سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى ( أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى ….) 45

تفسير قوله تعالى ( أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى ….) 45

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (45)

قال تعالى ( أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ، وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة البقرة الاية من 108 الى 109 .

في هاتين الايتين مطالب عدة نتعرض لها

الاول : الوعي في السؤال        

السؤال المفيد والذي يشكل قيمة علمية وعملية ويضيف رصيدا معرفيا وسلوكيا في حياة الانسان والمجتمع دليل الوعي والتعقل ، واما السؤال الذي لا يزيد الانسان وعيا ومعرفة فهو دليل الجهل والتخبط والفوضى الفكرية التي يعيشها الانسان .؟ لذلك ومن اجل الفائدة ومن اجل المجتمع يجب ان يتعلم الانسان السؤال المفيد الذي يمكن ان يخدم الانسان والمجتمع ولا سيما في محضر الانبياء والاولياء عليهم السلام لان وجودهم فرصة لا يمكن ان تعوض ،لذلك كان امير المؤمنين عليه السلام يقول (سلوني قبل أن تفقدوني، فأنا عيبة رسول الله ،فاسألوني قبل أن تفقدوني، فوالذي نفسي بيده، لا تسألوني عن شئ فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة، إلا أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها ….، سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين جوانحي علما جما، فسلوني قبل أن تبقر برجلها فتنة شرقية ….وكذلك الروايات الكثيرة من طرق العامة في قوله: سلوني قبل أن لا تسألوني ولن تسألوا بعدي مثلي([1])  .

 وهنا يذكر الله الذين يسئلون المسلمين باسئلة اليهود التافهة والتي لا قيمة لها والتي صارت سببا في ضلالهم وانحرافهم بانكم ايها المسلمون يجب عليكم ان تبتعدوا عنها لانها لا فائدة منها .

الثاني : من هم السائلون

اختلف المفسرون في الذين سالوا فهل هم المسلمون الذين كانوا يسالون النبي اسئلة تافهة لا قيمة لها ، ام كفار قريش ، ام اليهود ، وكل مفسر له دليله في ما يذهب اليه .

قال البيضاني : قيل: نزلت في أهل الكتاب حين سألوا أن ينزل الله عليهم كتابا من السماء. وقيل: في المشركين لما قالوا ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه([2])  .

وقال الرازي : المراد اليهود ، وهذا القول أصح ؛ لأن هذه السورة من أول قوله : ( يابني إسرائيل اذكروا نعمتي ) ([3])  . حكاية عنهم ، ومحاجة معهم ، ولأن الآية مدنية ، ولأنه جرى ذكر اليهود وما جرى ذكر غيرهم ، ولأن المؤمن بالرسول لا يكاد يسأله ، فإذا سأله كان متبدلا كفرا بالإيمان([4])  .

الثالث : ما هي اسئلة اليهود

تعرض القران الكريم الى بعض من الاسئلة التي سالها اليهود موسى عليه السلام ،وهي سؤالهم ان يروا الله جهرة كما في قوله تعالى (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السمآء فَقَدْ سَأَلُواْ موسى أَكْبَرَ مِن ذلك فقالوا أَرِنَا الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتخذوا العجل مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينات فَعَفَوْنَا عَن ذلك وَآتَيْنَا موسى سُلْطَاناً مُّبِيناً ) ([5])  . وقد سأل أهل الكتاب والكفار رسول الله صلى الله عليه واله كما يروي لنا القرآن الكريم: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً ، أَوْ تُسْقِطَ السمآء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بالله والملائكة قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ ترقى فِي السمآء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً ) ([6])  .

الرابع : اقتراح الاسئلة على الانبياء تؤدي الى الضلال

الله تعالى عندما يبعث الانبياء والرسل يبعثهم بالحجة الواضحة والبينة وكل ما يحتاج اليه المجتمع في تنظيم شؤونه وفائدته ،ولذلك لا داعي الى اقتراح الاسئلة والتي تسبب الضلال وسوء العاقبة، كمثال سؤالهم ان يجعل البحر يابسة او يجعل التراب ذهبا او يجعل الصحراء حديقة غناء جميلة او يجعل الشيخ الكبير ولدا ويرجعه الى شبابه وهكذا ، نعم الله قادر على ذلك وكل شيء في الوجود ، ولكن لا فائدة من السؤال لان الله اجرى الامور باسبابها فلا داعي لهذه الاسئلة والتي سوف تسبب لكم الضلال والانحراف بعد وضوح البينة والدليل على الرسالة والنبوة ،ولذلك قال تعالى ( وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) .

 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم  استطعتم ([7]) .

الخامس : الانسان الضال يتمنى  الاخرين يكونون مثله

لا ادري لعلها قاعدة للكثير من الناس ،بعض الفاسدين والمنحرفين في الاخلاق لا يكتفي بفساده وانحرافه هو بل يتمنى ان يفسد الاخرون ،بعض الجهلة يتمنى ان يكون الناس كلهم على شاكلته في الجهل ،بعض المجرمين القتلة يتمنى ان يكون الناس على شاكلته ،بعض الفوضويين والذين هم ضد النظام والقانون يتمنون ان يكون الناس جميعا على شاكلتهم ،وهكذا اليهود واهل الكتاب بعد ما تبين لهم الحق وان النبي الخاتم ’ يمثل الحق والصدق ،ولكنهم ولانهم متمسكون بمواقعهم ومناصبهم يتمنون ان يكون المسلمون الذين امنوا برسالة النبي ’ ان يرجعوا الى شركهم وكفرهم ،ومع ذلك طلب الله من المؤمنين انيلزموا الصفح والعفوا عنهم في هذا الوقت ولا تقاتلونهم الى ان يامركم الله بذلك …..؟ .

قال ابن الجوزي : “ود” أحب وتمنى .  والمعنى مودتهم لكفركم من عند أنفسهم ، لا أنه عندهم الحق ،وقوله تعالى: حتى يأتي الله بأمره قال ابن عباس: فجاء الله بأمره في النضير بالجلاء والنفي ، وفي قريظة بالقتل والسبي([8]) .

____________________________________________

([1]) مستدرك سفينة البحار ، الشيخ علي النمازي ، ج 3 ،ص 100 .

([2])تفسير البيضاوي (البيضاوي) ، ج1 ،ص381 .

([3]) سورة البقرة : 47 .

([4])تفسير الرازي مفاتيح الغيب او التفسير الكبير (الرازي، فخر الدين) ، الجزء : 3 ، الصفحة : 644

([5]) سورة النساء : الاية 153 .

([6])[الإسراء: ٩٠-٩٣]

([7]) صحيح البخاري ، البخاري ، ج 8 ، ص142 .

([8]) زاد المسير في علم التفسير (ابن الجوزي) ، ج 1 ، ص 101 .

 443 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *