَانَ يُغَطِّي وَجْهَهُ إِذَا نَاوَلَ فَقِيراً لِئَلَّا يَعْرِفَهُ الْخَبَرَ . و فِي خَبَرٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا جَنَّ اللَّيْلُ وَ هَدَأَتِ الْعُيُونُ قَامَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَجَمَعَ مَا يَبْقَى فِيهِ مِنْ قُوتِ أَهْلِهِ وَ جَعَلَهُ فِي جِرَابٍ وَ رَمَى بِهِ عَلَى عَاتِقِهِ وَ خَرَجَ إِلَى دُورِ الْفُقَرَاءِ وَ هُوَ مُتَلَثِّمٌ وَ يُفَرِّقُ عَلَيْهِمْ وَ كَثِيراً مَا كَانُوا قِيَاماً عَلَى أَبْوَابِهِمْ يَنْتَظِرُونَهُ فَإِذَا رَأَوْهُ تَبَاشَرُوا بِهِ وَ قَالُوا جَاءَ صَاحِبُ الْجِرَابِ‌([5]) .

___________________________________________________________________

([1])البحر المحيط في التفسير (أبو حيّان الأندلسي) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 559

([2]) مسند الإمام السجاد أبي محمد علي بن الحسين(ع) (عزيز الله عطاردي) ، ج 1 ، ص 46 . الكشكول ،الشيخ البهائي ، ج 3 ، ص 391 .

([3]) مستدرك الوسائل ، المحدّث النوري ، ج 7  ، ص 218 .

([4])تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشّريعة ، الشيخ الحر العاملي ،ج 30  ،ص 405 .

([5]) المناقب لابن شهرآشوب ، ابن شهر آشوب ،ج 4 ،ص 153 .

 633 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *