سرخط خبرها
خانه / تفسير القران / سورة البقره / تفسير قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ……) 68 .

تفسير قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ……) 68 .

في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (68)

قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ) سورة البقرة الاية من 161الى 162 .

نتعرض في هاتين الايتين الى مطالب

الاول : تعريف الكفر لغة واصطلاحا

1- الكفر في اللغة ،بمعنى الستر والتغطية ،فكانما الكافر يستر ويغطي الحق ،ولذلك الزارع يسمى كافرا لانه يغطي ويستر الحب تحت الارض ([1]) .او كما قال الفراهيدي : الكفر  الجحد والإنكار، ضدّ الإيمان ، الكفر: نقيض الايمان. ويقال لاهل دار الحرب: قد كفروا، أي: عصوا وامتنعوا. والكفر: نقيض الشكر. كفر النعمة، أي: لم يشكرها([2]).

2- الكفر اصطلاحا ، الاعراض وعدم الايمان بالله ورسله وملائكته……. ،ولاي سبب من الاسباب ادت الى الكفر سواء الحسد او التكبر او اتباع الهوى او التقليد الاعمى او الجهل ..؟

الثاني: انواع الكفر

يمكن القول ان الكفر بانواعه يجمعه عدم الشكر لله تعالى فالانسان عندما يرفض او يجحد او يعرض او يرفض احكام الله تعالى وقوانينه التي سنها من اجل نظام العالم والدين والنظام الاجتماعي فهو كافر بالله تعالى .

قال الفراهيدي :  والكفر أربعة أنحاء: كفر الجحود مع معرفة القلب، كقوله [ عز وجل ]: ” وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ” وكفر المعاندة: وهو أن يعرف بقلبه، ويأبى بلسانه. وكفر النفاق: [ وهو أن ] يؤمن بلسانه والقلب كافر. و [ كفر الانكار ]: وهو كفر القلب واللسان([3]).

الثالث : الكفر بالله انحراف في الفطرة والعقل

ادراك وجود الله بديهي وفطري وعقلي ، كما قال تعالى (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا  لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) ([4]). وقد ورد عن الائمة ان هذه الفطرة هي فطرة التوحيد ،عن هشام بن سالم، قال : سألت الإمام الصادق (عليه السلام) : ما المراد من قوله تعالى : فطرة الله التي فطر الناس عليها… فقال ” هي التوحيد “([5]).

والعقل يدرك ان كل شيء في الوجود له سبب في وجوده ،والعقل يدرك ان هذا الوجود الجميل والمنظم بشكل عجيب يستحيل قد اوجد نفسه بنفسه ،فلا يمكن للصدفة ان توجد ابسط الاشياء فكيف توجد هذا العالم المنظم فارجع البصر هل ترى من فطور .

لذلك  قال ابن المعتز:

فيَا عَجَبَا كيفَ يَعصِي الإلهَ **** أمْ كيفَ يجحدهُ الجاحِدُ

وللهِ فِي كلِّ تحرِيكَة ٍ *** وفي كلّ تَسكينَة ٍ شاهِدُ

وفِي كلِّ شيءٍ لَهُ آية ٌ *** تَدُلّ على أنّهُ الواحِدُ”([6]).

وقال شاعر اخر

قالَ المَنجّمُ والطّبيبُ كِلاهما *** لا تُحشَرُ الأجسادُ؛ قلتُ: إليكما

إن صَحّ قولُكما، فلستُ بخاسرٍ*** أو صَحّ قولي، فالخَسارُ عليكما

طَهّرْتُ ثَوْبي للصّلاةِ، وقبلَهُ *** طُهرٌ، فأينَ الطّهرُ من جسديكما؟

وذكرتُ رَبّي، في الضّمائرِ، مؤنساً **** خَلَدي بذاكَ، فأوحِشا خَلَديكما”([7]).

ولذلك ان الكفر يعني وجود الخلل والمرض والانحراف في العقل والفطرة ،ولا يمكن للانسان العاقل وصاحب الفطرة السليمة ان ينكر وجود الله تعالى الخالق لكل شيء في الوجود .

الرابع: استحقاق خلود العذاب للكافرين

الكافر استحق دخول النار والعذاب الدائم لانه جحد بالله خالقه ومالكه وانكر الرسالات الالهية وكل القيم وترك عقله وفكره وفطرته مع وجود الادلة الكثيرة على وجود الله ، واتبع هواه ودنياه ولم يسمع لانبياء الله واوليائه الذين سعوا من اجل خلاصه من النار ،لذلك سوف يتركه الله في الاخرة في العذاب خالدا ولا ينظر اليه فيعتذرون كما قال تعالى ( وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) ([8]). ولا يغيثهم ولا يمهلهم ولا ينظر اليهم وان استغاثوا بالله تعالى  كما قال تعالى (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ  إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ  بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ) ([9]).

الخامس : لا يجوز اللعن الا لمن خصهم الله باللعن

لا يجوز اللعن وهو من المحرمات والكبائر في الدين وقد جاء في الاثر عن المعصومين عليهم السلام (ان اللعنة إذا خرجت من صاحبها ترددت ، فان وجدت مساغا ، وإلا رجعت على صاحبها ) ([10]).

ولكن هناك بعض الناس اجاز الله لعنهم في الدنيا وهم الكافرون ،والظالمون ،والفاسدون الذين يفسدون ولا يصلحون في المجتمع ،وقد وردت الايات في لعن هؤلاء ؟

__________________________________________________

([1])معجم مقاييس اللغة ، أحمد بن فارس بن زكريا ( ابن فارس ) ، ج 5 ، ص191 .

([2])كتاب العين ، الخليل بن احمد الفراهيدي ، ج 5  ،ص 356 ، لسان العرب  12: 118. المصباح المنير: 535. القاموس المحيط 2: 180.

([3]) كتاب العين المؤلف : الخليل بن احمد الفراهيدي    الجزء : 5  صفحة : 356

([4]) سورة الروم : الاية 30 .

([5]) بحار الأنوار – ط مؤسسةالوفاء المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 67  صفحة : 132

([6]) تفسير ابن كثير (ابن كثير) ، ج 1 ، ص 26 المحاسن والمساوئ (البيهقي، إبراهيم) ، ج 1 ، ص 159 .

([7])منية المريد (الشهيد الثاني) ، الجزء : 1 ، الصفحة : 247  تفسير القاسمي محاسن التاويل (القاسمي) ، ج 4 ، الصفحة : 341

([8]) سورة الكهف : الاية 29 .

([9])  سورة المرسلات : الاية 36 .

([10])ألف حديث في المؤمن المؤلف : الشيخ هادي النجفي    الجزء : 1  صفحة : 204

 430 total views,  1 views today

درباره ی mohamed baqr

همچنین ببینید

تفسير قوله تعالى(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ …..) 136.

ليس وظيفة الانبياء اجبار الناس على الايمان ولا اجبارهم على الاتصاف بصفات الكمال والسجايا الكريمة في النفس واخراج الصفات السيئة من نفوسهم من المن والتثاقل في الانفاق ، وانما وظيفة الانبياء هو التبليغ والارشاد بافضل الوسائل الممكنة من اجل ان تصل اليهم الفكرة المراد تطبيقها في واقع الحياة ،واما الهداية الى الايمان الخالص او الى السجايا الكريمة في النفس فتنفتح النفس على الايمان والانفاق بدون المن والاذى والتثاقل فتبقى في علم الله تعالى فهو اعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى بالاضافة الى وجود الالطاف الالهية لبعض الناس الذين يشملهم الله بلطفه بعد ان اوجدوا مقدمات الهداية باختيارهم .  

پاسخی بگذارید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *