سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا ) 30 .

تفسير قوله تعالى (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا ) 30 .

في رحاب تفسير آيات القران المجيد (30)

قال تعالى (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُو بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) سورة البقرة الاية (61)

وفي هذالاية مطالب عدة

الاول : طبيعة الانسان وحبه للتنوع

طبيعة الانسان يحب التنوع في الكثير من مفردات حياته وهو لا يستطيع ان يعود نفسه على شيء واحد فكيف بالطعام ،فمهما كان الطعام لذيذا فلا يستطيع ان يصبر عليه بل يريد التنوع في الطعام ولذلك خلق الله الكون وفيه هذا التنوع العجيب وعلى سبيل المثال نرى الفصول الاربعة  الصيف والشتاء والربيع والخريف ،والتنوع في البحار والمحيطات والانهار ،والتنوع في الجبال والسهول والهضاب ،وهكذا نرى التنوع في الطعام وانواعه الكثيرة وهذه النعم خلقها الله للانسان لذلك على الانسان ان لا يحرم تفسها منها كما قال تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ([1])

الثاني : الله يستجيب لبني اسرائيل في طلب تغيير الطعام

كان الطعام الذي يتناولونه بنو اسرائيل وفق المقاسات من اجود الطعام وقد قال لهم موسى عليه السلام قال ان ما تاكلونه هو خير مما تطلبون ومع ذلك ارادوا تغيير الطعام الى هذه الانواع الاخرى ( من بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا) وقد استجاب الله تعالى الى بني اسرائيل طلبهم في تغيير الطعام لانه اعرف بنفوس الناس وان الانسان لا يستطيع ان يصبر على طعام واحد ومهما كان هذا الطعام الا الانبياء عليهم السلام فهم مسلمون لله تبارك وتعالى وان الطعام بالنسبة لهم ليس للذة وانما للبقاء فهم ياكلون من اجل العيش ولا يعيشون من اجل ان ياكلوا .

الثالث : طلب استبدال الطعام لم يكن معصية

لعل البعض من المفسرين ذهب الى القول بان بني اسرائيل عصوا بطلبهم تغيير الطعام لانهم كانوا ياكلون الافضل ،لذلك قال الاندلسي : (وأكثر أهل الظاهر من المفسرين على أن هذا السؤال كان معصية ، قالوا : لأنهم كرهوا إنزال المن والسلوى ، وتلك الكراهة معصية ، ولأن موسى وصف ما سألوه بأنه أدنى وما كانوا عليه بأنه خير ، وبأن قوله : ( أتستبدلون ) هو على سبيل الإنكار ) ([2]) .

ولكن كما قلنا في ما تقدم ان الله اعرف بطبيعة الانسان، وكذلك لو كان معصية لما استجاب الله لهم فقال تعالى (اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ).

الرابع : الذلة والمسكنة والغضب الالهي مصير اليهود

قوله تعالى (وضربت عليهم الذلة) ليس لها علاقة بسؤالهم عن تغيير الطعام ،وذلك ان الله استجاب لهم ولكن ضربت عليهم الذلة والمسكنة وابدلهم الله من بعد العز ذلا لا يبارحهم ابدا الى يوم القيامة ، لان بني اسرائيل وكما نراهم اليوم وعلى مر تاريخهم امة منحرفة وفاسدة وضالة ومضلة لا يفيد فيها الايات والبينات والمعاجز ومواعظ الانبياء عليهم السلام ووجودهم بينهم ،ولذلك قال تعالى فيهم( ضربت عليهم الذلة والمسكنة)  لانهم .

1- كفروا بايات الله ، فكم من اية من ايات الله كفروا بها ولم يؤمنوا بها …..؟

2- قتلهم الانبياء عليهم السلام ؟ فبدل ان ينصروهم قتلوهم وقد جاء الانبياء من اجل انقاذهم من الضلال والجهل، فهم قتلوا شعيا وزكريّا ويحيى وغيرهم من الانبياء عليهم السلام ،وهذا من الجرائم الكبرى والعصيان والاعتداء .

قال القاسمي : (وهذا الخبر الذي أخبر الله تعالى به هو معلوم في جميع الأزمنة، فإن اليهود أذل الفرق، وأشدهم مسكنة، وأكثرهم تصاغرا، لم ينتظم لهم جمع، ولا خفقت على رؤوسهم راية، ولا ثبتت له ولاية، بل ما زالوا عبيد العصى في كل زمن، وطروقة كل فحل في كل عصر، ومن تمسك منهم بنصيب من المال، وإن بلغ في الكثرة أي مبلغ، فهو مرتد بأثواب المسكنة) ([3]) .

____________________________________________

([1]) سورة  الأعراف : الاية ٣٢ .

([2])البحر المحيط في التفسير : أبو حيّان الأندلسي :ج 1  :ص 374 .

([3])تفسير القاسمي محاسن التاويل : القاسمي :ج 1 : ص 315 .

 492 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *